احتفت رابطة أصدقاء المسرح الوطني محمد الخامس، يوم الأحد الماضي، بالفنان الطيب الصديقي، رائد الفرجة المسرحية المغربية، والكاتب المسرحي والتشكيلي، الذي قدم خدمات جليلة للمسرح المغربي، وأعاد الاعتبار للفرجة ولفن البساط بالتحديد. شارك في هذا التكريم، الذي يندرج في سياق تظاهرة "مسار مبدع"، التي سنتها رابطة أصدقاء المسرح الوطني محمد الخامس، مجموعة من الباحثين المسرحيين المغاربة والفنانين، الذين اشتغلوا مع الفنان الطيب الصديقي في العديد من مسرحياته. وفي الندوة العلمية، التي خصصها المنظمون لهذا الهرم الفني، استعرض أحمد مساعية جوانبا من حياة الفنان الطيب الصديقي، وبعضا من الطرائف، التي حدثت لهما في أكثر من مناسبة، مشددا على أن الرجل سيظل "أحد أهرام الركح المغربي والعربي والعالمي". وأوضح أن الصديقي يعد مدرسة كونت العديد من المسرحيين، منذ خمسينيات القرن الماضي، وموسوعة يعود إليها شباب اليوم، مؤكدا ضرورة رد الاعتبار لهذه المعلمة، والاعتراف بما قدمه للفرجة المغربية وإسهاماته، من أجل إشعاع الثقافة المغربية عربيا وعالميا. وتناول الباحث عبد المجيد فنيش، في هذه الندوة، اشتغال الفنان الطيب الصديقي على التراث كمادة وشكل، لاسيما الجانب الشعري، من خلال نماذج ديوان عبد الرحمان بلمجدوب، والملحون في مسرحية "الحراز". وتحدث، أيضا، عن الطيب الصديقي كباحث في التراث العربي، من خلال مجموعة من النماذج في مقدمتها "مقامات بديع الزمان الهمداني"، وعن علاقته بالتراث العربي الإنساني، من خلال نموذج الصوفية، خاصة تجربته مع أبي حيان التوحيدي. واختتم فنيش مداخلته عن الطيب الصديقي بالحديث عن اشتغال هذا المبدع على التراث الإنساني العالمي، والتراث في ضفتي المتوسط، ثم التراث الفرنسي، مشيرا إلى أن الصديقى بأعماله، وإسهاماته العديدة والمتنوعة، ساهم في كتابة الركح المغربي. أما الكاتب حسن بحراوي، فاستعرض في مداخلته، التي قدمت نيابة عنه، أهم محطات المسار الفني للصديقي، ومعايشته عن قرب لتحولات الحركة المسرحية المغربية، وازدهارها، وكذا النكسات التي عرفتها. وأكد بحراوي إسهام الصديقي في التعريف بالركح المغربي في العالمين العربي والغربي، مستعرضا بداياته على الخشبة، بعد مشاركته صدفة في تدريب مسرحي بالمعمورة سنة 1954، وكيف سيلفت إليه الأنظار، سنتين بعد ذلك، بعاصمة الأنوار، من خلال دوره في مسرحية "عمايل جحا" المقتبسة عن "حيل ساكابان "لموليير. وعرج بحراوي على أقوى اللحظات في مسار الطيب الصديقي الفني، المليء بالأعمال التي تجاوزت 400 عمل مسرحي، التي نهلت من التراث المغربي العربي والعالمي، إضافة إلى مسرحيات استلهم مواضيعها من المعيش اليومي، وأعاد تركيبها في قالب فني يمزج بين الدلالات والرموز. أما منظمو هذه التظاهرة فأكدوا أن الاحتفاء بالطيب الصديقي، يأتي اعتبارا لكونه رائد الفرجة المسرحية المغربية، وسباقا للعديد من المبادرات المسرحية والغنائية الإنسانية، معتبرين أنه "الرائد الذي صنع الفرجة عندما كنا نحبو في هذا الدرب الطويل". تميزت هذه التظاهرة، المنظمة بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس، وصندوق الإيداع والتدبير، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، واتحاد كتاب المغرب، ووزارة الثقافة، والمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، والمركز السينمائي المغربي، بتنظيم معرض ضم لوحات وكتب للمحتفى به، وسهرة تكريمية شاركت فيها مجموعة من الفرق الغنائية، والأسماء الوازنة في الموسيقى والمسرح.