ثمة مثل مغربي تتناقله الأجيال فحواه أن «صياد النعام يلقاها يلقاها»، أي أن كل من يجرؤ على اصطياد النعام لا مناص من تعرضه لمكروه. والمثل كناية عن قوة النعامة في الدفاع عن نفسها. وتوسم النعامة بالغباء لكونها تدفن رأسها في الرمال درءاً للخطر، لكن هناك من برر حركتها الغريبة بقمة الذكاء، إذ أنها بذلك تشكل جسمها في هيئة شجيرة صغيرة تمويهاً على الحيوان المفترس الذي يتعقّبها، فيتجاوزها بحثاً عن فريسة أخرى. النعامة الإفريقية هي نوع من الطيور العداءة. يتراوح طولها بين مترين و2,5 متر ووزنها بين 75 و150 كيلوغراماً، وتتميز بساقين عضليتين ورديتين شبه عاريتين، وتنتهي القدم بإصبعين من دون مخالب. ويعد ذكرها الأجمل في جنسه، فهو ذو عنق أحمر جذاب، ويثير أنثاه بزهوه ومشيته الواثقة. لا تطير النعامة، لكنها تجري بسرعة يمكن أن تصل إلى 60 كيلومتراً في الساعة. والنعام الإفريقي معرض للانقراض ويحظر الاتجار به. واختفت نعامة شمال إفريقيا من المغرب منذ عام 1945. وبعد خمسين سنة ظهرت من جديد في إطار إعادة تأهيل الحياة البرية في الصحراء المغربية، من قبل المندوبية السامية للمياه والغابات. عام 1996، أخذ 37 فرخ نعام من براري دولة تشاد، وأطلقت في محمية الركين البالغة مساحتها 2000 هكتار في سوس بجنوب المغرب. ونجحت تسعة فراخ منها في عملية إعادة التوطين، ستة ذكور وثلاث إناث. فشكلت هذه المجموعة الصغيرة، التي عششت أولاً في متنزه سوس ماسة عام 1999، نواة المجموعة الحالية التي يبلغ عددها 120 نعامة. نمت هذه المجموعة في المتنزه متعايشة مع الظباء، تتغذى على النباتات وبذور الشجيرات. وتتلذذ هذه الطيور النهمة بالتهام الرخويات والحلزون والحشرات والسحالي. أما في فترات الجفاف، فيجري تزويد النعام في المحمية بالماء والتغذية الإضافية للتعويض عن نقص الموارد الطبيعية. يمتد موسم تفريخ النعام بين كانون الأول (ديسمبر) وآذار (مارس). تضع الإناث بيضها في الرمال. وتستخدم اثنتان الى خمس إناث العش نفسه لوضع ما يقارب عشرين بيضة. ويمكن أن يصل عدد البيض في العش الواحد الى مئة، تفقس بعد أربعين يوماً من الحضانة من قبل الذكور والإناث المهيمنة بالتناوب. ولا ينتج العش أكثر من ثلاثين فرخاً. وبعد موسم التكاثر، يأخذ أحد زوجي النعام الفراخ المفقسة تحت حمايته خلال السنة الى الموسم المقبل. يكسو ذكور الفراخ ريش أسود حتى عمر السنتين، لكنها لا تبلغ مرحلة النضج الجنسي إلا في سنتها الرابعة، في حين تحتفظ الإناث باللون البني وتصل إلى مرحلة البلوغ في غضون ثلاث سنوات. أضحى المغرب محط اهتمام مجموعة من المؤسسات الدولية المهتمة باستيراد النعام الإفريقي أو بيضه للتخزين أو التربية في الأسر. وتبرع المغرب بعشرين فرخاً الى المديرية العامة للمياه والغابات في تونس، لإعادة توطين هذا النوع من النعام في ثلاثة متنزهات تونسية. كما منح حديقة حيوان هانوفر في ألمانيا 24 بيضة نعام مرتين، في كانون الثاني (يناير) 2010 و2011، بغية حفظ تراث العالم الطبيعي من خطر الانقراض، بما في ذلك الحيوانات الصحراوية التي تضم نعامة شمال إفريقيا.