جرت، مساء أول أمس الأحد، بالمقبرة اليهودية بالدارالبيضاء، مراسيم تشييع جثمان الراحل شمعون ليفي، الأمين العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، الذي توفي يوم الجمعة المنصرم، بأحد مستشفيات الرباط بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر يناهز 77 سنة، بحضور أفراد من عائلة الفقيد، وأندري أزولاي، وعمر عزيمان، مستشاري جلالة الملك، وعبد الإله بنكيران، الذي عينه جلالة الملك رئيسا للحكومة الجديدة. كما حضر هذه المراسيم شخصيات سياسية وحزبية وممثلو جمعيات من المجتمع المدني، والهيئات الحقوقية والهيئات الدبلوماسية، وعدد من أفراد الطائفة اليهودية المغربية. وأشاد أزولاي، في كلمة تأبينية بهذه المناسبة، بمناقب الراحل شمعون ليفي وسيرته، التي تميزت بنضاله الوطني من أجل أن يتبوأ المغرب مكانته اللائقة في المجموعة الدولية، معربا عن امتنانه العميق للفقيد لما تعلمه منه من قيم، وكذا الدور الذي اضطلع به في إذكاء الروح الوطنية والاعتزاز بالانتماء إلى المغرب. وبعدما أعرب عن أسفه لفقدان الراحل، الذي عرف بالتزامه وصرامته تجاه العديد من القضايا الأساسية لوطنه، منذ أن كان عضوا نشيطا في الحركة الوطنية، أشار أزولاي إلى الدور العلمي للفقيد واهتمامه بالتنوع الثقافي للمغرب ومكانة اليهود في تاريخه، داعيا إلى ضرورة العمل على الحفاظ على التراث والقيم التي خلفها الفقيد. من جهته، أكد إسماعيل العلوي، رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، أن الراحل شمعون ليفي كان مناضلا فذا من أجل قضايا شعبه ووطنه، مشيرا إلى أن الفقيد كافح خلال حياته من أجل الحرية السياسية والنقابية والاجتماعية، كما كرس حياته للدفاع عن حقوق الكادحين. وأبرز العلوي مساهمة الفقيد في مسار حزب التقدم والاشتراكية ومختلف مراحله النضالية، مبرزا اهتمام ليفي بتنوع الروافد والمكونات الثقافية للمغرب ومكانة المغاربة اليهود في تاريخ المملكة، فضلا عن رفضه لكل أنواع الحيف والعنصرية ومساندته لكفاح الشعوب، خاصة الشعب الفلسطيني. أما نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فأعرب عن الأسى والحزن العميقين لتشييع أحد رجالات الحزب الكبار، مبرزا أن الراحل، الذي انخرط منذ شبابه في النضال السياسي، ساهم بدور حاسم في المعارك التي خاضها المغاربة منذ معركة الاستقلال، كما كان وجها بارزا في الحركة النقابية، فضلا عن عطائه الفكري الغني. وبعد أن أشار إلى دور الفقيد في لم شمل المغاربة اليهود عبر العالم ودفعهم للدفاع عن قضية بلدهم الوطنية، والاعتناء بثقافتهم وهويتهم، ذكر بنعبد الله أن هذه الجهود أثمرت نتائج إيجابية، أبرزها إنشاء المتحف اليهودي المغربي بالدار البيضاء، "وهو متحف فريد من نوعه على صعيد العالم العربي برمته". كما أشادت كلمات تأبينية أخرى، من بينها كلمة تليت باسم ليلى شهيد، مندوبة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي، بتضامن الراحل شمعون ليفي مع الشعب الفلسطيني، ومناهضته للحركة الصهيونية. وأكدت عدة شخصيات، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش تشييع جنازة الفقيد بالمقبرة اليهودية بالدارالبيضاء، أن المغرب فقد برحيل شمعون ليفي، الأمين العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، رجلا وطنيا أصيلا، وأمينا على تراث المغاربة اليهود. وأبرزت هذه الشخصيات الخصال العالية والروح الوطنية للراحل شمعون ليفي، الذي يعد أحد أبناء المغرب المخلصين. وشدد أندري أزولاي، مستشار صاحب الجلالة، في هذا الإطار، على ريادة وتبصر الفقيد، وحمايته لتقاليد وتاريخ الطائفة اليهودية المغربية وتراثها. وأضاف أزولاي أن الفقيد، الذي كان معلما ومناضلا ملتزما وصارما، عرف أفضل من غيره كيف يعبر عن عمق وثراء التنوع الثقافي المغربي، الذي كان يمثل أحد أبرز وجوهه. من جهته، أعرب عبد الإله بنكيران، الذي عينه جلالة الملك رئيسا للحكومة الجديدة، عن تقديره "لرجل أصيل"، مبرزا أن "جميع من حضر تشييع الفقيد، جاء لتكريم الراحل". أما الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، سيرج بيرديغو، فأكد أن "علما كبيرا، ووطنيا قضى حياته في النضال من أجل العدالة والديمقراطية هو من افتقدناه اليوم". وأعرب بيرديغو عن عميق تأثره بفقدان شمعون ليفي، الذي كان من نضالاته الحفاظ على التراث اليهودي المغربي كجزء من الثراء والتنوع الثقافي للمغرب المتعدد والكريم والمتسامح. كما أشاد بمناقب الفقيد "المناضل والوطني والمدافع عن القضايا العادلة والحرية والديمقراطية والإنصاف"، مشيرا إلى أن مسار المناضل شمعون ليفي "سيتذكره الجميع لكونه ظل موجودا في جميع الجبهات، عندما كانت تنتهك كرامة الإنسان". من جهته، أكد وزير الدولة، محمد اليازغي، على الروح الإنسانية والوطنية العالية لهذا المناضل والمدافع عن الديمقراطية والقضايا العادلة، مشيرا إلى أن الراحل كان مدافعا صلبا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة. أما سعيد السعدي، الوزير الأسبق، وعضو حزب التقدم والاشتراكية، فأشار إلى أن وفاة شمعون ليفي، الذي كان رجل مبادئ ووطنيا، هو فقدان كبير للمغرب، مبرزا مناقب وخصال الراحل، الذي لم يتوان في تلقين حب الوطن والتشبث بالوحدة الترابية للبلاد، والالتزام لفائدة الطبقات المعوزة، والقيم الأساسية للحرية والاحترام والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.