سعيا إلى توفير جميع الظروف الملائمة الكفيلة بضمان انطلاقة جيدة للموسم الفلاحي 2012- 2013، جرى اتخاذ عدد من التدابير العملية الرامية إلى منح دعم قوي لمختلف البرامج والمشاريع المسطرة في إطار مخطط "المغرب الأخضر" منها، على الخصوص٬ الحث على استعمال بذور الحبوب المعتمدة وتكثيف استعمال الأسمدة وتنفيذ البرنامج الوطني للاقتصاد في الماء٬ إلى جانب تحسين نظام التأمين الفلاحي وتعزيز دعم صندوق التنمية الفلاحية. ويجسد إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ أمس الاثنين، بمكناس٬ على إعطاء انطلاقة عملية "تويزا"، التي تصادف انطلاق الموسم الفلاحي 2012-2013، الاهتمام الخاص الذي ما فتئ جلالته يوليه لمسلسل تطوير القطاع الفلاحي، وتسريع وتيرة تنفيذ مختلف المشاريع والبرامج المسطرة في إطار مخطط "المغرب الأخضر"٬ اعتبارا لأهميته البالغة في دعم الاقتصاد القروي٬ كما يترجم حرص جلالته الدائم على الرقي بمستوى الفلاح المغربي٬ لاسيما صغار الفلاحين٬ عبر مساعدتهم على تطوير مردوديتهم وتحسين جودة منتوجاتهم الفلاحية. وكتشخيص أولي للظروف المناخية التي انطلق فيها الموسم الفلاحي الحالي٬ بلغت التساقطات المطرية الأخيرة التي همت مختلف مناطق الإنتاج٬ إلى غاية 28 شتنبر 2012، حوالي 22 ملم مقابل 4 ملم برسم الموسم الفارط، و 10,5 ملم في سنة عادية٬ مما سينعكس إيجابا على القطاع الفلاحي بصفة عامة٬ سيما من خلال التحفيز على الزرع المبكر بالنسبة للحبوب٬ وإيجاد ظروف ملائمة لنمو الأشجار المثمرة وتحسن جودة الثمار٬ وكذا تحسن الغطاء النباتي بالمناطق الرعوية٬ مما سيساهم في رفع الموفورات الكلئية بالنسبة للماشية. وفي إطار عملية "تويزا" سيجري توفير حوالي 1,5 مليون قنطار من البذور المعتمدة للحبوب٬ أي بزيادة قدرها 18 في المائة مقارنة مع معدل المواسم الثلاثة الأخيرة٬ مع رصد 250 مليون درهم كدعم لاستعمال البذور المعتمدة٬ إلى جانب تزويد السوق بمليون طن من الأسمدة٬ منها 480 ألف طن من أسمدة العمق٬ مع إعطاء انطلاقة قافلة المجمع الشريف للفوسفاط للمساهمة في ترشيد استعمال الأسمدة٬ فضلا عن إطلاق "مبادرة سماد" بشراكة مع المجمع٬ بهدف تحقيق تنظيم أفضل لسوق الأسمدة وضمان تزويد السوق بالكميات الكافية من مختلف الأسمدة، خاصة بالمناطق النائية٬ والحفاظ على استقرار أثمنة الأسمدة الفوسفاطية عند الفلاح في مستوى الموسم الفارط. والأكيد٬ أن اختيار صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ حفظه الله٬ إعطاء انطلاقة الموسم الفلاحي لهذه السنة بعملية "تويزا" يعد تجسيدا بليغا لسير جلالته على نهج جده أب الأمة المغفور له الملك محمد الخامس٬ طيب الله ثراه٬ الذي أسس لهذا التقليد المحمود بعد رجوعه من المنفى٬ كجزء من برنامج الإصلاح الفلاحي٬ حيث وجه رحمه الله نداء للفلاحين في 13 شتنبر 1957 بين فيه مقاصد مشروع التجديد الفلاحي الذي يصبو إليه. ومن أجل تموين أفضل للسوق الداخلي من الحبوب٬ سيتم خفض الرسوم الجمركية لاستيراد القمح اللين ابتداء من فاتح أكتوبر 2012، كما سيجري الرفع من المساحة المعنية بنظام التأمين الفلاحي المتعدد المخاطر للحبوب والقطاني بهدف تغطية مساحة 500 ألف هكتار عوض 300 ألف هكتار في الموسم المنصرم 2011-2012، مع توسيع تطبيق هذا المنتوج ليشمل سلسلة الأشجار المثمرة. كما سيجري في إطار الجهود الرامية إلى حماية القطيع على مواصلة تزويد المناطق المتضررة من الجفاف خلال فترة الخصاص الكلئي ب1,24 مليون قنطار من الأعلاف المدعمة لفائدة 48 إقليما٬ بغلاف مالي يناهز 160 مليون درهم٬ إلى جانب إعداد عقد برنامج جديد يهم الزراعات السكرية٬ يتوخى تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 53 في المائة في أفق سنة 2020 (عوض 35 في المائة حاليا). أما في مجال السقي وتهيئة المجال الفلاحي٬ ستجري مواصلة تنفيذ البرنامج الوطني للاقتصاد في الماء عبر التحفيز على تجهيز الضيعات الفلاحية بنظام الري الموضعي٬ وكذا مواصلة برنامج عصرنة شبكات السقي٬ حيث سيجري متابعة تجهيز الضيعات الفلاحية بنظام الري الموضعي بدعم من صندوق التنمية الفلاحية٬ بما يشمل إنجاز قرابة 50 ألف هكتار برسم سنة 2013، بكلفة إجمالية تناهز مليارا و500 مليون درهم٬ إلى جانب مواصلة الأشغال المندرجة في إطار برنامج تدارك الفارق بين المساحات القابلة للسقي والمساحات المجهزة٬ على مساحة 35 ألفا و650 هكتارا. كما سيجري تشجيع الاستثمارات في الميدان الفلاحي، من خلال إعانات جديدة تهم٬ غرس أنواع جديدة من الأشجار المثمرة٬ وتكثيف الإنتاج النباتي والحيواني٬ والتجهيز بالمعدات الفلاحية، وإنشاء وحدات تثمين المنتجات الفلاحية٬ وإنعاش وتنويع الصادرات الفلاحية٬ إذ سيصل مبلغ الإعانات المرتقب منحها خلال سنة ٬2013 إلى نحو 3 ملايير و20 مليون درهم (أي زائد 14 في المائة مقارنة مع سنة 2012)٬ من أجل استثمار إجمالي يناهز 8,6 ملايير درهم. والأكيد أن مختلف هذه التدابير المهمة كفيلة بإيجاد الأرضية المواتية لجعل القطاع الفلاحي يحقق أهدافه المسطرة في إطار مخطط "المغرب الأخضر"٬ ومن ثم تعزيز مساهمة هذا القطاع الأولي في النسيج الاقتصادي الوطني٬ بما يجعل المغرب يحقق الإقلاع التنموي المنشود.