حذر الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الجمعيات المستفيدة من المال العام، بمختلف أشكالها وأهدافها، من مغبة التلاعب في المنح والعطايا، التي تتوصل بها، خاصة التي تحمل طابع المال العام (ايس بريس) معتبرا أن "زمن التساهل وغض الطرف بهذا الخصوص انتهى". وخاطب وزير حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، تمثيليات عن المجتمع المدني خلال نشاط حزبي تواصلي، نظم أول أمس الأحد، بالقنيطرة، قائلا "لا تستغربوا غدا، إذا سمعتم أن رئيس جمعية دخل السجن بتهم نهب المال العام، كما تسمعون اليوم عن محاكمة رؤساء جماعات محلية بتهم الفساد". وشدد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، على أن "لا أحد فوق القانون وأن ربط المسؤولية بالمحاسبة وجب تطبيقه دون تمييز وأن الجمعيات هي سلطة مدنية، لكن ليست فوق القانون". وكشف الشوباني أن وزارته ستعمل في إطار "مقاربة تشاركية" مع مختلف المتدخلين على محاربة "الريع الجمعوي، عبر نشر قائمة الجمعيات والهيئات المدنية المستفيدة من المال العمومي ووجودها على الورق فقط". وقال الوزير "إذا كان نحو 50 في المائة من الجمعيات حصلت على وثائق ميلادها مع انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تصرف أموالا لتمويل مشاريع تنموية لهيئات مدنية، فليس كل الجمعيات المستفيدة انتهازية". وكانت دراسة للمندوبية السامية للتخطيط كشفت أن عدد الجمعيات بالمغرب بلغ، إلى حدود عام 2007 ما مجموعه 44 ألفا و771 جمعية، أي بمعدل 145 جمعية لكل مائة ألف نسمة، مؤكدة أن "4 جمعيات مغربية من ضمن 10 أحدثت منذ إطلاق مبادرة التنمية البشرية". ودعا المسؤول الحكومي "التنظيمات الجمعوية الجادة إلى الانخراط في جلسات الحوار الجهوية، التي ستطلقها الوزارة لتقديم مقترحاتها الإصلاحية، لتطوير عمل المجتمع، ومحاربة البناء العشوائي، وسن خارطة طريق جديدة لمجتمع مدني، روحه الحرية وعمله مطوق بالمسؤولية". وتعهد الوزير بتنظيم مناظرة وطنية حول "حكامة المجتمع المدني" تصدر عنها توصيات تبلور إلى مشاريع قوانين من قبل الحكومة، يساهم في صياغتها نشطاء مدنيون. ونبه الشوباني إلى أن تعليمات صارمة صدرت عن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أكد من خلالها أن أنشطة هيئات المجتمع المدني تكون مسبوغة بالمشروعية بما فيها الاحتجاجات السليمة، شريطة التزامها بالقانون، وعدم إضرارها بالصالح العام والممتلكات الخاصة. وقال "نحن، كوزارة مكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، مع هذا التوجه". وذكر أن الحكومة بصدد بلورة قانون جديد يهم الأشخاص المعاقين، وملاءمته مع تعهدات الاتفاقيات الدولية بعدما "وجدنا قانونا معاقا ينظم وضعية المعاقين"، يقول المسؤول الحكومي. ومن حسنات هذا القانون المنتظر، حسب الوزير، إدراج المعاقين وعائلاتهم ضمن خانة المستفيدين من صندوق التضامن الوطني، الممول من الدولة والقطاع الخاص. ورحب خالد إيزوار، ناشط جمعوي وباحث في علم الاجتماع بكلية بن طفيل بالقنيطرة، بما سماها "المبادرات التي أعلن عنها الوزير الشوباني"، بيد أنه قال بالمقابل إن "التنزيل الحقيقي للدستور يتطلب وقتا كبيرا، وأن مناظرة وطنية لإصلاح أعطاب المجتمع المدني لا تكفي بمعزل عن ربط المسؤولية بالمحاسبة في هذا الباب".