أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بمسجد حسان بالرباط. (ماب) وأكد الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، أن شخصية المؤمن تتميز بكونها شخصية جامعة لكل خصال الخير، فهي مؤمنة وأمينة وقوية وشجاعة، حريصة على كل ما ينفعها في دينها ودنياها، ولما فيه خير البلاد والعباد، غير عاجزة ولا كسولة. وأوضح الخطيب أن الإيمان، عندما يتمكن في القلوب، فهو معين لا ينضب من النشاط المتواصل، والعمل الدؤوب، والحماس الذي لا ينقطع، وأن صدق الإيمان وصحته يضفي على صاحبه قوة تظهر في أعماله كلها، بحيث إذا تكلم كان واثقا وإذا عمل كان متقنا، وإذا فكر كان مطمئنا، يأخذ تعاليم دينه بقوة لا وهن معها، مصداقا لقوله تعالى "خذوا ما آتيناكم بقوة". وقال الخطيب إن هناك جانبا آخر من القوة بالنسبة للمؤمن، يتمثل في ثبات الخطى حين يكون المؤمن مستنير الدرب، يعامل الناس على بصيرة أمره، إذا رآهم على الحق أعانهم، وإذا رآهم على الخطأ جانبهم. وهناك نوع آخر من القوة، يضيف الخطيب، وهو القوة في ضبط النفس، والتحكم في الإرادة، التي تنشأ من كمال السجايا وحميد الخصال كإباء الضيم وعزة النفس والتعفف وعلو الهمة، مشيرا إلى أن القوة في ضبط النفس تأخذ صاحبها بالسير في مسالك الطهر ودروب النزاهة والاستقامة على الجادة. وبين الخطيب أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو، فإذا ملك الإنسان نفسه فقد قهر الشيطان، وأن المؤمن ليس هو الذي يصرع الناس ويقهرهم ضربا وشتما، وإنما القوي الشجاع والبطل المقدام هو الذي يملك نفسه عند الغضب، وأنه في جميع مجالات القوة يكون الخير والمحبة الإلهية: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف". وقال الخطيب إن قول الرسول الكريم "استعن بالله ولا تعجز" يمثل صورة أخرى من صور القوة، وهي قوة العزم والأخذ بالأسباب على وجهها، بحيث يستجمع المؤمن في ذلك كل ما يستطيع في سبيل تحقيق غاياته، غير مستسلم للحظوظ، في حين أن التردد والاستسلام للهواجس، وتغليب جوانب الريب والتوجس، تعد مجانبة للقوة وصدق العزيمة. ولذلك كان من أكبر المثالب، وأعظم المصائب، العجز والكسل والجبن والبخل، وقد استعاذ منها جميعا النبي صلى الله عليه وسلم. وأكد الخطيب أن المؤمن القوي يتماسك أمام الشدائد والمصائب، ويثبت أمام البلاء والنوائب، راضيا بقضاء الله وقدره، قويا بدينه وإيمانه، مشددا على أن القوة هي عزيمة النفس وإقدامها على الحق في أمور الدنيا والآخرة ، كما أنها شدة العزم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في طريق الله، واحتمال المشاق في ذات الله والاصطبار على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وسائر المفروضات ونشاط ودأب في طلب الخيرات والمحافظة عليها، وهي بعد ذلك قوة في القيام بمهمة الاستخلاف في هذه الأرض واستعمارها، كما طلب الله تعالى الذي أنشأنا فيها. وابتهل الخطيب في الختام إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويعلي به راية الإسلام والمسلمين، ويسدد خطاه ويحقق مسعاه، ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وبأن يشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما.