فرضت التحولات العميقة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي يمر منها المغرب، خلق أسلوب جديد في حل نزاعات الشغل الجماعية، التي تكون لها آثار سلبية على الاقتصاد الوطني. وجاء هذا الأسلوب نتيجة اتفاق وقع بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والاتحاد المغربي للشغل، الثلاثاء الماضي، في مقر هذه المركزية النقابية بالدارالبيضاء. وتقضي هذه الاتفاقية، التي أنشئت لجنة مشتركة بين الجانبين من أجل لإشراف على تنفيذها، بوضع آلية للوساطة حول النزاعات التي تنشب في الشركات. وقالت آمال عمري، عضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، إن "الغرض من هذه الاتفاقية هو فض نزاعات الشغل الجماعية عبر الوسائل السلمية، ومنها الوساطة"، مشيرة إلى أن "63 في المائة من الإضرابات والنزاعات الاجتماعية تتعلق غالبيتها بعدم احترام قوانين الشغل، والقوانين الاجتماعية بصفة عامة". ووأضحت عمري، في تصريح ل "المغربية"، أن "الهدف من توقيع هذه الاتفاقية هو استعادة الثقة بين الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، ثم العمل من أجل فض هذه النزاعات بطريقة سلمية، قبل أن تتوتر العلاقة بين الجانبين". واعتبرت المسؤولة النقابية أنه "عندما لا يكون هناك تفاوض، يضطر العاملون إلى اللجوء إلى آخر وسيلة تبقى أمامهم، ألا وهي الإضراب"، مبرزة أن بعض الاتفاقيات الجماعية تتضمن بنودا تهم فض النزاعات بوسائل سلمية، قبل اللجوء إلى الإضراب. وقالت "سبق أن اختبرنا هذا الأسلوب في عدد من المقاولات الإنتاجية، وغالبا ما تكون النتائج محمودة". وأضافت "في ظل هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة، يمكن أن نحاول وضع إطار تعاقدي يهتم بهذا الجانب، من أجل أولا الوقاية من النزاعات الجماعية، وكذلك بهدف تدبير هذه النزاعات في حال ما إذا وجدت". وأشارت عمري إلى أنه "بمجرد ما تكون هناك بوادر لأزمة اجتماعية ونزاع شغل جماعي، من المفروض، عند عدم التوصل إلى اتفاق، أو رفض المؤسسة استقبال الممثلين النقابيين، اللجوء إلى الوساطة من أجل تقريب وجهات النظر، وفض ذلك النزاع قبل ولادته، أي بطريقة وقائية". وقالت القيادية في الاتحاد المغربي للشغل "إذا كان المشكل كبيرا، أو حتى بعد الإضراب، يمكننا أن ندبر ونتوصل إلى حل عن طريق التفاوض"، مؤكدة أنه "من المفروض ألا تكون للوسيط سلطة تقديرية، كما يجب أن يكون محايدا، أي أن دوره لا يتمثل في فرض حل، وإنما لعب دور من أجل إعادة الثقة وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية بالنزاع، للتوصل إلى حل متوافق حوله". وأضافت عمري أن "اللجوء إلى المحاكم ليس دائما في صالح الطرفين، فأحيانا يحدث تأخر في المساطر، وإذا استطعنا حل عدد، أو كل النزاعات الاجتماعية عن طريق الوساطة، ستكون المسألة محددة جدا"، مشيرة إلى أن هذا لا يعني أن تدخل الوسيط سيقود دائما إلى التوصل إلى اتفاق، وأن "الوساطة يمكن أن تكون دون جدوى، ويصل النزاع إلى المحاكم، ويمكن أن نلجأ إلى طريقة أخرى لفض هذا النزاع، مثل المصالحة، المتضمنة في قانون الشغل". و اعتبرت المتحدثة أن "المساطر، التي توجد في قانون الشغل، لا تفعل، لهذا اعتمدنا هذا الأسلوب الجديد، أي الوساطة، آملين بأن نتمكن من فض عدد من النزاعات بطريقة سلمية، دون اللجوء إلى المحاكم، ودون أن نحمل لا العاملين ولا المقاولات نتائج تلك النزاعات". وتقضي بنود الاتفاقية على أن ترد وتتتبع اللجنة المشتركة نزاعات العمل، وتصدر تقارير كل ثلاثة أشهر حول نشاطها.