حول رفض الحكومة المسنودة بالأغلبية أخيرا، بمجلس النواب مقترح تعديل المادة 20 من مشروع القانون المالي لتحويل 5 في المائة من مبلغ الاستثمارات لمحاربة آثار الجفاف، جلسة عمومية إلى حلبة لتبادل التهم بين مكونات المعارضة وعلى رأسها حزب الأصالة والمعاصرة، والأغلبية، بزعامة العدالة والتنمية والاستقلال، إلى حد تهديد بعض النواب بالمغادرة ما لم تحصل تنقية وتهذيب الألفاظ المستعملة في مناقشة هذا التعديل. طاهر شاكر، عضو فريق الأصالة والمعاصرة المعارض، صاحب مقترح التعديل المثير للجدل، يكشف في هذا الحوار حقائق وأسرار ما جرى وصار في كواليس البرلمان، حول قضية" العالم القروي ومحنة الجفاف". ماذا اقترحتم، كفريق الأصالة والمعاصرة تشريعيا، بمناسبة مناقشة مشروع القانون المالي للتخفيف من ثقل إكراهات الجفاف على الفلاح بالعالم القروي؟ - لابد من التأكيد أن مشروع قانون المالية الذي جاءت به الحكومة، ما هو إلا ذلك المشروع الذي أعد على عهد الحكومة السابقة، والكل يعلم أن الظروف الاقتصادية، خاصة بالنسبة للفلاح والعالم القروي، التي هيئ فيها ذلك المشروع، وهنا أتحدث عن شهر أكتوبر من عام 2011، تختلف بشكل كبير عن الظروف الاقتصادية التي قدم فيها اليوم إلى مجلس النواب، قصد المناقشة والتصديق، علما أن التصويت على مشروع القانون المالي، وإن جرى حتى في أواخر شهر أبريل الجاري، لن ينفذ بشكل غير منقوص، لأننا سنكون قطعنا نصف السنة المالية في إعداد قانون المالية، ونصفها الآخر في التنفيذ، وهذا وضع غير سليم. لذلك، وعلى ضوء كل هذه المعطيات وغيرها، وفي ظل شبح الجفاف الذي يخيم على سماء العالم القروي بالخصوص، تبين لنا، داخل فريق الأصالة والمعاصرة، أن بلادنا ستكون في حاجة لسد العجز في إنتاج الحبوب بما يقدر بحوالي 50 إلى 60 مليون قنطار، وتوفير 40 مليون وحدة علفية لإنقاذ قطعان الأبقار والأغنام، والمساهمة في دعم مربي الماشية في محنتهم مع الأعلاف، فكان أن اقترحنا كفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب تعديل المادة 20 من مشروع القانون المالي، لتحويل 5 في المائة من مبلغ الاستثمارات المرصودة بموجب هذا القانون نحو صندوق التنمية القروية لمحاربة آثار الجفاف، لكن الحكومة والأغلبية المساندة لها أدارت ظهرها للفلاح والعالم القروي في محنته، وهذا ما سجله ضدها التاريخ. لكن أصوات بالأغلبية تتساءل عن تبريرات مقترح التعديل هذا، إذا كانت الحكومة رصدت ميزانية خاصة للعالم القروي، بل هناك من اعتبر أن ما أثير يدخل فقط في إطار المزايدة السياسوية؟ - لهؤلاء نقول إن تبرير مقترح التعديل لا تحكمه هواجس سياسوية، بقدر ما يشيد على أرضية واقعية، ويحركه واجب التضامن الوطني، وأن الفلاح والعالم القروي "عاق" وأصبح يطالب بحقه في وطنه، ويعرف من يدافع عن مصالحه بصدق، ومن يتخذ ذلك مطية الأغراض أخرى. لذلك، اقترحنا بكل ثقة في النفس، كفريق الأصالة والمعاصرة، تحويل 5 في المائة من مبلغ الاستثمارات، أي 9.4 ملايير درهم إلى صندوق التنمية القروية والجبلية والصحراوية، من أجل التخفيف من وطأة الجفاف، الذي عرفته بلادنا هذه السنة، التي تحملت خلالها الحكومة، بقيادة حزب العدالة والتنمية، تدبير الشأن الحكومي . أما القول أن مشروع قانون المالية يتضمن ميزانية خاصة للعالم القروي، فهذا كلام غير مقبول، خاصة في الظرف الحالي للفلاح والكساب المغربي، الذي يحتاج من شعير الأعلاف فقط 5 ملايين قنطار من السوق الدولية. لكن الحكومة رصدت مبلغ 20 مليار درهم للعالم القروي؟ الحقيقة هي أن 1.5 مليار من أصل 20 مليارا كميزانية الاستثمار فقط هي ما رصد لمحاربة الجفاف بالعالم القروي، والباقي سيصرف في برامج أخرى، كشق الطرقات، وتوزيع المياه الصالحة للشرب، وكهربة المداشر والقرى. وإذا كانت هذه هي نظرة حكومة بنكيران للعالم القروي، فما التعديل الذي تقدمنا به إلا نصيحة وجهناها لها، لا سياسوية تغلفها ولا انتخابوية تحكمها، فهي، فقط، مساهمة واجبة من فريق الأصالة والمعاصرة للحفاظ على استقرار الوطن، لأننا في ظروف غير عادية، وهناك أزيد من 1.5 مليون منصب شغل في القطاع الفلاحي بالعالم القروي فقد بسبب الجفاف، وإذ لم نوفر لهؤلاء القوم الحد الأدنى من تحفيزات التشبث بالأرض والزرع والضرع، فسيزحفون نحو المدن، علما أن وزيرا في الحكومة صرح أن التوقعات تشير إلى أن نسبة سكان المدن ستبلغ 75 في المائة في أفق 2020، لذلك على الحكومة أن تتخلص من ارتباكها، وتسطر استراتجية مستقبلية ذات رؤية واضحة، وفي إطار مقاربة تشاركية، يكون للمعارضة دور اقتراحي ورقابي فيها، كما جاء في الدستور، لتقوية ارتباط الفلاح بالعالم القروي، لأن استقرار المدن من استقرار القرى. اتهمتم الأغلبية بصد أبواب دعمها للعالم القروي لما صوتت ضد مقترح تحويل 5 في المائة من مبلغ الاستثمارات إلى صندوق التنمية القروية والجبلية والصحراوية من أجل التخفيف من وطأة الجفاف، هل تلقيتم منها وعودا بالتصويت معكم؟ - نعم، وهناك محضر لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، الذي يؤكد اتفاق نواب من الأغلبية والمعارضة على تبني مقترح التعديل ذلك، والعمل على دعمه في لجنة المالية بكل تجرد حزبي، لأننا، عندما نكون أمام مصلحة المواطن، يجب أن نكون معها جميعا، لكننا فوجئنا بتصويت الأغلبية ضد تحويل 9.4 ملايير درهم لفائدة صندوق التنمية القروية والجبلية، وهو التعديل الذي تبناه كذلك الفريق الدستوري.