اعتبر الحسين الوردي، وزير الصحة، أن "المؤسسات الصحية العمومية، تعيش وضعية لا يمكن القفز عليها بسهولة، لما يعرفه الوضع الصحي من اختلالات عديدة، وأحيانا من إهمال" مبينا أن هذه المشاكل لا تخص الوزارة وحدها، وإنما تشمل جميع القطاعات الحكومية، التي تشتغل في مجال توفير البنيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأساسية. وتحدث الوردي، في رده على الأسئلة الشفوية، أول أمس الاثنين، بمجلس النواب، عن خدمات قطاع الصحة، موضحا أن من بين الإكراهات التي تواجه الصحة بالمغرب، انعدام حق ولوج السكان إلى الماء الشروب، والوسائل الملائمة للتطهير، وسكن مأمون وصحي، وتربية صحية وإعلام صحي، وإلى الخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى. وذكر الوزير بغياب الحكامة الجيدة في تسيير المنظومة الصحية، مشيرا إلى "تمركز قوي في اتخاذ القرار، ما يعيق نهج جهوية حقيقية وناجعة، مع انعدام سياسة واضحة تخص الأدوية والموارد البشرية، إلى جانب غياب التكامل بين القطاعين العام والخاص، وغياب منهجية عمل واضحة لاستقبال المرضى في المستشفيات، ولسير عمل المستعجلات". ورصد الوردي مجموعة من المشاكل والتحديات الرئيسية في القطاع، منها صعوبة الولوج إلى العلاجات، إذ لا يتوفر المغرب إلا على سرير واحد لكل ألف نسمة، ولا تبلغ نسبة الاستشفاء سوى 4.7 في المائة، مقابل 14 في المائة في تونس، في حين تبلغ كلفة الولوج إلى الأدوية 400 درهم لكل مواطن، ولا يتوفر المغرب سوى على طبيب واحد لكل ألف و700 نسمة، وممرض لكل الف نسمة. وتحدث الوردي عن وجود عجز مهول في الموارد البشرية، ردا على سؤال حول تردي الخدمات الصحية، إذ تصنف منظمة الصحة العالمية المغرب بين 57 دولة تعاني نقصا حادا في الموارد البشرية، فالمغرب لا يتوفر سوى على 6 أطباء لكل 10 آلاف نسمة ( مقابل 12 و11.9 طبيبا، على التوالي، في تونس والجزائر). ويشهد المغرب خصاصا يقدر ب 9 آلاف ممرض، و7 آلاف طبيب، وتوزيع غير عادل بين الجهات، وبين الوسطين القروي والحضري. وذكر الوردي أن قطاع الصحة يشكو ضعفا في التمويل، إذ لا تمثل ميزانية وزارة الصحة سوى 3,5 في المائة من ميزانية الدولة، بينما تبلغ 4,6 في المائة في تونس، و12 في المائة في لبنان. وتتحدد النفقات الصحية لكل مواطن في 230 دولارا للفرد، مقابل 500 في تونس، و400 دولار بالجزائر، وتبلغ النفقات التي تتحملها الأسر المغربية 57 في المائة، وهو "عبء كبير جدا على المواطن". وأقر الوزير بوجود "ممارسات غير مقبولة داخل القطاع، منها الممارسات غير القانونية لبعض الأطباء والممرضين بالقطاع الخاص، تتنافى مع أخلاقيات المهنة، وسوء استقبال المواطنين، والتدبير السيء للمواعيد، وغياب للتواصل الفعال مع المواطنين، ما أدى إلى عدم ثقة المواطنين بالمنظومة الصحية". وبخصوص صعوبات تنفيذ نظام المساعدة الطبية ) RAMED)، اعتبر الوردي أنها "طبيعية، بالنظر إلى كبر حجم المشروع، الذي يستهدف 8.5 ملايين مواطن، وظروف العمل في القطاع، المتمثلة في نقص الموارد المادية والبشرية، وإلى شبكة العلاجات الأساسية، التي تهم ألفين و700 مركز صحي، المفتوحة أمام المواطنين دون وثيقة أو مقابل". وأشار الوردي إلى أن اجتماعات تعقد كل يوم خميس في وزارة الداخلية لتجاوز هذه الصعوبات، مع إعطاء التعليمات لجميع المسؤولين لتفهم هذا الواقع، ولتذليل الصعوبات أمام المواطنين، حتى يضمنوا حقهم في العلاج، في انتظار أن يستقيم هذا النظام بشكل طبيعي. ودعا إلى تفهم المواطنين وانخراطهم في إنجاح المشروع، مذكرا بإجراءات الوزارة لتجاوز هذه الوضعية، كتعميم نظام التغطية الصحية الأساسية للطلبة والمستقلين، وتعميم نظام المساعدة الطبية، وضمان وتعزيز عرض العلاجات والخدمات الصحية، في ظل تكافؤ الفرص، وإنشاء وتشغيل 20 وحدة طبية لاستعجال القرب، من بين 80 وحدة برمجت بالأقاليم التي لا تتوفر على مؤسسة استشفائية أو بالمناطق البعيدة عن المؤسسات الاستشفائية. وأشار إلى تنظيم قوافل طبية متخصصة، شرعت في العمل منذ فاتح مارس الماضي، مع اقتناء مستشفيين متنقلين، ونهج سياسة تحفيزية لتشجيع العمل بالمناطق النائية، مع ضمان الولوجية إلى المستشفيات، ودمقرطة القطاع، عبر اعتماد مقاربة تشاركية، ومقاربة حقوقية، تضمن حق المواطن في الصحة.