كشف قانونيون أن 300 ألف قضية تخص النساء ضحايا العنف، تسجل سنويا لدى المحاكم المغربية، وفق إحصائيات لوزارة العدل. وقال الأستاذ عبد الرحيم شيكر، نائب وكيل العام بمحكمة الاستئناف بآسفي، في مداخلته خلال مائدة مستديرة نظمها مركز رحمة للاستماع والإرشاد القانوني، التابع للجمعية النسائية لمناهضة العنف ضد المرأة بجهة دكالة عبدة، أخيرا، إن هذا الوضع المقلق هو ما دفع الحكومة إلى اعتماد الخلايا الجهوية والمحلية لدى محاكم الاستئناف، المكفول لها قانونا الاهتمام بالمعنفات، في إطار مقاربة تشاركية بين القطاعات الحكومية والجمعيات العاملة في المجال. ويرى الأستاذ شيكر أنها ظاهرة تعرفها كل المجتمعات البشرية، وأنه رغم المقاربات المتقدمة والتشريعات الصارمة، التي يضعها الغرب، فهي لم تختف بشكل نهائي، لكن المغرب يسير في اتجاه تقوية الإجراءات القانونية والزجرية لحماية المرأة من العنف، وذكر، في هذا الصدد، بالمراحل الإجرائية، من البحث التمهيدي، إلى الرعاية الطبية البدنية والنفسية للضحايا، إلى مرحلة الدعوى القضائية، وكافة الإجراءات التي تباشرها المحكمة، دون أن يغفل الإكراهات الموضوعية، المتمثلة أساسا في الثغرات التي يمكن أن تعيق التفعيل الحقيقي للجان وخلايا العنف المحدثة، من بينها، إشكالية إثبات الضرر المعنوي والجسدي، داخل بيت الزوجية، وصعوبة تطبيق المادة 53 من مدونة الأسرة، المتعلقة بإرجاع أحد الزوجين، المطرود من بيت الزوجية، وغياب إطار قانوني لخلايا الاستماع أو مراكز الإيواء الخاصة بالنساء ضحايا العنف، وغياب مراكز الإيواء الخاصة بالنساء المعنفات، وقلة إمكانياتها ومواردها. وأجمع متدخلون، شاركوا في هذه المائدة المستديرة، التي ناقشت "حماية وتفعيل خلايا استقبال النساء ضحايا العنف"، أن ظاهرة العنف ضد النساء أخذت أبعادا خطيرة تستدعي تجنيد كل الآليات وتفعيل الإجراءات التي من شأنها تحقيق التقدم على مستوى محاربة الظاهرة. كريمة قاسمي، رئيسة مركز رحمة للاستماع والإرشاد القانوني، أشادت في كلمتها الافتتاحية، بالدور الفعال لوزارة العدل، من خلال خلق خلايا محلية وإقليمية ينخرط فيها كل المعنيين والأطراف المتدخلة، كما ركزت على دور المجتمع المدني، خاصة الجمعيات النسائية، في تسليط الضوء على الظاهرة، من خلال مواكبة مراكز الاستماع للحالات، ووضع التقارير السنوية بشأنها، مشددة على مواصلة النضال بإرادة قوية، "لمحاربة ظاهرة آخذة في التوغل داخل النسيج المجتمعي المغربي، ضمن مشروع حداثي منفتح على أسئلة العصر من أجل تطور المغرب وتقدمه". من جهتها، ذكرت الفاعلة الجمعوية، عائشة سكماسي، بالتعاطي الإيجابي والشجاع للمجتمع المدني، وتفاعله مع أطراف العلاقة، للتصدي لهذه الظاهرة الاجتماعية، اعتبارا لكون العنف يمس الأسرة والفرد والمؤسسات والشارع، ولأن أشد أنواع العنف هو ذلك المسلط على المرأة، كما سجلت بإيجابية التعاطي المسؤول لوزارة العدل مع هذه الظاهرة الاجتماعية حين أصدرت مذكرة في الموضوع سنة 2005، رغم أن تفعيلها، لم يكن للأسف، في مستوى انتظارات الحركة النسائية المدافعة عن المرأة المعنفة. وأكدت زكية الشرامو، ممثلة جمعية النخيل بمراكش، أن إنشاء خلايا الاستقبال كانت مطلبا ملحا للمجتمع المدني والجمعيات الناشطة في الموضوع، وأطلعت الحاضرين، على تجربة الجمعيات في الاشتغال ضمن خلايا الاستقبال والإنصات، وهي التجربة، التي سبقت مبادرة الجهات الحكومية، ونوهت بالعمل التشاركي الجماعي مع المؤسسات ذات الصلة بالموضوع، معتبرة أن الإجراء الحكومي "لا يمكن أن ينجح بشكل كبير، إلا إذا كان القضاء حاميا وضامنا، ومؤطرا لحقل الاشتغال والتدخل لمناهضة العنف". بشرى الغنبوري، مؤطرة في مركز رحمة للإنصات والإرشاد القانوني بآسفي، عززت مداخلتها بإحصائيات للحالات التي استقبلها المركز من نساء ضحايا العنف لسنة 2011، مشيرة إلى أن المركز عالج 340 حالة، شكل فيها الوسط الحضري 55 في المائة من النساء المعنفات، و45 في المائة من الوسط القروي. واحتل العنف الاقتصادي المرتبة الأولى، متبوعا بالعنف الجسدي والجنسي، وكانت ربات البيت الأكثر تعنيفا، وتمكن المركز من إيواء 40 حالة سنة 2011، بمجهودات ذاتية، كما بينت الإحصائيات أن علاقة الضحية بالمعنف أو المعتدي بلغت 131 حالة بالنسبة للعلاقات الزوجية. وشدد المتدخلون على ضرورة مواصلة الجهود، التي تبذلها الجمعيات المعنية بموضوع المرأة والأسرة، باعتبارها شريكا أساسيا في إنجاح وتفعيل دور ومهام الخلايا الجهوية والمحلية.