سجلت "الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب" حدوث "تقدم طفيف ملحوظ" في طريقة معالجة قضايا النساء أثناء حملة الانتخابات التشريعية، التي جرت بين 12 و24 نونبر الماضي. وقالت خديجة الرباح، رئيسة الجمعية، خلال ندوة صحفية، نظمت أول أمس الأربعاء بالدارالبيضاء، لتقديم نتائج "الرصد الإعلامي المستجيب لمقاربة النوع الاجتماعي"، إن "رصد التفاعل الإعلامي مع قضايا النساء خلال الحملة، أملته القناعة بضرورة العمل على سد الفجوة الكبيرة القائمة بين فعالية المرأة في مجالات الحياة العامة كلها، وضعف المشاركة السياسية للنساء، سواء في مجالس صنع السياسة العامة أو في دوائر صنع القرار السياسي أو في قيادات الإدارة العمومية، كما أملاه حرص الجمعية، في إطار الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، على تفعيل المقتضيات الدستورية على أرض الواقع، وتثبيت الجهود المجتمعية المبذولة من أجل دعم تمثيلية المشاركة السياسية للنساء، وتطوير تمثيليتهن بالمؤسسات المنتخبة، تشريعية ونقابية ومهنية وجماعية ومدنية، لتحقيق المناصفة". وأضافت الرباح أن فريق العمل، المشكل من عدد من الفاعلين الشباب، من طلبة المعهد الوطني الديمقراطي، اعتمد مقاربة النوع الاجتماعي أساسا استراتيجيا للرصد والتحليل والتقييم، مبرزة أن الهدف من الرصد، الذي شمل 17 جريدة يومية باللغتين العربية والفرنسية، و5 صحف أسبوعية، و7 قنوات تلفزية وإذاعية، هو قياس مدى قوة ودعم وسائل الإعلام والصحافة المكتوبة للمشاركة السياسية للنساء، انطلاقا من مقاربة النوع الاجتماعي، ومن أجل بلورة المؤثرات الإيجابية للصورة الذهنية للناخبين والناخبات المغاربة تجاه قضايا المرأة، مع العمل على السيطرة على المؤثرات السلبية، التي تعيق دينامية التطور والتقدم المجتمعي، بكل مكوناته الإنسانية، كما استهدفت المبادرة قياس مدى تمثيل وإعمال وسائل الإعلام والصحافة المكتوبة لمقومات المساواة والمواطنة والديمقراطية، ومدى مساهمة وسائل الإعلام والصحافة المكتوبة في خلق توازن إيجابي، بين صورة المرأة في الحياة العملية والسياسية والحياة المنزلية والأسرية، إلى جانب تقييم مدى انخراط وسائل الإعلام المكتوبة في جعل الرأي العام المغربي وجمهور الناخبين والناخبات يتفاعل بإيجاب مع قضايا النساء، سواء على مستوى الوعي أو الاتجاه العام أو السلوك، حسب المسؤولة الجمعوية نفسها. من جهته، قال إدريس قصوري، الأستاذ الباحث في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، الذي أشرف على فريق العمل، إن معالجة المواضيع المرتبطة بالنساء، خلال الحملة الانتخابية، سجلت تحسن المؤشر الإيجابي على المؤشر السلبي بشكل واضح، رغم استمرار ارتفاع نسبة المؤشر المحايد لدى جميع الجرائد اليومية بالعربية، مبرزا أن "الملاحظة المثيرة تتمثل في أن المؤشر المحايد يغلب على المؤشر الإيجابي، بالنسبة لكل هذه الجرائد، مع تسجيل نسبة قليلة للمؤشر السلبي، الأمر الذي يعبر عن التمسك بالبعد المهني المحايد، أكثر من التوجه نحو الانحياز الإيجابي للمرأة، رغم أن الانحياز هنا ليس مسألة سلبية أو معيبة، إذا كان يدعم الديمقراطية والمساواة". وسجل قصوري، خلال الندوة ذاتها، حدوث "تحول نسبي في درجة الاهتمام بالمشاركة النسائية، وفي طريقة المعالجة، التي بدأت تسير نحو ترسيخ اتجاه إيجابي بصفة عامة، وإن كان لا يخلو من حضور مستفز للسلبي في بعض الأحيان"، معتبرا أن نتائج الرصد تؤشر ل"بداية توحد وتميز بعض المنابر الإعلامية، الإذاعية والتلفزية، لتوحيد الرؤية". ولاحظ المشرف على فريق العمل، الذي أنجز عملية الرصد، حضور "بعد المهنية بقوة بالنسبة للجرائد الأسبوعية باللغة العربية أكثر، مقارنة مع الجرائد الحزبية أو الخاصة، التي لم تتضح، ضمن موادها، صورة نمط المعالجة، نتيجة تفاوت المؤشرات الثلاث من جريدة إلى أخرى. وعزا ذلك إلى موقع الجرائد الحزبية وأسلوبها الإعلامي، من جهة، وإلى موقع الجرائد الخاصة الإعلاني من جهة أخرى. وسجل قصوري تفوق الجرائد الحزبية على الجرائد الخاصة، معتبرا "المسألة طبيعية، طالما أن الأمر يتعلق برصد لمستوى تعاطي الإعلام المغربي مع الحملة الانتخابية، والحضور النسائي ضمن التغطيات والمواد الإعلامية". وأوضح الباحث أن هناك تقاربا على مستوى المساحة المرصودة لدى أغلب الجرائد، خاصة الحزبية منها، ما عدا جريدتين أسبوعيتين، مبرزا أن الجرائد الحزبية بالفرنسية تلتقي مع الجرائد الأسبوعية الخاصة بالعربية، من حيث غلبة المؤشر المحايد في الارتباط بالمؤشر الإيجابي. وفسر هذا الأمر ب"التشبث القوي بالبعد المهني، عوض اختيار الانحياز الإيجابي لصالح المرأة"، مشددا على أنه "قد يكون مفهوما من طرف الجرائد الأسبوعية الخاصة بالعربية، لكنه متعذر على جرائد حزبية بالفرنسية". وسجلت نتائج الرصد الإعلامي المستجيب لمقاربة النوع الاجتماعي "تفاوتا مهما في عدد البرامج المخصصة للحملة الانتخابية بين الإذاعة الوطنية، وميدي 1، وميد راديو، وراديو كازا إف إم. فالإذاعة الوطنية تضاعف عدد برامجها، واعتبر التقرير أنه أمر طبيعي، نظرا لأن الإذاعة الوطنية مؤسسة عمومية، واستطاعت أن تتفوق في الاهتمام وفي الإمكانات والموارد. وسجل فريق العمل تفوق إذاعة "casa FM" في المؤشر الإيجابي على المؤشر السلبي، لتشكل "الاختيار النموذجي المطلوب".