أكد سفير المغرب في الأممالمتحدة، محمد لوليشكي، أول أمس الاثنين، في نيويورك، أن إحصاء سكان مخيمات تندوف (جنوبالجزائر) سيكشف "البعد الحقيقي" للنزاع حول الصحراء المغربية. عملية إحصاء سكان المخيمات ستمكن من معرفة عددهم الحقيقي (خاص) وأعرب الدبلوماسي المغربي عن "ارتياحه لمساهمة الجزائر في نجاح اجتماع جنيف في فبراير الماضي، الذي مكن من استئناف الزيارات العائلية، وعن نيتها المعلنة عن القيام بالأمر نفسه، خلال الاجتماع المقبل"، معبرا عن الأمل في أن تتخذ الجزائر "نفس الموقف الإيجابي بشأن مسألة ذات أهمية قصوى، من أجل التسوية النهائية لهذا النزاع"، تتمثل في "إحصاء سكان مخيمات تندوف". وأعرب السفير، الذي كان يتحدث خلال المناقشة العامة للجنة الرابعة للأمم المتحدة، عن الأسف لكون هذا الإحصاء "لم يتحقق، منذ 1977، رغم إلحاح المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ووضوح الالتزامات التي على الجزائر، كبلد يؤوي هذه المخيمات". وعبر السفير في كلمته أمام الدول الأعضاء، عن "ارتياحه لكون العديد من الوفود، خاصة وفد جنوب إفريقيا، أعربت عن أملها في معرفة العدد الحقيقي لهؤلاء السكان". وبالفعل، يؤكد لوليشكي، حرص مجلس الأمن في قراريه الأخيرين على التذكير بهذه الضرورة، و"نأمل أن يجري السماح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإنجاح هذا الإحصاء". وأكد السفير أن "إنجاز هذه العملية سيمكن في نهاية المطاف من معرفة العدد الحقيقي لهؤلاء السكان، بهدف التمكن من تدبير شفاف للمساعدات الإنسانية المقدمة لهم، وبالتالي من إعطاء هذا النزاع بعده الحقيقي"، لأن الشعوب المغاربية، يوضح لوليشكي، وبعيدا عن نقاش هذه اللجنة الذي "أريد إعطاؤه، هذه السنة، صبغة فرجوية، بهدف الاستغلال" فيما يتمثل "الرهان في مصير آلاف الأشخاص، الذين يعانون منذ ست وثلاثين سنة محن الإبعاد والحرمان من الحقوق الأساسية، "ستحكم علينا انطلاقا من إرادتنا في تجاوز خلافاتنا ووضع حد لهذا النزاع المفتعل". وأكد أن المغرب قدم، من خلال مبادرته للحكم الذاتي، الدليل الملموس على رغبته في التوافق"، معربا عن الأمل في أن "تتبع الأطراف الأخرى نفس النهج بالتخلي عن المقاربات العقيمة، والحلول المتطرفة، التي ظلت متشبثة بها لحد الآن". وأضاف السفير أن سكان مخيمات تندوف بالجزائر يتابعون "عن كثب الجهود الكبيرة التي يبذلها المغرب، من أجل تنمية البنيات التحتية والخدمات العمومية، التي تستجيب لحاجياتهم وحاجيات أطفالهم ويتلهفون للتمكن من المساهمة، إلى جانب مواطنيهم، في تنفيذ الإصلاحات في مختلف القطاعات التي قررها صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل ضمان حكامة أفضل على الصعيد المحلي، وتشجيع الخصوصيات الجهوية وتعزيز الديمقراطية على كافة المستويات". منعطف حاسم في تاريخ الشعوب المغاربية وبخصوص الشعوب المغاربية، أبرز الدبلوماسي أنها توجد "في منعطف حاسم من تاريخها المعاصر"، مشددا على أن "طموحها إلى الوحدة وبناء مستقبل مشترك لم ينفه أحد أبدا، بل أصبح اليوم أكثر بداهة وأكثر إلحاحا. ليس من حقنا تخييب ظنهم". وحسب لوليشكي، فإن التحولات المسجلة في المنطقة المغاربية "تتيح فرصة ملائمة لانتعاش سريع للمشروع المغاربي وللعلاقات الثنائية بين البلدان المغاربية، على حد سواء، باعتبار ذلك هدفا يظل خيارا استراتيجيا" بالنسبة إلى المغرب. وقال "في هذا السياق، تنبئ الزيارات الوزارية المسجلة، أخيرا، بين المغرب والجزائر بدينامية في العلاقات الثنائية، التي يعد المغرب عازما على تعزيزها وإغنائها من أجل تحفيز تطبيع كامل، بما في ذلك فتح الحدود البرية بين البلدين الجارين". وعبر السفير عن اقتناعه بأن "انتعاش الاتحاد المغاربي والعلاقات المغربية - الجزائرية، لن يؤثر على تسوية النزاع حول الصحراء المغربية في ظل احترام سيادة ووحدة المغرب، كما سيمكن دول المنطقة الخمس من مواجهة التحديات الأمنية، التي تستدعي تضافر جهودها، بمزيد من الوسائل والنجاعة وفرص النجاح". ودعا السفير إلى الارتقاء إلى "مستوى المسؤولية التاريخية والعمل على أن يصبح الحلم المغاربي، الذي تحول سنة 1989 بمراكش إلى مشروع مغاربي، إلى واقع معاش دائم ولا محيد عنه". دعوة إلى "التزام صادق" قائم على "صيغة رابح - رابح" وكان الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، محمد لوليشكي، دعا إلى "التزام صادق للتفاوض بشأن حل قائم على صيغة رابح - رابح"، التي أكد أنها "الصيغة الوحيدة الممكنة لأنها الصيغة الوحيدة القابلة للتطبيق". وأكد السفير المغربي، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن "الوقت ليس وقت تردد ومراوغات ومناورات تماطلية، كما أن الوقت لم يعد يسمح باعتماد مخططات عفا عليها الزمن، ولا إلى تحويلها إلى مقترحات جديدة تأكد أن مقاربتها في صيغة رابح-خاسر غير قابلة للتطبيق". وأضاف لوليشكي قائلا "لم يعد الوقت وقت التأويلات الميكانيكية والانتقائية لمبدأ تقرير المصير، والتي تتناقض مع الممارسة الأممية، إذ آن الأوان للعمل على تطبيق قرارات مجلس الأمن بشكل عاجل ودقيق". وبعد أن أكد "فائدة وجدوى اللقاءات غير الرسمية" والأنشطة الموازية لها، أكد لوليشكي أن "المغرب يدعو، بكل صدق، إلى العودة إلى الإطار الرسمي لتطبيق توصيات مجلس الأمن". وقال لوليشكي "نأمل، عندما يقرر المبعوث الشخصي هذا الاستئناف، أن تتوفر لدى الأطراف الأخرى الإرادة السياسية التي انعدمت لحد الآن، وأن تقوم هذه الأطراف ذاتها بقبول روح التوافق والواقعية التي يدعو مجلس الأمن إلى التحلي بها، من أجل أن يكون للمفاوضات معنى، وتتجه نحو تحقيق السلام والمصالحة التي يريدها المغرب وتدعمها المجموعة الدولية برمتها". وذكر بأنه، ومن خلال توصيته بإجراء المفاوضات، فإن المجلس حمل الأطراف كما هو الشأن بالنسبة للدول الجارة التزامات سلوك محددة، كما أن المجلس وضع المحددات غير الملموسة لهذه المفاوضات، وهي الواقعية وروح التوافق والتعبير عن تطلعات السكان المعنيين، فكل هذه العناصر تشكل وحدة غير قابلة للتقسيم، والكل يوجد ضمن مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به بلدي". وذكر لوليشكي أن المغرب أكد دوما "التزامه بهذه المحددات ويظل مستعدا لتطبيقها، بتعاون مع المبعوث الشخصي، من أجل إيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه، نهائي ودائم"، مؤكدا أن المملكة "أبانت عن هذه الإرادة، خلال اللقاءات غير الرسمية الثمانية، التي عقدت بين شهري غشت 2009 وغشت 2011، والتي تمثلت مهمتها الرئيسية في إرساء الثقة بين الأطراف، عبر مناقشة مواضيع غير مثيرة للجدل بغية تمهيد الطريق للدخول في مفاوضات عميقة". وقال إن المغرب برهن عن نفس الالتزام خلال اجتماع فبراير 2011، مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين المخصص لبحث الجوانب التنظيمية واللوجستيكية للزيارات العائلية عن طريق البر، كما ساهمت المملكة "في نجاح الندوة الأولى للثقافة الحسانية التي جمعت، خلال الفترة من 13 إلى 16 شتنبر الماضي، مفكري ومثقفي منطقة الصحراء ومخيمات تندوف". وأكد السفير أن كثافة ووتيرة هذه الاجتماعات واللقاءات، التي أبدى مجلس الأمن ارتياحه لها في قراره الأخير تشهدان على الدينامية، التي اتسمت بها هذه الدورة من اللقاءات غير الرسمية، والتي تمكن من استباق استئناف، "نتمنى أن يكون وشيكا"، لمسلسل مانهاست. مبادرة الحكم الذاتي تحتفظ بوجاهتها وذكر السفير، من جهة أخرى، ب "مسلسل التشاور الوطني، الذي تواكبه مشاورات إقليمية ودولية"، والذي مكن من إعداد مبادرة الحكم الذاتي، التي وصفها المجتمع الدولي بالجدية وذات المصداقية. وأضاف أن المغرب كان "أول من استجاب، منذ سنة 2000، لدعوة مجلس الأمن حول ضرورة استكشاف آفاق حل سياسي"، معربا عن الأسف لكون "الأطراف الأخرى، وعوض أن تنخرط في هذا الأفق، عملت جاهدة على معاكسته وذهبت إلى حد التقدم رسميا للمبعوث الشخصي بخطة للتقسيم كاملة تتنافى مع المبادئ المؤسسة للمواقف التي تعلن الدفاع عنها". وبعد ذلك، يضيف لوليشكي، واستجابة ل "الدعوة الملحة من مجلس الأمن إلى الأطراف، من أجل استشكاف سبل للتوافق، أخذ المغرب على عاتقه الالتزام بمسلسل تشاور وطني إلى جانب تشاور إقليمي ودولي أدى إلى إعداد مبادرة للحكم الذاتي تدمج المعايير الدولية وتستجيب لتطلع السكان المعنيين مباشرة، مع الامتثال لمرجعية مجلس الأمن". وأضاف لوليشكي أن تقديم هذه المبادرة في أبريل 2007، كأساس للتفاوض حظي بتنويه مجلس الأمن، الذي حرص على إعطائها الأولوية على أي إطار آخر وشهد على مصداقيتها وسعيها إلى المساهمة في بروز حل توافقي. وأكد أن هذه المبادرة شكلت فاتحة لمسلسل مفاوضات يتواصل حاليا ويعقد عليه المغرب ومجموع سكان الصحراء الكثير من الآمال، مشددا على أن هذه المبادرة ما تزال تحتفظ براهنيتها وفاعليتها ووجاهتها بالنسبة للمرجعية الأممية.