من المفترض أن تكون الجولة التاسعة من المحادثات غير الرسمية حول الصحراء بمشاركة كل من المغرب والجزائر وموريتانيا و"البوليساريو" اختتمت، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء في مانهاست، بضواحي نيويورك. واعتبرت هذه الجولة، التي انعقدت بدعوة من كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، محطة تحضيرية للجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية٬ الرامية إلى إيجاد حل سياسي نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وتدارست الأطراف المشاركة خلال هذه الجولة التاسعة (غير الرسمية)، بشكل معمق، الأفكار الجديدة المرتبطة بالحكامة (مثل البيئة، والموارد الطبيعية، وإزالة الألغام)٬ التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره في أبريل الماضي بمجلس الأمن. وضم الوفد المغربي، الذي قاده وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني٬ كلا من المدير العام للدراسات والمستندات، محمد ياسين المنصوري، والأمين العام للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، ماء العينين خليهن ماء العينين. وحول جديد الجولة التاسعة، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، والمحامي لدى المجلس الأعلى، إن "هذه الجولة (غير الرسمية) تدخل في إطار الإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية، التي ستنظر في عدد من القضايا الأساسية والجوهرية، والهدف الأساسي الذي اختاره المبعوث الرسمي للأمين العام كريستوفر روس لهذه المفاوضات، هو أن تساهم في تعزيز جو الثقة بين الأطراف، وتمكنهم من الإعداد جيدا للجولة المقبلة من المفاوضات، رغم أن هذه العملية استمرت مدة طويلة، وهي في شوطها التاسع، دون أن تحقق أي تقدم كنتيجة حتمية لموقف البوليساريو". وأضاف الحسيني، في تصريح ل"المغربية" أمس الثلاثاء، أن التطورات الأخيرة في منطقة المغرب الكبير "يمكن أن تكون لها آثار إيجابية على تقدم هذه المفاوضات، فرياح الربيع العربي أدت إلى تغيير نظامين مركزيين في المنطقة، وأعطت دفعة قوية للشعوب نحو المطالبة بمزيد من الديمقراطية ولعل من أبرز مظاهر هذه الديمقراطية، تمكين الشعوب من تحقيق وحدتها، وتجاوز الحدود المصطنعة، وتجاوز الكيانات المصطنعة". واعتبر أستاذ القانون والعلاقات الدولية أن منطقة المغرب الكبير شهدت نوعا من "التوجه الإيجابي نحو التطبيع بين النظامين المركزيين في المنطقة، المغرب والجزائر، وهذا التطبيع يحتمل أن يفضي، خلال أشهر قليلة، إلى فتح الحدود المغلقة منذ سنة 1994، لذا، على الجزائر أن تلعب دور المرجح، ودور الحافظ للتوازن في علاقات التفاوض بين المغرب والبوليساريو، عكس ما كانت تلعبه في الماضي". وقال الحسيني إن "المسألة الأمنية في المنطقة أصبحت تكتسي أهمية قصوى في ظل التهديد الإرهابي، الذي تشكله القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالنسبة إلى دول المنطقة، خصوصا ما حدث من بعثرة للسلاح الليبي، بعد انهيار نظام معمر القذافي، وما أفضت إليه هذه البعثرة من القيام بعمليات خطيرة في منطقة الساحل، أو ما وراء الصحراء، وحتى في منطقة المغرب والبحر المتوسط"، مضيفا أن "البلدان المتقدمة، خاصة الولاياتالمتحدة وفرنسا، تحرص على عقد لقاءات للتركيز على محاربة الإرهاب، وعلى المسألة الأمنية، وتحدي الإرهاب أصبح حافزا على تلطيف الموقف الجزائري في ما يتعلق بقبول المقترح المغربي، الذي أصبح يتميز بدعم دولي خاصة من طرف الدول الكبرى". وأكد الحسيني أن المغرب يمارس دور العضو غير الدائم في مجلس الأمن ووجوده في هذا المركز يمكنه من الدخول في بعض التوافقات على صعيد المصالح المشتركة بين الأطراف لتجاوز المرحلة الراهنة، معتبرا أن هناك "بصيصا من الأمل في تجاوز الوضع الراهن، وأن هذا الأمر يرتبط بنوايا المؤسسة العسكرية والنظام القائم في الجزائر من أجل تجاوز هذا الوضع، أم أن المسألة لا تتعدى أن تكون اختيارات تكتيكية، لتجاوز رياح الربيع العربي، ثم العودة إلى الأساليب التي كانت تنهجها في الماضي". يذكر أن الجولات الثماني السابقة من المحادثات غير الرسمية بين الأطراف٬ كانت انعقدت، على التوالي، في بلدة دورنشتاين بالنمسا في غشت 2009، وفي أرمونك قرب نيويورك (فبراير 2010)، وفي مانهاست (نونبر ودجنبر 2010 ويناير 2011)، وفي مالطا (مارس 2011) ومجددا في مانهاست في يونيو ويوليوز 2011. وتندرج هذه الجولات في إطار تنفيذ القرارات 1813 (2008)٬ و1871 (2009)٬ و1920 (2010)٬ و1979 (2011) الصادرة عن مجلس الأمن٬ والتي تدعو الأطراف إلى الدخول في مرحلة مفاوضات مكثفة وجوهرية.