توقفت الاشتباكات بين قوات الأمن المركزي المصرية والمحتجين الليلة الماضية للمرة الأولى، منذ أيام، لكن محتجين يعتصمون في ميدان التحرير بالقاهرة. شباب وسياسيون في تظاهرة مليونية جديدة اليوم في ساحة التحرير تعهدوا بالتمسك بموقفهم، إلى حين تنازل الجيش عن السلطة، في الوقت الذي أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا، أمس الخميس، يعرب فيه عن أسفه، واعتذاره لسقوط قتلى. وجاء في البيان "يتقدم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالأسف والاعتذار الشديد، لسقوط الشهداء من أبناء مصر المخلصين، خلال أحداث ميدان التحرير الأخيرة.. كما يتقدم المجلس بالتعازي إلى أسر الشهداء، في كافة أنحاء مصر". وكان اثنان من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ظهرا في ساعة متأخرة من مساء يوم الأربعاء، على التلفزيون الرسمي، وقدما كذلك "اعتذارا عن سقوط شهداء"، ودافعا عن المجلس العسكري في مواجهة عاصفة الانتقادات، التي يتعرض لها، معتبران أنه لا يمكن المقارنة بين المجلس الأعلى والنظام السابق، لأنها مقارنة "غير معبرة عن الواقع، وفيها ظلم شديد للمجلس، والقوات المسلحة، التي وقفت إلى جانب ثورة الشعب المصري". وسقط في الاحتجاجات، التي اندلعت، يوم السبت الماضي، 39 قتيلا، كما أصيب ألفان، حسب ما ذكرته وزارة الصحة، أغلبهم باختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع. وأكد المجلس التزامه بإجراء تحقيق سريع وحاسم مع المتسببين في تلك الأحداث، وبذل "كل الجهود المخلصة" لمنع تكرارها. كما تعهد بتقديم "الرعاية المتكاملة لأسر الشهداء فورا، وتقديم الرعاية الطبية لكافة المصابين، وفتح مستشفى عسكري ميداني متكامل، بميدان التحرير، لتقديم الرعاية الطبية للموج ;دين بالميدان". من جانبهم، دعا النشطاء إلى مظاهرات حاشدة جديدة، اليوم الجمعة، لدعم مطلبهم لإنهاء الحكم العسكري، المستمر منذ إسقاط الرئيس حسني مبارك، في فبراير. وأطلقت أحزاب وجمعيات ومنظمات تراقب حقوق الإنسان على المظاهرات الحاشدة المزمعة "مليونية الفرصة الاخيرة"، في إشارة إلى إمكانية تصعيد الضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إذا لم يستجب لمطلبهم. بينما دعت الحركات الشبابية إلى التظاهر في ما أسمته "جمعة الشهيد". ومن جهة أخرى، أفادت مصادر سياسية أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدأ مشاورات غير معلنة مع ممثلي القوى السياسية، لاختيار رئيس جديد للوزراء، خلفا لعصام شرف، الذي أعلن المشير طنطاوي قبول استقالة حكومته الثلاثاء الماضي. ومن بين الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء "يتصدرها" المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، الذي أصدر، هو الآخر، بيانا يعرب فيه عن أسفه الشديد لاستمرار سقوط الشهداء والجرحىK "خاصة من الشباب الذي هو مستقبل هذه الأمة". وأضاف في بيانه أن "أفضل ما يمكن أن نقدمه للأسر، التي فقدت فلذات أكبادها، هو العمل على ألا تذهب تضحيات الشهداء والمصابين سدى". وقال إن "هذه الأيام العصيبة، بحق، على مصر كلها، ليس بسبب الثورة، وإنما بسبب هؤلاء، الذين ما زالوا ينكرون أن هذه ثورة شعب، وأن للشعب مطالب مشروعة بحق، وقد آن أوان التغيير الشامل"، مشددا على أن "ثورة الشعب سوف تنجح، مهما كانت العقبات أو الصعاب". وطرحت الحركات الشبابية، المرابطة في ميدان التحرير، تصورات لإنهاء الأزمة السياسية الأعنف في البلاد، منذ سقوط مبارك، تتلخص، أساسا، في تشكيل حكومة إنقاذ وطني تفوض إليها "كل صلاحيات المجلس العسكري، ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة"، وتشكيل "مجلس استشاري" من شخصيات سياسية، من بينها عدد من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، ليكون همزة الوصل بين الشارع والجيش.