دعا العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، دول مجلس التعاون الخليجي، الاثنين الماضي، إلى تجاوز مرحلة التعاون إلى الاتحاد في "كيان واحد"، مشيرا إلى أنها مستهدفة في "أمنها واستقرارها". قادة دول مجلس التعاون الخليجي (أرشيف) وأضاف خلال القمة العادية للمجلس "لقد علمنا التاريخ والتجارب أن لا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وهذا أمر لا نقبله جميعا لأوطاننا واستقرارنا وأمننا، لذلك أطلب منكم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد". لكن الملك عبد الله بن عبد العزيز لم يحدد شكل الاتحاد أو الآلية، التي سيعتمدها أو المراحل اللازمة لذلك. ويبحث القادة شؤون السوق الخليجية المشتركة، وخصوصا الاتحاد الجمركي والاتحاد النقدي في ظل استمرار تعثرهما. وتطغى على أعمال القمة، التي استمرت حتى الثلاثاء الماضي، الاضطرابات في الدول المحيطة والمخاوف من ازدياد النفوذ الإيراني، خصوصا في ظل الانسحاب الأميركي من العراق وتداعيات ما قد يسفر عنه من فراغ أمني. وفي هذا السياق، قال الملك "نجتمع اليوم في ظل تحديات تستدعي منا اليقظة وزمن يفرض علينا وحدة الصف والكلمة ولا شك أنكم جميعا تعلمون بأننا مستهدفون بأمننا واستقرارنا، لذلك علينا أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا". وأضاف في إشارة إلى سوريا على ما يبدو "من الواجب علينا مساعدة أشقائنا في كل ما من شأنه حقن دمائهم وتجنيبهم تداعيات الأحداث والصراعات ومخاطر التدخلات". وكان الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي بن عبد الله صرح لوكالة فرانس برس أن القمة ستتطرق إلى "كثير من الأوضاع الراهنة التي تفرض نفسها كالعلاقات مع إيران والأوضاع في اليمن وسوريا". وكانت دول الخليج، التي قررت سحب سفرائها من دمشق الصيف الماضي احتجاجا على قمع المتظاهرين دعت السلطات السورية مرارا إلى "حقن الدماء" و"وقف الاستخدام المفرط للقوة"، كما رفضت طلب دمشق الشهر الماضي عقد قمة عربية. ووقعت سوريا، بعد ظهر الاثنين الماضي، في القاهرة البروتوكول المحدد للإطار القانوني ومهام بعثة المراقبين العرب، الذين أعلن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أن طلائعهم سيتوجهون إلى دمشق خلال 72 ساعة. والقمة هي الثانية والثلاثون للتكتل المتجانس، الذي تأسس في ماي 1981، في خضم الحرب بين إيران والعراق، ويحضرها جميع قادة دول الخليج باستثناء الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. ويناقش القادة الخليجيون خلال قمتهم، التي انتهت الثلاثاء المنصرم، ملفات شائكة كالعلاقات الصعبة مع إيران وتشابكها مع الإحداث في سوريا والبحرين والعراق، في ظل أدوار متشعبة ومبادرات أقرها التكتل المتجانس في اليمن وغيرها، منذ بدء حركة الاحتجاجات، التي أطاحت بأنظمة وما تزال تهدد أخرى. وستشكل العلاقات الصعبة مع إيران نقطة مهمة خصوصا مع المخاوف، التي أشار إليها العاهل السعودي والناجمة عن ازدياد نفوذ طهران في العراق مع الانسحاب الأميركي من هناك. يذكر أن وزير الاستخبارات الإيرانية، حيدر مصلحي، قام الاثنين الماضي، بزيارة الرياض، حيث التقى ولي العهد وزير الداخلية، الأمير نايف بن عبد العزيز، ورئيس الاستخبارات الأمير مقرن بن عبد العزيز. وقال متحدث رسمي إيراني إن الزيارة التي حصلت وسط أجواء من التوتر الشديد بين طهرانوالرياض، تندرج "في إطار المشاورات بين إيران والسعودية لتبديد اللبس والتطرق إلى المسائل الأمنية بين البلدين". والزيارة هي الأولى لمسؤول إيراني رفيع، منذ تدهور العلاقات بين البلدين إثر أحداث البحرين في مارس الماضي. وتفاقمت الأزمة بين البلدين بعد الكشف عن مخطط لاغتيال السفير السعودي لدى الولاياتالمتحدة، عادل الجبير، في أكتوبر الماضي، نسبته واشنطن إلى طهران. وكان مصدر رفيع في الأمانة العامة لمجلس التعاون قال لفرانس برس إن "القادة سيناقشون العلاقات مع إيران والمبادرة الخليجية في اليمن مؤكدين دعمهم لها"، مشيرا إلى أنهم "سيبحثون شؤونا خليجية مشتركة مثل الاتحاد الجمركي والتعاون الاقتصادي". ومن المتوقع كذلك أن يتطرق القادة خلال القمة إلى مسالة انضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي في ظل تباين واضح في الآراء حيال هذا الأمر. يذكر أن وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، كان أعلن آخر الشهر الماضي أنه "لا يوجد هناك من يعترض على علاقة مميزة للغاية بين المجلس والأردن والمغرب، لكن هناك عدم وجود إجماع في الوقت الحالي على ضم" البلدين.