أكد رشيد وهابي، المحامي بهيئة الجديدة، وعضو "الجمعية المغربية للنقد القانوني"، أن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، الذي أطلقته وزارة العدل بإشراف خاص من جلالة الملك، فكرة ومدخل جيدان ويرومان الإصغاء والاستفادة من جميع المتدخلين في قطاع القضاء، ومكونات العدالة المغربية، بغاية معرفة تصوراتهم ورؤيتهم للإصلاح المتوخى. وقال وهابي، في تصريح ل"المغربية"، إن "الغاية أكيدة من الحوار الوطني، وتتحدد في تجميع خبرات وطروحات الجهات المدعوة، بمختلف مشاربها ومواقعها، حتى يختمر لدى الداعين للحوار تصور شمولي لكيفيات بدء إصلاح منظومة العدالة"، موضحا أن "الحوار الوطني مطالب بأن يكون موضوعيا وواقعيا وصادقا، يرصد بكل شفافية ودون مجاملات، اختلالات العدالة المغربية ومكامنها، ويسعى بكل الوسائل المتاحة إلى إصلاح ومداواة هذه الاختلالات وعلاجها". وتمنى وهابي ألا ينظر القائمون على إصلاح العدالة لآلياته من برج عال أو أكاديمي صرف، يبتعد عن أرض الواقع، ويكتفون بالمرور على سطح المشاكل والنتوءات، ولا ينفذون إلى جوهرها وعمقها. وبخصوص الجهة الساهرة والمستهدفة بإيجاد الحلول الناجعة لإصلاح العدالة، أكد الباحث القانوني أن إصلاح العدالة ورش لا يعني القضاة والمحامين والمتقاضين وحدهم، بل يشمل كل المغاربة، المقيمين منهم على أرض الوطن، أو الذين هم في بلدان المهجر، وكذا المستثمرين الأجانب بالمغرب ويتعين على كل أطياف المجتمع أن تشارك فيه. وأشاد وهابي بتنوع وكفاءات الأسماء المكونة للهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، سواء على المستوى الأكاديمي العلمي، أو على المستوى العملي الوظيفي. معتبرا أن من شأن هذا التنوع أن يثري النقاش، ويفتح أبوابه على جوانب جديدة مفيدة لإصلاح العدالة المغربية. وأضاف أن الهيئة المكلفة بإدارة الحوار حول إصلاح العدالة جاءت شاملة، إذ إن جميع الأطياف ممثلة فيها، من أشخاص، وجماعات، ومؤسسات، وأحزاب وازنة في المجتمع، وهذا "يدل بالواضح والملموس على الروح التشاركية والجماعية للحالمين بإنجاح هذا المشروع المجتمعي الطموح". وحول محاور الحوار الوطني، يرى وهابي أنه سينطلق من دراسة أربعة محاور، يتعلق الأول بتأهيل وتخليق المهن القضائية، وينشد هذا المحور الإصلاح من خلال التركيز على الفاعلين في ميدان العدالة، من قضاة، ومحامين، وموظفي المحاكم، ومفوضين قضائيين، وخبراء، ورجال الضابطة القضائية، من درك وشرطة، بالتركيز على سبل تطوير مهاراتهم المهنية والمعرفية، مع الحرص على جانب التخليق والتوعية بأهمية عملهم الشفاف، المستقل عن جميع الشوائب، في بناء المجتمع، وعدالة قوية بيضاء، تحظى بالتقدير والاحترام والتوقير، من قبل كل أفراد ومكونات المجتمع. أما المحور الثاني فيروم، حسب الباحث، تسهيل وصول المتقاضي بيسر إلى العدالة، وتسريع وتيرة إجراءات التقاضي والعدالة، وإرجاع ثقة المغربي في نجاعة وسرعة وقوة عدالة بلاده. وحدد وهابي المحور الثالث في المحاكمات الجنائية وكيفية ضمانة المحاكمة العادلة للجميع، متهمين وضحايا، جنحا كانت أم جنايات، ويحاول المحور الرابع تكريس مبدأ استقلال القضاء، الذي أتى به الدستور، والذي كثرت فيه أخيرا الفتاوى والكتابات، وسبل ترسيم هذه الحدود، وتقسيم الأدوار والمواقع، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني أن الحوار سينحصر في هذه النقاط، وقد يمتد إلى محاور أخرى، يرى المتحاورون أنه يتعين مناقشتها وإدخالها في مساحة الحوار. وختم وهابي ملاحظاته بالتساؤل عما بعد هذا الحوار الوطني، واعتبر أن السؤال لم يحن بعد وقت طرحه، غير أنه شدد على أن القائمين عليه مطالبون بالبدء في التفكير عن إجابة تثلج صدور المنتظرين مياه العدالة المغربية المصفاة بعد الحوار، واستحضر قولة "ليس هناك أصعب من البداية في كل الأمور". وأضاف أن بداية الحوار تبدو صعبة، غير أنها انطلقت، وأن الطريق نحو الإصلاح، بعد الحوار وتطبيق خارطة الطريق المنبثقة عنه، ستكون صعبة، لكن إذا تكاثفت الإرادات والقوى المشاركة في ورش إصلاح العدالة الكبير، وآمنت بالفكرة، وسعت في سبيل إنجاحها، فإن مرحلة ما بعد الحوار ستنجح.