وراء كل بذلة يرتديها رجل أمن إسباني، أو أحد رجال المطافئ في الجارة الشمالية، أو بذلة من الماركات الإسبانية الشهيرة، حكاية مواطنة مغربية أبدعت في خياطتها، ولم تنل ما تستحقه عاملات في أحد مصانع النسيج بطنجة (خاص) ذلك أن خياطات مغربيات، يشتغلن في مصانع النسيج في طنجة أو الرباط أو البيضاء، يعشن ظروفا قاسية، ولا يعاملن بطرق تضمن كافة حقوقهن. وطفت قضيتهن على السطح بعد أن أنجزت المنظمة غير الحكومية الإسبانية "فورا دي كوادري"، بتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، فيلما وثائقيا حول وضعية العاملات المغربيات، اللواتي يشتغلن في مصانع للنسيج بطنجة، تابعة لماركات الموضة الإسبانية المعروفة عالميا، مثل "مانغو" و"ثارا"، أو أخرى متخصصة في خياطة أزياء الشرطة ورجال المطافئ. وضع هذا الفيلم الوثائقي، الذي يحمل عنوان "بيردير إيل هيلو" (إضاعة الخيط)، الأصبع على الجرح، طالما أنه كان استفز وسائل الإعلام الإسبانية، وحملها على اتخاذ مضامينه موضوعا لها، فالعاملات اللواتي يخطن الزي الرسمي للشرطة ورجال المطافئ في إسبانيا، يشتغلن في ظروف غير إنسانية، لا تحترم فيها أدنى حقوق العمال، المنصوص عليها في مدونة الشغل الجاري بها العمل، سواء في المغرب أو إسبانيا. نعم، إنهن في مفترق الطرق، وهذا ما أثبته الشريط الوثائقي الذي أنجز بعد تحقيق يدخل في إطار حملة تقودها مجموعة من المنظمات غير الحكومية الإسبانية، تحمل عنوان "روبا ليمبيا" (ملابس نظيفة)، شمل 118 عاملة مغربية، يشتغلن في مصانع النسيج بمدينة طنجة، وأيضا في مدينتي الرباط، والدارالبيضاء. ويعد الشريط الوثائقي رسالة احتجاج حول الظروف الصعبة، التي تشتغل فيها العاملات، إذ أنه بالإضافة إلى الراتب الشهري الزهيد، الذي يتقاضينه والمتراوح بين 100 و200 أورو، بل أحيانا أقل من 100 أورو، فإنهن يجبرن على ساعات العمل الإضافي دون مقابل. ويضيف الشريط الذي يضع أرباب المصانع، ومعهم إسبانيا في موقف حرج، أنه يجري تشغيل قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 16 سنة، بأجور أقل ثلاث مرات من زميلاتهن الراشدات، أي أنهن يخضعن لاستغلال أكبر. وأوضحت إحدى العاملات، خلال هذا الوثائقي، أن المسؤولين يلجأون، عند حضور لجن المراقبة إلى أحد المصانع، إلى إخفاء العاملات القاصرات في صناديق الملابس الفارغة. ويؤكد المشرف على الوثائقي، ألبير ساليس، أن مصانع النسيج في المغرب توفر أرباحا طائلة لشركات الموضة الإسبانية المشهورة عالميا، على حساب عاملات تنتهك حقوقهن يوميا.