ترأس رئيس الحكومة، عباس الفاسي، أول أمس الأربعاء بالرباط، مراسم التوقيع على عقد برنامج بين الدولة والشركة الوطنية للخطوط الملكية المغربية، لإنجاز برنامج استثماري طموح، يبلغ 9,3 ملايير درهم في الفترة 2011-2016. وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة، توصلت "المغربية" بنسخة منه، أن هذا البرنامج يرتكز في مرحلة أولى على مجموعة من التدابير تخص عقلنة شبكة النقل الجوي، وتحسين إنتاجية أسطول الشركة، وترشيد النفقات بما يناهز مليار درهم، من خلال تخفيض كتلة الأجور ونفقات الاستغلال وتطوير النشاط التجاري، وإعادة تموقع شبكات الوكالات. وأضاف البلاغ أن هذا البرنامج سيمكن، أيضا، من تعزيز البنية المحاسباتية ورفع رأسمال الشركة بمبلغ 1,6 مليار درهم، بهدف تحسين نسب إيفائيتها المالية وتطوير قدرتها على الاستثمار، وتطوير جودة الخدمات، من خلال التوفر على بنيات تحتية مطارية ملائمة بالدارالبيضاء، بغرض تنظيم أمثل لرواج المسافرين والعبور، إضافة إلى عقلنة وتعزيز آليات الحكامة الجيدة بالشركة، مع إحداث اتفاقية للمراقبة. وأكد عباس الفاسي، في كلمة بالمناسبة، أن التوقيع على هذا العقد، يشكل تتويجا لعمل انخرطت فيه الحكومة والشركة الوطنية منذ السنة الماضية، مضيفا أن وضعية الخطوط الملكية المغربية شكلت محط اهتمام مستمر للحكومة، خلال السنوات الأخيرة، التي عرفت تحولا جذريا لقطاع النقل الجوي بالمغرب، خصوصا مع تحرير القطاع في بداية 2004، ودخول اتفاقية الأجواء المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ أواخر سنة 2006. وأبرز أنه بفضل هذه السياسة، عرفت الخطوط الملكية المغربية نموا ملحوظا لنشاطها، حيث انتقل عدد المسافرين من 3,2 ملايين مسافر سنة 2003 إلى 5,6 ملايين مسافر سنة 2010، كما ارتفع رقم معاملات الشركة من 7,1 ملايير درهم إلى 11,4 مليار درهم خلال الفترة نفسها، نتيجة للانتعاش، الذي عرفه سوق النقل الجوي منذ فتح الأجواء ولرد الفعل الإيجابي للشركة الوطنية، التي أعادت النظر في عروضها الجوية من حيث وتيرة الرحلات وأثمنتها، وفتحت وطورت أسواقا جديدة كالنقل من وإلى الدول الإفريقية. وسجل عباس الفاسي أن تعاقب العديد من الأحداث الظرفية السلبية وعدم قدرة الشركة الوطنية على خفض تكاليفها لمواجهة المنافسة الدولية، جعل وضعيتها المالية تتدهور إلى درجة أصبحت تستلزم تبني مخطط إرادوي لهيكلتها جذريا، مضيفا أن التطور السلبي لنشاط الشركة منذ أبريل 2011 جراء الأحداث المسجلة منذ بداية السنة في المنطقة العربية، والارتفاع الحاد لأسعار البترول، خلال الأشهر الأخيرة، جعل من الضروري الإسراع بتبني هذا العقد البرنامج قصد ضمان بقاء الخطوط الملكية المغربية كأداة فعالة في خدمة الاقتصاد الوطني. من جانبه، أكد الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للخطوط الملكية المغربية، إدريس بنهيمة أن هذا العقد البرنامج يترجم طموحات الحكومة ويحدد التزامات وتطلعات الشركة الوطنية، التي تحتل مرتبة رائدة على الصعيد الإفريقي، مؤكدا أن الشركة الوطنية بكل مكوناتها مستعدة لإنجاز أهداف العقد البرنامج ومواصلة مسيرتها كفاعل اقتصادي واجتماعي مهم. وأضاف بنهيمة أن العقد البرنامج ينص على الشراكة بين الخطوط الملكية المغربية والمكتب الوطني للمطارات من أجل تطوير مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء كمحطة تشغيلية للخطوط الملكية المغربية بهدف تنمية النقل الجوي الوطني وتحسين جودة خدماته. أما صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، فأكد على أهمية هذا العقد البرنامج، الذي يواكب الطموحات الوطنية في مجال النقل الجوي، وأهدافه الاستراتيجية، التي تتوخى جعل الدارالبيضاء محورا استراتيجيا للنقل الجوي وقطبا إفريقيا في هذا المجال. من جهته، أبرز كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، أن هذا البرنامج سيمكن من إرساء إطار فعال لإعادة هيكلة الخطوط الملكية المغربية، واستعادة مردوديتها، وتحسين إنتاجيتها من أجل ضمان تنافسيتها واستمراريتها . ووقع على العقد البرنامج عباس الفاسي، وادريس بنهيمة بحضور، على الخصوص، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، والمدير العام للمكتب الوطني للمطارات . يذكر أن الشركة أعدت خطة اجتماعية لمغادرة 1500 شخص، خلال الفترة 2011-2013، مع توفير حوافز مالية تحفيزية ومفيدة، ستتضمن كذلك تدابير للمرافقة ودعم الموظفين، الذين غادروا الشركة والراغبين في إعادة توظيف مهاراتهم في مجال آخر. وبلغ عدد طلبات المغادرة الطوعية، التي توصلت بها الخطوط الملكية المغربية، حتى متم غشت الماضي، 535 طلبا، وهو رقم يتجاوز الهدف المسطر لسنة 2011، الذي يروم تقليص عدد العاملين بالشركة، من خلال المغادرة الطوعية ل 800 منهم. وأفادت الشركة، في بلاغ أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء، أنه يجري النظر في هذه الطلبات ومعالجتها. وأوضح البلاغ أن هذا الإجراء يندرج في إطار برنامج الترشيد الداخلي، الرامي إلى استعادة الأسس الاقتصادية للخطوط الملكية المغربية. وينص هذا البرنامج، الذي جرى تقديمه للشركاء الاجتماعيين للشركة في غشت الماضي، على تدابير مختلفة، من بينها إعادة تشكيل شبكة الرحلات، وإعادة التركيز حول قطب الدارالبيضاء وبيع 10 طائرات. ويشتمل البرنامج، أيضا، على شق اجتماعي لتحفيز العاملين وتوظيف طاقاتهم، وفقا لاحتياجات الشركة ومتطلبات أسواقها.