حين تفجر النقاش حول قضية انتحار أمينة الفيلالي، الفتاة القاصر، التي تعرضت للاغتصاب، وجرى تزويجها لمغتصبها، لمداراة القضية ساد الاعتقاد أن الحدث سيقود المغرب نحو خطوة أخرى على درب الإصلاحات التشريعية، التي شهدها خلال العشرية الأخيرة، وكدنا نعتقد أن الجمعيات والفعاليات التي تبنت القضية وأدانتها، واغتنمتها فرصة لمقاضاة القانون الجنائي المغربي، قد شنت حربا على الفصل 475 والقانون برمته، وأن هذه الحرب لن تضع أوزارها إلا بانطلاق مبادرة محسوسة في اتجاه إلغاء هذا الفصل، وكل الفصول التي تتعارض مع روح الدستور الجديد، الذي يجرم العنف ضد النساء، كيفما كانت طبيعته. ولم يكد يمر شهر على انتحار أمينة الفيلالي، هربا من مصيرها الذي حكم عليها به القانون والمجتمع، حتى توارى النقاش، الذي كنا نعتقد أنه صار عموميا، وأن الحدة التي طبعته ستؤدي إلى اتخاذ تدابير تمنع تكرار مثل هذه المأساة. لكن أغلب الجمعيات والفعاليات النسائية والحقوقية التي تبنت القضية، عادت إلى حياتها الطبيعية، وكأنها ركبت فقط على انتحار أمينة من أجل ترويج "ماركتها"، وتسليط الأضواء على أعضائها، وضمان موطئ قدم داخل هذا الجدل. لحسن حظ المرأة المغربية أن بعض مكونات الحركة النسائية مازالت تحفر أسفل أساس بعض بنود القانون الجنائي، من أجل الوصول إلى إسقاطها، وتعديلها، وتعويضها ببنود تحترم حقوق النساء وتحميهن من العنف، سواء النفسي أو الجسدي أو الاقتصادي.