يرى محللون وقياديون فلسطينيون أن إسرائيل تستخدم كافة الوسائل السياسية والإعلامية والدبلوماسية لإفشال مساعي الفلسطينيين للتوجه إلى الأممالمتحدة، في شتنبر المقبل، للحصول على اعتراف بدولتهم على حدود عام 1967. الرئيس أوباما 'لا يريد استخدام الفيتو كأمر حتمي، لأنه لا يريد أن تكون الولاياتالمتحدة في مواجهة مع كتلة كبيرة من دول العالم، التي ستصوت مع الفلسطينيين' وقال أمل جمال، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، لوكالة فرانس برس، إن "تسريبات الإعلام لقرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، التفاوض على أساس مقترحات أوباما ما هو إلا مناورات سياسية وإعلامية". وأضاف أن "نتانياهو استخدم هذه المناورة للحد من الدعم الدولي الجلي وغير الرسمي للفلسطينيين، ولاستيعاب الصدمة مسبقا ووضع الكرة في الملعب الفلسطيني كي يتخلى الفلسطينيون عن مشروعهم التوجه إلى الأممالمتحدة في شتنبر المقبل". إلا أنه رأى أن "الحملة الإعلامية والدبلوماسية والسياسية، التي يقوم بها نتانياهو وحكومته ضد إعلان الدولة الفلسطينية فشلت، على ما يبدو". وأشار جمال إلى "تناقض كبير بين مواقف نتانياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهناك ضغوط أمريكية كبيرة على نتانياهو للتحرك نحو المفاوضات قبل شتنبر". وكان أوباما أعلن، في ماي الماضي، للمرة الأولى، أن الدولة الفلسطينية المنشودة يجب أن تقام على أساس حدود 1967، ثم أوضح أنه ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار "الحقائق الديموغرافية الجديدة على الأرض واحتياجات الطرفين". وتشمل حدود الرابع من حزيران يونيو 1967 الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. وقال جمال إن الرئيس أوباما "لا يريد استخدام الفيتو كأمر حتمي، لأنه لا يريد أن تكون الولاياتالمتحدة في مواجهة مع كتلة كبيرة من دول العالم، التي ستصوت مع الفلسطينيين". وأضاف أن "أوباما لم يستطع على ما يبدو إقناع دول الرباعية بموقف الولاياتالمتحدة من قضية لجوء الفلسطينيين إلى الأممالمتحدة، ويريد الهروب من وضعه الداخلي وحملة الاحتجاجات ضد سياسته الداخلية". وتابع جمال أن "كل هذه العوامل مجتمعة تشكل ضغطا هائلا على نتانياهو، والتي يريد الهروب منها عبر هذه التصريحات". ورأى أن نتانياهو "يستخدم وزير خارجيته، افيغدور ليبرمان، ونائبه، داني ايالون، في حملاتهم المتطرفة حتى يظهر للعالم بأنه معتدل ومقيد من حكومته ويعمل أكثر من طاقته". من جهتها، قالت حنان عشرواي، الموجودة حاليا، إن "الحكومة الإسرائيلية تريد إعادة ابتكار عملية السلام لجعلها مبهمة، وليتسنى لها كسب الوقت لبناء المزيد من المستوطنات وفرض دولة أمر واقع وضم المزيد من الأراضي". وفي إطار حملتها على تحرك الفلسطينيين، لجأت إسرائيل إلى مواقع التواصل على الإنترنت، وأطلقت حملات إعلامية ودبلوماسية لإفشال إعلان الدولة الفلسطينية. وقال بيان وزعه الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية، قبل نحو أسبوعين، إن "الوسائل الاجتماعية واليوتيوب هي ساحة معركة لسرد الرواية والادعاءات في الحرب الدبلوماسية لنحارب الاعتراف" بدولة فلسطينية معلنة من جانب واحد. وتحت عنوان "حقيقة الضفة الغربية"، يزعم نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، على موقعه وعلى يوتيوب وفايسبوك باللغة الانجليزية، مع ترجمة إلى العربية والعبرية والفرنسية والروسية والإسبانية، أنه "لم يكن هناك، في أي يوم من الأيام وطن أو دولة فلسطينية". ويتساءل "ممن احتلت إسرائيل الضفة الغربية؟". ويقول إن "إسرائيل استولت على الضفة الغربية من الأردن، الذي احتل الضفة الغربية، حيث لم يكن يعترف أحد بشرعية الاحتلال الأردني، وعمد الأردن إلى تغيير اسم المنطقة المتداول يهودا والسامرة إلى الضفة الغربية، لكن ذلك لم يقنع أحدا". ويتابع ايالون "ماذا كان يفعل الأردن في الضفة الغربية أصلا؟ وماذا كان مبرره القانوني في ذلك؟ في الحقيقة لم يكن له أي مبرر قانوني. وإذا لم يكن للأردن حق في الأرض ولم تكن فلسطين قائمة أصلا فمن صاحب الأرض؟". كما يؤكد أن "الوطن اليهودي كان يشمل الضفة الشرقية لنهر الأردن، ولم يكن فقط الضفة الغربية، لكن الشعب اليهودي ابتلع آلامه". وأكدت عشراوي أن ما كتبه ايالون "مليء بالأكاذيب". وقالت إن "إسرائيل تستخدم في حملاتها ضد إعلان الدولة الأكاذيب، لتزويد الجيل الجديد من الشباب بمعلومات مضللة واستباق الأمور بأساليب مغرضة"، مشددة على أن "الرأي العام العالمي لن يتقبل طريقة إسرائيل في هذا النوع من الدعاية، مثل دعاية ايالون المليئة بالأكاذيب". وأكدت أن إسرائيل "تستخدم آلة إعلامية ضخمة، لمحاربتنا وتستخدم اللوبي اليهودي والقنوات الدبلوماسية، ووزعت رزما إعلامية كبيرة على سفاراتها في العالم لإفشال توجهنا إلى الأممالمتحدة". وأضافت أن إسرائيل "تجند أخصائيين من كل الاختصاصات لمحاربتنا وإبعادنا عن طريق الأممالمتحدة، ونعمل على فضح السياسية الإسرائيلية المخادعة والاستيطانية، وندافع عن حقنا في تقرير المصير، والسعي للحصول على دعم دول العالم والوقوف إلى جانبنا". وتابعت "نفتح حوارات حتى مع الدول، التي لا تريد التصويت معنا للحد من الضرر. لا يكفي مواقف البرلمانات أو الحكومات، علينا فتح حوار مع الشعوب ومن الضروري ألإ نغلق الأبواب".