بارك علماء المملكة مشروع الدستور الجديد، وعبروا عن انخراطهم في مشروع الإصلاحات العميقة، التي يقودها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأوضح بيان للمجلس العلمي الأعلى، أول أمس الثلاثاء، أن مشروع الدستور جاء "كلبنة أساسية، في هذه الإصلاحات، بما تضمنه من مقتضيات جديرة بالتأييد والتنويه، ويلتزمون بمواكبته وتفعيله، من أجل توطيد بناء مغرب الطمأنينة والوحدة والاستقرار والازدهار". وعبر علماء المملكة عن "اعتزازهم بحكمة أمير المؤمنين وتبصره، وحرصه على حفظ الهوية الإسلامية والثوابت الراسخة، التي لا تمنع الانفتاح ولا التطلع إلى المستقبل، بما يضع المملكة المغربية في مصاف الدول الديمقراطية"، "بعد قراءة متأنية وعميقة لمضامين الخطاب الملكي السامي، ليوم الجمعة الماضي، وبعد الاطلاع على مقتضيات مشروع الدستور". وأضاف البيان أن العلماء ليباركون كل ما جاء في مشروع الدستور، خاصة المضامين المتعلقة بالتأكيد على أن الأمة تستند في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، الذي يعد دين الدولة، التي تلتزم بضمان حرية كل واحد في ممارسة شعائره الدينية. كما يباركون تأكيد المشروع على أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكان الصدارة فيها، في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال، مع التزام المملكة بتعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية، وتوطيد وشائج الأخوة والتضامن مع شعوبها الشقيقة. وأبرز العلماء تخصيص الدستور مكانة متميزة للاتفاقيات الدولية، وإقرانه ذلك بضرورة مصادقة المغرب عليها انسجاما مع أحكام الدستور، وتحديدا مع الدين الإسلامي، ومع قوانين المملكة. وبارك العلماء تنصيص الدستور على أن من التزامات أمير المومنين حماية الملة والدين، وضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية، ومما يتجلى فيه ذلك رئاسته للمجلس العلمي الأعلى، منوهين بحضور مؤسسة العلماء في الدستور، باعتبارهم راعين للدين وللثوابت وتقويته لمكانة ومركزية مؤسستهم، من خلال دسترة المجلس العلمي الأعلى، وتخويله صلاحيات من أهمها إصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، وبجعل الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى عضوا في مجلس الوصاية، وبتمثيل العلماء في عدد من المؤسسات الدستورية. ومن المضامين التي نوه بها العلماء، أيضا، تنصيص الدستور الجديد على أن تشمل المساواة كافة المجالات، بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة وثوابت المملكة، وبما ينسجم مع مقتضيات الدستور، وكذا تأكيد المشروع على أن الأسرة القائمة على الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع، وبوضعه واجبات حماية وحدتها واستقرارها على الدولة، وبإحداثه لمجلس استشاري للأسرة والطفولة. كما باركوا تأكيد الدستور على بناء دولة المؤسسات، والحق والقانون، وصون المال العام، وحماية مدخرات الأمة، وتخليق الحياة العامة، من خلال فصل السلط، والديمقراطية والمواطنة، ومشاركة الجميع، وتكريس مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وثمن العلماء حرص الدستور على تأهيل الشباب والموارد البشرية من أجل الانخراط في مجتمع المعرفة والعولمة، وامتلاك ناصية العلوم والتقنيات، والانفتاح على اللغات الأكثر تداولا وإتقانها، مع إشراك الشباب في مختلف أوراش التنمية، مبرزين تنصيص الدستور على أنه لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، وبالنظام الملكي للدولة، وباختيارها الديمقراطي، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية. واعتبارا لكون كل هذه المقتضيات تتماشى مع مقاصد الشريعة في العدل، والإنصاف، والتكريم للإنسان، يضيف بيان المجلس العلمي الأعلى، فإن المؤسسة العلمية تعتبر من واجبها الشرعي أن تنخرط في مشاريع الإصلاحات الكبرى، التي يخوضها جلالة الملك محمد السادس، وأن تتعبأ وتعبئ الناس وراء أمير المومنين، ورئيس المجلس العلمي الأعلى، في كل عمل إصلاحي يكتمل به بناء الصرح الديمقراطي، بما فيه ورش الإصلاح الدستوري وما يقتضيه من مواكبة.