لا أحد يعرف عدد الأوتوغرافات التي وقعها النجم الكروي الفرنسي السابق إيريك كانتونا لمعجبيه، حين كان لاعبا يشهد العالم بكفاءته، ويمتدح قدراته وإنجازاته. ربما إذا سألنا اللاعب نفسه، لا يمكن له أن يجيب بالقطع، لأنه كان يوقع وينسى، مثلما كان يحرز الأهداف وينسى، ليستعد لالتزام آخر. هذا الرجل الذي كان يوقف في كل مكان، وفي أي زمان من طرف معجب ليوقع له، وربما أيضا لتلتقط لهما معا صورة، سيبدأ بنفسه رحلة البحث عن توقيعات، وأي توقيعات هي.. سيجوب فرنسا شمالا وجنوبا، شرقا وغربا ليحصل على 500 توقيع من رؤساء البلديات ليستجيب لشرط الترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، إن كان فعلا ينوي تفعيل قرار الترشح الذي أعلن عنه. إيريك كانتونا الذي تألق في عالم كرة القدم، وسحر عشاق مارسيليا وبوردو والمنتخب القومي الفرنسي وفريقي ليدز ومانشيستر يونايتد الإنجليزي، قبل أن يفاجئ العالم بقرار اعتزاله، وقع عليه الاختيار من قبل الفرنسيين ليحصل على لقب لاعب القرن، لكن هل يختاره رؤساء البلديات مرشحا للانتخابات الرئاسية؟ إنه السؤال الذي ستجيبنا عنه الأيام المقبلة.. لكن قبل ذلك يدخلنا الإعلام الفرنسي في متاهة التساؤلات التي تتغيى التشكيك في نوايا إيريك. إن الإعلام ينظر إلى رسالة كانتونا الموجهة إلى رؤساء البلديات لحثهم على التوقيع له بكونها ناقوس خطر ليس إلا، فرغم أن صحيفة ليبيراسيون الفرنسية نشرت رسالته (كانتونا) الموجهة إلى رؤساء البلديات، والتي قال فيها إنه يسعى إلى توفير السكن لذوي الدخل المحدود، واعتبر التوقيع له تضامنا معهم من طرف رؤساء البلديات، فإن ليبيراسيون نفسها رأت فيها ترشيحا حقيقيا وكاذبا، واعتبرت أنه يلفت انتباه المرشحين إلى موضوع اجتماعي في غاية الأهمية، ألا وهو دعم ذوي الدخل المحدود للحصول على سكن خاص، وأيضا دعم المؤسسات الإنسانية التي تجندت لتوفير السكن للذين لا مأوى لهم، خصوصا أن 100 ألف توقيع جمعت لمطالبة المرشحين للرئاسيات بضرورة وضع مسألة السكن ضمن أولويات برامجهم. سواء ترشح كانتونا أم لم يترشح لأي سبب كان، فإن رسالته وصلت إلى رؤساء البلديات، وبالتالي يكون هذا الرياضي والفنان الذي اقتحم عالمي الإشهار والسينما قد أثبت كما جاء في رسالته أنه "مواطن متيقظ لعصره". وقد بدأ الإعلان عن ترشحه يثير الفرنسيين، إذ قال أحدهم: "قد يعطي ترشحه روحا جديدة للانتخابات، وقد يقدم مشاريع جيدة يستفيد منها الجميع سواء أكانوا من أحزاب اليسار أو اليمين أو الوسط". ويبدو أن كانتونا لفت الانتباه إلى قضية الملايين من الفرنسيين الذين يحلمون بالسكن، بل إنه حصل على تأييد ناتالي كوزيوكو موريزي، وزيرة النقل والتنمية المستدامة والإسكان، التي اعتبرت النقص في المساكن الشعبية مشكلة حقيقة، واعتبرت أن كانتونا أصاب حين نقلها إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية.