يواجه الشباب في مختلف المجتمعات مشكلات نفسية متنوعة، مرتبطة بمحيطهم الاجتماعي، أو بأسباب غير اجتماعية، والتي تجعلهم يعانون مع الزمن من بعض الضغوط، التي تترك آثارها السلبية ليس عليهم فقط، وإنما على المجتمع أيضا. وتعزى هذه المشاكل إلى أسباب متنوعة، إذ أن المرحلة العمرية، التي يمر بها الشاب هي مرحلة عواصف وتوتر وشدة، وتكتنفها الأزمات النفسية وتسودها المعاناة والإحباط والصراع والضغوط الاجتماعية، بالإضافة إلى مشكلة القلق، التي يعيشها جراء المستقبل الغامض الذي ينتظره. ويعد موضوع التقليد الأعمى واحدا من المشاكل النفسية، التي يعاني منها الشباب لأنهم يشعرون أنهم غير قادرين على الابتكار والإبداع، وبالتالي تتكون لديهم عقدة الخوف من محاولات التجديد الأمر الذي ينعكس سلبا على أدائهم لأعمالهم وواجباتهم. وقال علي الشعباني الباحث في علم الاجتماع ل "المغربية"، إن "مرحلة الشباب تعد مرحلة مهمة جدا، لأنها انتقال من الطفولة إلى الرشد"، مشيرا إلى أن لها مميزات خاصة كسرعة التوتر، والغضب، والانفعال الزائد، ومجموعة من الانفعالات، التي تؤثر على سلوكاتهم، وعلى قراراتهم، وعلاقاتهم، سواء داخل الأسرة، أو في المحيط، الذي يعيشون فيه، سواء مع الرفاق، أو الحي، أو المدرسة، أو أي مكان يوجدون فيه. وأوضح علي الشعباني أن "هذه المسألة يشترك فيها الشباب في كل بقاع العالم، وهي لا ترتبط بمجتمع معين دون آخر، ولكنها خاصيات يتميز بها الشباب في أي مجتمع، مهما كانت ثقافته، أو ديانته، أو لغته، إذ يختلط فيها النفسي والاجتماعي". وذكر الباحث في علم الاجتماع أن "هناك تغيرات على المستوى البدني والنفسي، والعقلي، لأن هذا الشاب بدأ يدرك ويعي عددا من الأشياء، ويريد أن يثبت ذاته في المجتمع، وأن يقول لهم إنه موجود". لذا على الراشدين والكبار، يوضح علي الشعباني، أن "يدركوا هذه المسألة وكأنه يعطيهم هذه الرسائل لكي يدركوا على أنه موجود وشخصية مستقلة عن الآخر". أما في ما يخص الجانب الاجتماعي، يقول علي الشعباني، "نحن نعرف أن لكل مجتمع آلياته في التربية الاجتماعية، وله ثقافته من أجل الإخضاع، ومواجهة التمردات، والغضب، علما أن هذه القناعات، التي تكون سائدة في المجتمع، تختلف حسب الدين، والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الإنسان". فكل هذه العوامل، يبرز الباحث الاجتماعي، "لها تأثيراتها العميقة في تكوين شخصية الشاب، وانفتاح عقله على قضايا أخرى في المجتمع، لأنه ابتداء من هذه المرحلة ستشكل لديه الوعي بأنه ملزم بأن يشارك الحياة مع الآخرين. لذلك، فإنه كما يتأثر الشاب بالمجتمع، فهذا الأخير يؤثر أيضا فيها". تشير الأبحاث والدراسات إلى أن المشاكل، التي يتعرض لها الشباب، والتي تؤثر على صحتهم النفسية هي عبارة عن مشكلات جنسية، ناجمة عن نقص المعلومات الجنسية والتربية الجنسية لديهم، بالإضافة إلى المشكلات الصحية، التي تنجم عن نقص في الرعاية. وأكدت الدراسة ذاتها أن هناك مواقف يمكن أن تؤثر سلبا على الصداقة المقربة إذا لم يعرف الشخص كيفية التعامل مع المواقف، التي يمر بها الأصدقاء المقربون، وتأثير الآخرين على صداقتهم، والسلوك المحرج لأحد طرفي الصداقة، ومحاولة الآخر تنبيه الصديق المقرب حول تصرف غير لائق بدر منه في مناسبة أو موقف ما. ويواجه الإنسان، خاصة في مرحلة الشباب، مجموعة من التحديات، التي تتطلب منه اتخاذ القرارات الحاسمة، والتي تعد بمثابة خطواته الأولى في بناء مستقبله بشكل سليم. ويعد هذا الأمر مشكلة بالنسبة لشريحة مهمة من المجتمع، إذ أن فئة لا بأس بها قادتها اختياراتها الخاطئة إلى مسارات يصعب العودة منها.