يتباهى ثلاثة من المسلحين، هم سائق سيارة أجرة وتاجر وصاحب مقهى، بالأسلحة الرشاشة، التي يحملونها عند حاجز أمام المقر العام للاستخبارات العسكرية، التي كانت تابعة لنظام معمر القذافي. الشباب الثوار يرفعون الأسلحة مع شعارات النصر (أ ف ب) وترتفع عبارة "السلاح بيد الشعب" عند مدخل المجمع في شارع الزاوية، حيث تقع مكاتب رئيس الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي، المقرب من القذافي، الذي يقال إنه قتل. ويمثل هذا الشعار محور نظرية القذافي المذكورة في كتابه الأخضر الشهير، التي تقول "السلطة، الثروة، السلاح بيد الشعب". ويوضح السائق، محمد أبو عبد المالك، أن "القذافي أعلن هذا إلا أنه لم يكن يوزع السلاح إلا على الموالين له". ويقول صاحب المقهى، محمد ماضي، إن "أول ما قمنا به بعد السيطرة على المقر هو فتح المخزن وتوزيع السلاح في الشارع". أما عصام ملودي التاجر الملقب ب"الوحش" بين أبناء الحي، فيؤكد "هاجمنا المقر بثلاثة رشاشات، وتمكنا من السيطرة عليه في 20 غشت الماضي". ولم يكن السلاح متوفرا بين أيدي الليبيين بالشكل الذي هو عليه الآن. وعند الحواجز، التي تنتشر في كل أنحاء المدينة، يقف المراهقون وأحيانا فتية صغار يفتشون السيارات وهم يحملون الرشاشات والأسلحة الخفيفة على أكتافهم. وفي المساء، تشتعل سماء المدينة بالرصاص، الذي لا يمكن تحديد غايته، إن كان بهدف الاحتفال، أو لوجود معارك. والسؤال الذي يواجه قادة البلاد الجدد، حاليا، يتمحور حول كيفية التخلص من الكمية الكبيرة من الأسلحة التي تتنقل بين أيدي الليبيين. وقال رئيس فريق استقرار ليبيا عارف النايد في مؤتمر صحفي، الأحد الماضي، إن هذه المسالة تحتاج إلى إجماع"، مقرا بأن الأمور باتت "معقدة". وأضاف أنه لا يمكن أن يطلب فورا من المقاتلين تسليم أسلحتهم، إلا أنه يأمل في أن يحصل ذلك في المستقبل في موازاة تحسن الوضع الأمني. من جهته، قال نائب رئيس اللجنة التنفيذية للمجلس الانتقالي، علي الترهوني، إن "الجماعات المسلحة مدعوة إلى مغادرة طرابلس شيئا فشيئا، مع العودة التدريجية للشرطة إليها". وشكل الترهوني لجنة أمنية عليا يتمثل فيها قادة الجماعات المسلحة ومسؤولو مختلف الأجهزة الأمنية. وشدد الترهوني على أن "الجماعات الثورية التي حررت البلاد تعتبر بطلة، إلا أنها لن تبقى في مكانها"، في إشارة إلى نية السلطات تولي شوؤن الأمن والنظام بنفسها في العاصمة خصوصا. ويؤكد الترهوني وغيره من المسؤولين أنهم يعتمدون على النية الطيبة لليبيين لتسهيل عودة الأسلحة إلى كنف مؤسسات السلطة، داعين الشعب إلى مساعدتهم في ذلك. إلا أنه لم يطرح حتى الآن أي برنامج محدد لجمع الأسلحة، فيما أعلن رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل أن لا مجال حاليا للطلب من الكتائب المسلحة مغادرة العاصمة الليبية. ويعبر أفراد في هذه الكتائب عن آراء مختلفة. ويدافع عصام ملودي عن إبقاء الأسلحة بين أيدي المقاتلين لمنع ثورة مضادة أو عودة "الطابور الخامس" والموالين لمعمر القذافي.