نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الغرب الشراردة بني احسن، أخيرا، بالقنيطرة، ندوة علمية في موضوع "لغة التدريس وتدريس اللغات". جانب من المشاركين في الندوة العلمية وترمي هذه الندوة، التي نظمت بشراكة مع جامعة ابن طفيل، إلى الاقتراب من واقع تدريس اللغات ولغات التدريس بالجامعة ومؤسسات التربية والتكوين التابعة لقطاع التعليم المدرسي على مستوى الجهة من أجل بلورة حلول ملائمة للصعوبات المرصودة وأشكال التعثر القائمة وتعزيز التجارب الناجحة. كما سعت إلى إذكاء نقاش جهوي مسؤول وبناء حول التحصيل اللغوي للطلبة والتلاميذ على مستوى الجهة من أجل الإسهام في تمكينهم من شروط أفضل لتعلم اللغات وتطوير المكتسبات. وأكد رئيس جامعة ابن طفيل عبد الرحمن طنكول، في كلمة بالمناسبة، أن المغرب يتميز بواقعه اللغوي المتعدد، مشيرا إلى أن تراجع التمكن من اللغات ظاهرة عالمية بسبب طغيان وسائل الاتصال على الساحة العالمية، ما يجعل الشباب يستعملون اللغة بشكل مقتضب. وأشار إلى أن الاهتمام باللغات داخل جامعة ابن طفيل يحظى بعناية خاصة من خلال تواجد اللغات في العديد من الشعب داخل كلية الآداب. وشدد طنكول على أهمية تعزيز جسور التواصل بين مختلف أسلاك التعليم والتنسيق بين الجامعة والأكاديمية والنيابات الإقليمية للتعليم، لتجاوز المعيقات في أفق إيجاد سبل ناجعة لتدريس اللغات وتحسين أساليب تدريسها، بغية الارتقاء بالمنظومة التربوية إلى أعلى المستويات. من جانبه، أكد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، عبد اللطيف اليوسفي، أن السياسة الجهوية في دعم اللغات والكفايات الأساسية للتعلمات تمتح مقوماتها وتستمدها من الواقع العملي بالجهة، وتستهدف تعزيز مكتسبات التلاميذ وتطوير المبادرات المبدعة من خلال مشروع مركز دعم الكفايات اللغوية والشراكة مع مختبر الديداكتيك والترجمة والتعليم عن بعد والثقافة. وشدد على أن تحسين اللغة العربية وتطوير آلياتها وتعزيز آليات تدريسها أمرلا محيد عنه، وعلى أهمية الانفتاح على اللغة الأمازيغية حضارة وثقافة وشق مختلف الأساليب والآليات للتحكم في اللغات الأجنبية بتنوع روافدها الثقافية والحضارية والعلمية، لتمكين خريجي المنظومة التربوية من مجابهة التحديات المطروحة. وجرى خلال هذا اللقاء تقديم مجموعة من العروض، التي همت بالخصوص "أطروحات حول المسألة اللغوية بالمدرسة المغربية" و"حصيلة الأنشطة المنجزة بجامعة ابن طفيل لأجرأة تدابير المشروع المتعلق بتعلم اللغات في البرنامج الاستعجالي" إلى جانب ورشات حول "تدريس اللغات بالتعليم الجامعي الأسئلة المركزية" و"لغات التدريس بالتعليم المدرسي" و"لغات التدريس بالتعليم الجامعي". من جانبه عرض الدكتور عبد اللطيف المودني، الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم أطروحات حول المسألة اللغوية بالمدرسة المغربية، مقدما تشخيصا للوضعية اللغوية بالمغرب، معتبرا أن هذا يتطلب اجتهاد جماعي لا يمكن الحسم فيه في نقاش عمومي أو سياسي، بل هو موضوع يحتاج إلى استشارات للخبرات الواسعة في هذا المجال، و استلهام للمسارات المنهجية، التي قطعتها تجربة التدبير المنهجي لتدارس اللغات. وتركزت مداخلة الباحث على سبع أطروحات، أكدت على الأهمية السوسيو نفسية والتربوية للتعليم المبكر للغات، وثمنت حضور اللغات الأم في السنوات الأولى من التمدرس، والتعدد اللغوي، الذي يطبع المجتمع المغربي والمنظومة التربوية يشكل عامل ثراء للتنوع الثقافي وجودة التعلمات والانفتاح الكوني السلس، ودعت إلى إتقان استعمال اللغات تواصلا وقراءة، تعبيرا شفويا وكتابيا يقتضي تدبيرا بيداغوجيا متكاملا وناجعا، وإلى ملاءمة تعلم اللغات والتدريس بها مع وظائف الأسلاك التعليمية، كما أكدت على كون إتقان اللغات يرتبط عضويا بتنويع لغات التدريس، وشددت على ضرورة تعزيز مشروع إتقان استعمال اللغات عبر مؤسسات متخصصة و متكاملة. وخلص الدكتور المدني إلى أن مقاربة هذه الإشكالية المركبة تتداخل فيها مجموعة من الأطراف ولها عدة أبعاد، وهي اليوم في صلب النقاش العمومي نظرا للحاجة الملحة اليوم لإرساء تعاقدات جديدة من أجل بلورة منهجية تربوية لترجمة الخيارات المعلنة عنها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وهذا يقتضي التفكير الجماعي في الحلول العملية والتطبيق الفعلي لمنهاج التدريس. .وتناولت مداخلة الدكتور أحمد أكواو الهوية اللغوية بالمغرب وكيفية تدريسها، مركزا بالخصوص على اللغة الفرنسية، مبرزا أن هناك مشكل تحديد هوية النسيج اللغوي بالمغرب، وكذا التقاطعات الأفقية في السوق اللغوي، وكذلك مشاكل أخرى تتعلق بالتأويلات المتعددة للتعريفات اللغوية نظرا لغنى الحقل اللغوي. وأوصى المشاركون في ختام الندوة بتقوية الشراكة الجهوية بين الجامعة والأكاديمية على مستوى التعليم الثانوي التأهيلي والتعليم العالي، وانفتاح الجامعة على رجال التعليم في ديداكتيك اللغات وإعادة النظر في المذكرة 504، ومأسسة العمل التنسيقي بين التعليم الثانوي والتعليم العالي، مشددين على ضرورة تفعيل أكاديمية اللغة العربية، وتطوير النسق البيداغوجي حول تدريس اللغات، وإجراء تشخيص للحصص الدراسية في مواد اللغات بالسلكي الإعدادي والثانوي للوقوف على واقع تدريس اللغات بالمنظومة. ودعت التوصيات إلى التفكير في إحداث مختبرات للغة يتمرن فيها المتعلمون على اكتساب المهارات اللغوية، وإحداث قطب للتميز على مستوى الجهة، من خلال شراكة بين مركز الموارد اللغوية و الأكاديمية. كما دعت إلى إلزامية توفر التلميذ على شهادة الكفاءة اللغوية قبل الولوج إلى الجامعة، وبرمجة مادة الترجمة في التعليم الثانوي لمدة 4 سنوات، حتى يتمكن التلاميذ من متابعة دراساتهم الجامعية. وطالب المشاركون بالرجوع إلى النظام التعليمي القديم، الذي أنتج النخب الحالية، مشددين على ضرورة فرنسة نظام التربية والتكوين (تدريس المواد باللغة الفرنسية)، وإسناد تدريس مادة اللغة والتواصل إلى الأستاذ نفسه، الذي يدرس المادة العلمية، داعين إلى الإنصات للتلميذ لتقييم الوضع والوقوف على حقيقته، وتشكيل مجموعات من التلاميذ والطلبة للتواصل على مستوى الشعب العلمية في كل من الباكالوريا وكلية العلوم، لتشجيع التلاميذ والطلبة على التعبير باللغة الفرنسية، و تخصيص تكوين مستمر للمدرسين، حتى يتمكنوا من مواجهة الصعوبات، التي يطرحها تدريس اللغات.