شملت التدابير التقشفية التي اعتمدتها الحكومة الإسبانية برئاسة ماريانو راخوي، الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراساتهم العليا بإسبانيا، بعد القرار الحكومي القاضي بالرفع من واجبات التسجيل، ما خلف لديهم موجة من الاستياء والغضب. وكانت الحكومة الإسبانية، التي يقودها الحزب الشعبي المحافظ صادقت أخيرا، على مرسوم يجبر الطلبة الأجانب خارج الاتحاد الأوروبي بدفع مجموع تكاليف التسجيل في الجامعات الحكومية، بدعوى أن الدولة سوف لن تتحمل، ابتداءا من الدخول الجامعي المقبل أداء أي جزء من هذه التكاليف. وإزاء هذه الوضعية وجد الطلبة المغاربة، الذين يتابعون دراساتهم العليا في عدد من الجامعات الإسبانية، خصوصا بجهات الأندلس ومدريد وكاطالونيا، أنفسهم أمام "وضعية شاذة وصعبة"، خصوصا بالنسبة إلى أولئك الذين سبق أن تابعوا دراساتهم في المدارس الإسبانية سواء بداخل التراب الإسباني (أبناء الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا البالغ عددها حوالي مليون شخص)، أو أولئك الذين تابعوا دراساتهم الابتدائية والإعدادية والثانوية في مختلف المدارس الإسبانية، بعدة مدن مغربية، من بينها تطوان، والرباط، والدارالبيضاء، والناظور، والعرائش. كما سيتضرر جراء هذا القرار، الذي اتخذه وزير التربية والثقافة الإسباني٬ خوسي إيغناثيو بيرت٬ المئات من الطلبة الذين تابعوا دراساتهم في المؤسسات التعليمية المغربية، واجتازوا مباريات الاختيار "سيليكتيبيداد" للدراسة في الجامعات الإسبانية في عدد من التخصصات، خصوصا بكليات الطب والصيدلة والعلوم والهندسة. لكن وضعية هؤلاء تظل أقل صعوبة على اعتبار أنه يمكنهم الانتقال إلى جامعات أوروبية أخرى لمواصلة تكوينهم الجامعي بلغات أخرى مثل الفرنسية والإنجليزية بخلاف أولئك التلاميذ، الذين درسوا منذ نعومة أظافرهم، أساسا باللغة الإسبانية، سواء بالمغرب أو بإسبانيا. وفي هذا الصدد٬ أعرب سعيد رحيم، العضو المؤسس لجمعية الجامعيين المغاربة في إسبانيا٬ في تصريح لمكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بمدريد٬ عن "قلق" الطلبة المغاربة، الذين يتابعون دراساتهم الجامعية في إسبانيا (أزيد من ثلاثة آلاف طالب)، إزاء الانعكاسات السلبية المحتملة لهذا القرار على وضعيتهم. وأبرز الجامعي المغربي، أن هذا القرار قد يدفع العديد من الطلبة الجامعيين من خارج بلدان الاتحاد الأوروبي على التخلي عن مواصلة دراستهم في الجامعات الإسبانية٬ مشيرا إلى أنه يتعين بموجب هذا القرار "التعسفي" دفع ما بين 6000 و9000 أورو في السنة، عوض مبلغ ألف أورو، الذي يدفعه حاليا هؤلاء الطلبة. وأكد سعيد رحيم، أن مثل هذه القرارات ستؤدي إلى عدم تشجيع الطلبة القادمين من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، والبالغ عددهم حوالي 44 ألف طالب٬ خصوصا من المغرب وبلدان أمريكا الجنوبية٬ على متابعة تعليمهم العالي في إسبانيا٬ خصوصا منهم الذين يتابعون على نفقتهم التحضير لمباريات الاختيار "سيليكتيبيداد" للدراسة في الجامعات الإسبانية في العديد من المعاهد الخاصة بالخارج. وأشار العضو المؤسس لجمعية الجامعيين المغاربة في إسبانيا إلى أن مثل هذه الإجراءات ستؤثر بشكل "سلبي" على الآفاق الجامعية والمهنية المستقبلية للطلبة الجامعيين في عدد من البلدان النامية في إفريقيا والعالم العربي، التي تعاني غياب بعض التخصصات في مؤسسات التعليم الجامعي. في هذا الإطار٬ أكد أن جمعية الجامعيين المغاربة في إسبانيا على غرار باقي جمعيات الطلبة الأجانب في الجامعات الإسبانية تدعو الحكومة اليمينية إلى التراجع عن هذا القرار والحفاظ على حق الطلبة الأجانب في ولوج الجامعات العمومية الإسبانية، وفقا للشروط المفروضة على الطلبة الإسبان والأوروبيين نفسها. في هذا الصدد٬ ينظم الطلبة المغاربة بإسبانيا، إلى جانب الطلبة الأجانب خارج الاتحاد الأوروبي حملة عبر الإنترنت للاحتجاج على القرار الجديد الذي صادقت عليه الحكومة الإسبانية للتمييز بين الطلبة الأجانب والطلبة الإسبان والأوروبيين. وجرى في هذا الإطار إحداث موقع إلكتروني لجمع توقيعات الطلبة الجامعيين المغاربة بإسبانيا للاحتجاج على قرار وزارة التربية والثقافة الإسبانية ولحثها على التراجع عن هذا القرار، الذي يخرق الحقوق الأساسية التي يضمنها الدستور الإسباني في مجال الحق في التعليم، وضمان المساواة بين جميع المواطنين، وعدم التمييز بينهم في ما يخص التعليم.(و م ع)