النشر الإلكتروني المتخصص ليس بالأمر السهل، خاصة إذا ما تعلق الأمر بمجلة خاصة بالكتاب وقضاياه، وللتقرب أكثر من هذا المجال سعيد الحنصالي وحورية الخمليشي أثناء اللقاء - خص ومن تجربة فريدة في المغرب تتعلق بمجلة "رباط الكتب" الإلكترونية، التي لها أربع سنوات من الوجود، كان ل"المغربية" هذا الحوار مع الباحث سعيد الحنصالي، عضو هيئة تحريرها، وكاتب مقدمة عددها العاشر، الذي جرى الاحتفاء به، أخيرا، بالرباط. إصدار عشرة أعداد من مجلة إلكترونية في ظرف 4 سنوات، هل ترى أنه رقم معقول في عالم افتراضي يتطلب السرعة والتجديد باستمرار؟ مجلة "رباط الكتب" فكرة وحلم تحقق بفضل مجهودات وعزيمة هيئة التحرير. كنا نطمح إلى إصدار أعداد كثيرة من المجلة، لكن إصدار المجلة رافقته شروط وإكراهات، أول شروطها موافقة الهيئة على نوعية الكتب والمواضيع المتناولة، خاصة أن كل المساهمين أكاديميين وباحثين وطلبة، ومن جودة عالية، أما أبرز الإكراهات التي واجهناها فهي إصدار مجلة إلكترونية افتراضية دون موارد مالية قارة، لأننا نشتغل بمواردنا الخاصة فحسب. لكن مع ذلك فعند إصدار كل عدد من المجلة، كنا نتلقى أصداء طيبة تشجعنا على الاستمرار. ما الموقع الذي تحتله مجلة إلكترونية خاصة بالكتب في الفضاء الإلكتروني المتنوع؟ أمام الحضور الطاغي للوسائط الكثيرة وللثقافة الاستهلاكية السريعة، وللمادة الخفيفة على شبكة الإنترنيت، لا يمكن أن أجزم أن للمجلة موقعا كبيرا، لكنه موقع مهم، على اعتبار الردود التي نتلقاها، وعدد متصفحيه الذي يتراوح بين 400 و500 متصفح يوميا، والأصداء الطيبة حول ما ننشر في المجلة، التي وصلتنا من جامعات مغربية وعربية، من تونس، والجزائر، ومصر. كما أن إصدار مجلة إلكترونية ذات طابع وخلفيات ثقافية وأكاديمية خالصة، هو في حد ذاته مغامرة، نفخر في أننا الآن بصدد جني ثمارها الرمزية الأولى من جهة، وتحليلها وتقويمها من جهة أخرى، مع السعي الحثيث إلى تطويرها، وجعل تجربة النشر الالكتروني داخل هذا التصور رهانا، من أجل فتح نقاش حر وعلمي ومنظم، حول آفاق القراءة والتلقي والمناظرة بين مختلف العلوم والمعارف في سياق وفضاء مشتركين. ما هي الأشياء التي راهنت عليها هيئة تحرير المجلة؟ المجلة تعنى بالكتاب في كل تجلياته، وتحتفي بأوليته ومركزيته في تأسيس المعرفة البشرية وفي تطورها، ولهذا راهنا في هيئة التحرير على عدة توجهات وقيم، عملنا على ترسيخها وتجويد أدائها، خلال هذه الفترة من الزمن، أولها تحقيق التوازي بين إعداد مادة متكاملة ومتنوعة للنشر كل ستة أشهر تقريبا، وبين تنظيم موائد مستديرة، بشراكة مع هيئات علمية وجامعية وثقافية، تحتفي بالكتاب أو بقضايا معرفية، أو راهنة متصلة به، وبأعلام من أهل الفكر والأدب، راكموا تجربة قوية في الكتابة والنشر، والإشعاع داخل فضائهم الاجتماعي المحلي، وفي فضاءات إنسانية وجغرافية أخرى. وثانيها تطوير آلية النشر الإلكتروني، بتنويع أبواب المجلة، وإغنائها بفضل المرونة، التي تتيحها الثقافة التفاعلية، بالموازاة مع نشر ورقي تدريجي لمحتويات موائد مستديرة، كما حصل مع إصدارنا بتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، لأشغال اللقاء الدراسي حول كتاب "السنة والإصلاح" للمفكر عبد الله العروي. وإلى جانب هذا، فنحن نطمح إلى تطعيم وإغناء هذا النشر عبر إصدار كل الورشات، التي نظمتها المجلة في مجال النشر الورقي، إضافة إلى النشر الإلكتروني، وإصدار عدد ممتاز ورقي، وسنصدر العدد العاشر كله ورقيا في القريب، إذا توفرت الشروط المناسبة لذلك. نحن نحاول إقامة توازن بين المرغوب في مجال الثقافة التفاعلية، وبين الشروط التي من خلالها نحاول أن تكون لنا سمعة طيبة في مجال التداول الثقافي. ما هي نوعية الكتب التي تجد إقبالا في الموقع؟ المجلة تعنى بكل الكتب، التي تدخل في مجال الآداب والعلوم الإنسانية بشكل عام، هناك توازن في تصفح المواد المنشورة فيها، وهناك عناية كبيرة بالنصوص الأدبية المقروءة، وبنصوص تاريخ المغرب. كما أن المجلة تتميز بنشر حوارات لمفكرين كبار عرب وغربيين، وتنشر، أيضا، نصوصا نادرة من الأرشيف المغربي والعربي، ففي العدد السابق نشرنا نصا غير معروف لعلال الفاسي يقرأ عبد الله العروي. أعتقد أن متصفح الموقع يتعرف على عناصر الجدة فيه، وهو يلجأ إلى القراءات التي تستجيب لحاجياته المعرفية، والأكاديمية، لكن هناك عناية خاصة بكل ما هو جديد في الفضاء الثقافي المغربي، القديم والحديث. مدة ستة أشهر لإصدار المجلة طويلة نسبيا لمجلة إلكترونية؟ إنه اختيار، فخلال أقل من أربع سنوات يمكن أن نزعم أننا اكتسبنا حرفية في إصدار مجلة إلكترونية بدليل أننا لا ننشر هكذا، بل باجتماعات متتالية لهيئة التحرير، والقراءة، وإعادة القراءة، والتصحيح، وتنظيم الأبواب، نحن نفكر جادين في تقليص هذه المدة، والقرار لا يعود لنا لوحدنا بل إلى السياق الثقافي العام، لأننا لا يمكن أن نطلب من المساهمين معنا أن يكتبوا بسرعة، وأن يقدموا لنا موادهم بسرعة، ولذلك فعادة ما يكون تأخير الكتاب مرتبطا بالإكراهات العامة للنشر الالكتروني، ومنها إكراهات الكتابة، ولكنني أعتقد أنه مع نوعية المشاريع التي بتنا ندخل فيها، سواء على مستوى النشر الورقي، أو على مستوى نشر أعمال الورشات، سنتقلص المدة، وأتمنى أن يكون العدد 11 في وقت قياسي، وفي حلة إلكترونية جديدة.