أعلن الحسين الوردي، وزير الصحة، أن الوزارة الوصية على القطاع بصدد اتخاذ الإجراءات والتدابير لتوفير خريطة صحية، قريبا، التي من شأنها تحديد الاحتياجات وضبط الطلبات على الخدمات الصحية عبر مختلف جهات المملكة خلال لقاء نقاش حول "أي سياسة صحية للمغرب خلال الخمس سنوات المقبلة"، نظتمها، مؤسسة "نادي أنتروبروند"، مساء أول أمس الخميس، في الدارالبيضاء. وقال الوردي إن من شأن إخراج خريطة صحية إلى الوجود، أن تساعد على تجاوز العديد من إشكالات القطاع، ضمنها صعوبات الولوج إلى العلاجات في المستشفيات، والخصاص في الموارد البشرية وصعوبات الحكامة. وأوضح الحسين الوردي أن المغرب لا يتوفر على سياسة دوائية، إذ ما يزال العمل بنصوص قانونية تعود إلى سنة 1969 ساريا، وبالتالي فإنها تحتاج إلى إعادة النظر في مقتضياتها وتحيين مضامينها، مشيرا إلى أن الأجهزة في الوزارة بصدد اتخاذ تدابير لتسهيل الولوج إلى الأدوية، ومنها خفض سعر الدواء وتنظيم القطاع. أشار الوزير في الوقت نفسه، إلى أن ضعف القدرة الشرائية للمواطنين تعسر الولوج إلى الأدوية، متحدثا عن وجود تركيبات دوائية تطرح بسعر منخفض جدا. من ناحية أخرى، أكد الوردي على اعتماد وزارة الصحة على تقنيات المعلوميات والفوترة لضبط الحاجيات والتحكم في تسيير نظام المساعدة الطبية "الراميد"، إلى جانب اعتماد مجموعة من الآليات الضرورية لتتبع تفعيل النظام وتقييمه، إن على المستوى المركزي أو الجهوي، منها إحداث مرصد جهوي للتتبع الميداني لأجرأة نظام المساعدة الطبية داخل المستشفيات. وخلال النقاش حول ضعف الموارد البشرية في قطاع الصحة، تطرق الوردي إلى إشكالية عدم احترام التوزيع الجغرافي للأطر الطبية، أو ما أسماه ب"zonage"، مبينا أن التغلب عليه سيجري عبر تمكين المديرين الجهويين من تدبير الموارد البشرية والمالية محليا، خاصة في عمليات التنقيل والتعيين بجهاتهم، حسب الخصاص، واستجابة لحاجيات وانتظارات السكان محليا. وينضاف إلى ذلك، اتخاذ تدابير موازية، منها فتح معاهد جديدة لتكوين الممرضين، وتوظيف مزيد من الأطباء العامين والاختصاصيين، مع إعطاء الأولوية للوسط القروي. في هذا الصدد، أظهر أن أهمية توفير خريطة صحية، لضمان توزيع مفيد للأطر الصحية في المستشفيات، إذ تحدث عن وجود أطباء اختصاصيين، موزعين في مستشفيات، حيث لا يجدون فرص تطبيق مهاراتهم، مثلما تبين من خلال زيارة الوزير إلى مستشفيات طاطا والزاك والنواحي. وعرف اللقاء تدخل عدد من المشاركين في تنشيط محاورة وزير الصحة، الذين لم يفوتوا الفرصة للحديث عن إشكالات قطاع الصحة، إذ وجه بعضهم ملاحظات، بينما وجه البعض الآخر انتقادات في ما يخص تسيير القطاع، علما أن النقاش انصب حول ثلاثة محاور، منها صعوبات الولوج إلى العلاج، وإشكالات خفض سعر الدواء، وإكراهات تعميم نظام المساعدة الطبية. ومن هذه المداخلات، انتقاد وزارة الصحة لعدم توفرها على سياسية صحية واضحة، إلى جانب غياب خريطة صحية، ترسم الاحتياجات الضرورية للمواطنين عبر تراب المملكة، إلى جانب انتقاد ضعف الميزانية المرصودة للصحة، التي لا تتعدى نسبتها 5.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، أي ما قيمته حوالي 500 درهم لكل مواطن في السنة، بمعدل درهم ونصف الدرهم لليوم الواحد للحصول على الخدمات الصحية، وهو ما جعل بعض المتدخلين يدعون إلى ضرورة رفع ميزانية القطاع إلى ثلاث مرات، مما هو معمول به حاليا. وعرف النقاش حول نظام "الراميد" العديد من التساؤلات، إذ تساءل بعض المتدخلين، حول ما إذا كانت الحكومة تسرعت باعتماده، كما جرى التساؤل حول ضمان ديمومة تمويله، إلى جانب الحديث عن صعوبات إنجاحه مع ضعف الموارد البشرية، وما يشكو منه المواطنون من سوء استقبال داخل المؤسسات الصحية. من جهة أخرى، تدخل بعض الصيادلة للحديث عن ضرورة تحسين شروط اشتغال الصيادلة في القطاع العام، والرفع من عددهم، المحدود حاليا في 350 صيدليا، إذ يقترحون تكوين مزيد في صيادلة القطاع العام، وفتح كليات صيدلة جديدة، بينما طالب صيادلة القطاع الخاص، بإلغاء رسوم القيمة المضافة على الأدوية، إلى جانب تساؤلهم حول موقع الصيدلي في مخطط السياسة الصحية، وسبل اعتماد الأدوية الجنيسة في ظل رفض العديد من الفاعلين في القطاع من فرض العمل به. وفي هذا الإطار، دعا وزير الصحة الصيادلة إلى التوحد والتكتل لتشكيل مخاطب وحيد يسهل التواصل مع وزارة الصحة، لتدارس طلباتها. من ناحية ثانية، أشار بعض المتدخلين إلى ارتفاع عدد الأطباء الاختصاصيين في المغرب أكثر من الأطباء العامين، وهو ما يطرح كلفة العلاج، ويضعف التعامل مع طبيب العائلة والطب الوقائي والاحترازي. وفي الحديث عن دور مساهمة المجتمع المدني، تحدث الوردي عن ضرورة التنسيق مع وزارة الصحة، والاشتغال في ظل مخططات الوزارة، لضمان أن تواكب أنشطتهم مخططات الوزارة.