أدت تساقطات مطرية استثنائية وغزيرة على مدينة فاس، ظهر أول أمس الأربعاء، إلى وقوع خسائر مادية عدة، خاصة في شوارع وأزقة المدينة وبعض المباني السكنية جراء السيول، التي اكتسحتها، بعد أن تجاوزت كمية التهاطلات في أقل من نصف ساعة 30 ملم. السيول تسببت في شل حركة السير (الكويرتي) وتسببت هذه الأمطار، التي وصفت بالطوفانية، في عزل العديد من الأحياء عن بعضها، وإغلاق بعض المنافذ المؤدية من وإلى وسط المدينة، واجتياح المياه بشكل مفاجئ لمختلف المرافق العمومية والخاصة، ما عطل العمل بها. وتسربت الأمطار، ومعها الأوحال والأزبال المتراكمة على جنبات الأزقة والشوارع، إلى داخل المنازل، وبعض المساجد، والمؤسسات التعليمية، والمحلات التجارية، في أحياء المدينة العتيقة بسبب المشاكل في تدبير هذا القطاع بهذه الأحياء. وأربك هذا الوضع الحياة العادية بالأحياء المتضررة، ما أجج غضب السكان، الذين خرجوا في مسيرات احتجاج، للتنديد بما أسموه الغش في إحداث قنوات الصرف الصحي وعدم تجديد القديمة منها، التي يعود تاريخها لأزيد من 80 سنة، خاصة في دروب وأزقة المدينة العتيقة، وبالأحياء العشوائية، مثل حي بالخياط، والحي الحسني، وظهر الخميس، وحي الأمل، بعين هارون، وحي باب الغول، الذي انهار فيه أحد المساكن، دون أن يُصاب ساكنوه بأذى. وشملت الفيضانات معظم الشوارع الرئيسية بالمدينةالجديدة (شارع كيني، وطريق صفرو، وطريق عين السمن، وجل شوارع ازواغة، وبنسودة)، إذ غمرت المياه قنطرة "انتبهوا"، قرب محطة القطار، وقنطرة بنسودة، وتوقفت عبرهما حركة المرور، طيلة مساء أول أمس الأربعاء. وأدى تعثر حركة السير في محاورمدينة فاس، جراء هذه التساقطات المطرية الاستثنائية إلى شل الحركة التجارية بالأحياء المتضررة لأكثر من أربع ساعات، إذ تأخر توزيع الأدوية عن أوقاته المعتادة، وتعثرت بعض الخدمات اليومية المعتادة، قبل تدخل فرق الإغاثة، ومصالح الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالمناطق المتضررة لتقديم المساعدات للمواطنين، وإعادة الحياة إلى طبيعتها. وشملت التساقطات المطرية الاستثنائية مناطق عدة وأقاليم مجاورة لمدنية فاس، خاصة إقليم مولاي يعقوب، وتاونات، وصفرو، وبولمان، ما أدى إلى إلحاق أضرار بالضيعات الفلاحية، خاصة في المنتوجات الزراعية والمغروسات، إذ تضررت الأشجار المثمرة (التفاح، والإجاص، والبرقوق) بشكل كبير، نتيجة تعرضها لأمطار قوية مصحوبة بالبرد (تبروري)، والرياح العاصفية. وقال عبد المجيد لطفي، نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ل"المغربية"، إن "المشكل، الذي عاشته مدينة فاس، بسبب التساقطات المطرية، يعود إلى عدم تنقية قنوات صرف المياه من طرف الشركة المفوض لها تدبير هذا القطاع، وعدم أداء المجالس لدورها في مجال إنجاز الأشغال". وأضاف أن "فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عاين، ليلة أول أمس الأربعاء، حجم الخسائر في شارعي الحسن الثاني والحسيمة، وحي وليد، وكذا المحلات التجارية والمنازل، التي تسربت إليها المياه، وقدر حجم الخسائر الأولية بالملايير، ومازال أعضاء الجمعية يجمعون معلومات ومعطيات عن الأماكن المجاورة لفاس". من جهته، قال فؤاد السرغيني، مدير وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، ل"المغربية"، إن "لجنة لليقظة وتدبير المخاطر تشكلت، وتتكون من وكالة تنمية ورد الاعتبار لفاس، والسلطات المحلية، ووزارة الإسكان، وممثلي المجتمع المدني، وانتقلت إلى عين المكان، لتتبع كل المخاطر الناتجة عن التساقطات، واقتراح الأعمال المطلوبة" . وأشار السرغيني إلى أن "وكالة التنمية تشتغل على ثلاثة محاور، من خلال العمل الطوعي لإصلاح المنازل، بالتعاون مع السكان، أو بمساعدة الدولة بنسبة 50 في المائة، وفي الشق القانوني، بتوصل الملاك بإنذارات من طرف المحامي، وفي حالة عدم وجود المالك، تتكلف الدولة بالإصلاحات بنسبة مائة في المائة، وبعد الانتهاء من الأشغال تستخلص الأموال من المالكين". وأضاف أن الوكالة تشتعل، أيضا، من خلال "التدخل الاستعجالي ودرء المخاطر عند التساقطات المطرية، بتدعيم الحيطان والأسقف".