تميز مهرجان العالم العربي للفيلم القصير، الذي نظم، أخيرا بإفران،، بتكريم الإخوان ميكري، احتراما لمسارهم الغنائي والموسيقي الطويل.. واعترافا بعطاءاتهم الفنية المتنوعة، على امتداد ما يفوق نصف قرن من الزمان. وهكذا حضر حسن ميكري، مؤسس المجموعة، مرفوقا بابنه الفنان نصر الله ميكري، وحضر أخوه محمود، مرفوقا بابنته وزوجته الفنانة كريمة العتريس، وحضرت كذلك أختهما جليلة، إلا أن الغائب عن هذا العرس الفني، كان هو الفنان يونس ميكري. ومعلوم أن منظمي هذا المهرجان كانوا برمجوا تكريم يونس بحضور إخوانه حسن ومحمود وجليلة، نظرا لحضوره القوي في السينما كممثل وواضع موسيقى الأفلام ، لكنه فضل على ما يبدو حضور فعاليات الدورة 14 لمهرجان السينما الإفريقية، إلى جانب المخرج كمال كمال، التي تزامنت أشغالها مع أيام مهرجان إفران الأربعة. ورغم غيابه جرى تكريمه، إلى جانب باقي أعضاء مجموعة "الإخوان ميكري"، من خلال عرض فيلم وثائقي حول مساره الفني بعنوان"يونس ميكري فنان كامل"، من إخراج حسام ستيتو، تضمن تعريفا بتجربته السينمائية قدمه المؤرخ السينمائي المغربي أحمد عريب، ولقطات من أفلامه السينمائية تخللتها نماذج من أغانيه الناجحة . لعل القاسم المشترك بين أعضاء مجموعة "الاخوان ميكري" حسن، ومحمود، وجليلة، ويونس هو الموسيقى والغناء. فالموسيقى تشكل العمود الفقري لتجربة كل واحد منهم، رافقتهم، منذ البداية ومازالت تشكل أهم عنصر في التجربة الفنية لكل واحد منهم، رغم تعدد اهتماماتهم، وانفتاح كل منهم وبدرجات متفاوتة على فنون وأنشطة أخرى من قبيل السينما، والرسم، والكتابة، وتنظيم المهرجانات وغير ذلك . لا يجادل أحد من متتبعي حركة الغناء والموسيقى بالمغرب، بعد استقلاله السياسي، في كون هذه المجموعة الغنائية الموسيقية، شكلت إبان ظهورها في مطلع الستينيات وعلى امتداد حضورها في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، إضافة نوعية للأغنية المغربية العصرية، لما أدخلته من تجديدات على مضامينها وألحانها، وأدائها، وآلاتها الموسيقية، ومدتها الزمنية. ففي الوقت الذي سادت الأغاني المطولة ذات الإيقاع البطيء نسبيا، اختار الإخوان ميكري المراهنة على الأغاني القصيرة والخفيفة شكلا ومضمونا، ونجحوا في ذلك، رغم العراقيل التي صادفوها في طريقهم، الذي لم يكن مفروشا بالورود، بسبب تعفن الوسط الفني الغنائي آنذاك، وهيمنة الرداءة والجهل بالموسيقى الرصينة. وتمكنوا بفضل كلمات أغانيهم الجميلة وإيقاعاتها السريعة وتوزيعها الموسيقي المدروس بعناية، تماشيا مع روح العصر وما شهده المشهد الموسيقي العالمي، من تحولات في ظل الانتشار الواسع لأغاني " البيتلز " وبوب ديلان وكات ستيفانس وغيرهم، من استقطاب جمهور نوعي غفير من الشباب داخل المغرب، وخارجه، من خلال جولاتهم الفنية ومشاركاتهم في سهرات الإذاعة والتلفزيون، وطبع العديد من أسطواناتهم بباريس وتوزيعها على نطاق واسع بالمغرب، وتونس، والجزائر، وبعض الدول العربية الأخرى، والأوروبية وغيرها. كما كانوا سباقين في تحويل أغانيهم الناجحة إلى فيديو كليب، بفضل تعاونهم مع مخرجين متميزين، من عيار الراحل حميد بن الشريف، الذي استضافهم عدة مرات في برامجه الفنية المختلفة. انفتح الإخوان ميكري، منذ طفولتهم، ومراحل تعليمهم الأولي، بالمدارس الفرنسية على المسرح، والسينما، والرسم، والموسيقى، وانخرطوا في الكشفية والعمل الجمعوي في دور الشباب، وساهموا في تأطير ورشات فنية. وبعد أن ضاقت بهم أجواء وجدة الفنية المنغلقة في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، سافروا إلى الرباط، وهناك انفتحت أمامهم الآفاق بشكل واسع وتمكنوا من دراسة الموسيقى بمعاهد متخصصة في الداخل والخارج. ناقد سينمائي