قال محمد حوراني، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إن تنظيم المناظرة الأولى، المنعقدة، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، حول موضوع المسؤولية الاجتماعية للمقاولة، يأتي في ظرفية خاصة على الساحة الوطنية والدولية. وأضاف رئيس "الباطرونا"، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، أمس الثلاثاء، بالدارالبيضاء، أن التطور، الذي شهده المغرب خلال الأشهر الأخيرة، الهادف إلى تحقيق ديمقراطية أكبر وانفتاح أوسع، وتحديث أعمق للبنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يمثل مجالا ملائما لوضع استراتيجية وطنية للمسؤولية الاجتماعية للمقاولات. وأبرز أن الإصلاحات، التي انخرط فيها المغرب لتحسين مناخ الأعمال، بشراكة بين القطاعين العام والخاص، من شأنها تصحيح وتقنين الممارسات، وإعطاء معنى للقيم، التي يجب أن تقوم عليها علاقات الأعمال. وأضاف أن ضرورة العمل في ظرفية معولمة توجه الاختيار نحو ممارسات معترف بها دوليا، تتمثل في المسؤولية الاجتماعية للمقاولات، بمعاييرها الدولية، التي تطمح إلى تحقيق عالم أكثر عدلا وأمنا. وقال حوراني إن "اختيار الاتحاد العام لمقاولات المغرب لدعم المسؤولية الاجتماعية للمقاولات يتجسد في فرض ميثاق المسؤولية الاجتماعية على كل أعضائه، من جهة، ومنح ميزة الاتحاد للمسؤولية الاجتماعية للمقاولات، من جهة أخرى"، معتبرا أن هذا الاختيار أصبح ضروريا لتحقيق استفادة أكبر للاقتصاد المغربي، وتقليص المخاطر الناجمة عن المنافسة الكونية، التي يتعين على المقاولة رفعها". وذكر رئيس الباطرونا أن العديد من اتفاقيات التبادل الحر، التي وقعها المغرب، تشمل التزامات خاصة بالمسؤولية الاجتماعية للمقاولات، إضافة إلى أن انخراط المغرب، أخيرا، في لجنة الاستثمارات الخاصة بمنظمة التعاون والتنمية، يفرض أخذ معايير المسؤولية الاجتماعية للمقاولات بعين الاعتبار، إلى جانب ما يفرضه تعزيز متطلبات المسؤولية الاجتماعية من احترام لشروط العقود الخاصة بالسلع والخدمات، على الصعيدين الوطني والدولي. ونظرا للطبيعة المتعددة الأبعاد للمسؤولية الاجتماعية، أوضح حوراني أنها تتطلب انخراطا وتدخلا للمقاولة على كافة المستويات، من حيث إدارة الموارد البشرية، وانفتاحها على محيطها الاجتماعي، ورغبتها في الحفاظ على البيئة، وقدرتها على إرضاء زبنائها ومموليها. واستعرض حوراني المبادرتين الحديثتين للاتحاد، وتتعلق الأولى ب 20 اقتراحا من أجل تطوير سوق الشغل وتقليص البطالة، مشيرا إلى أن "هذه الإجراءات تعتبر ثمرة دراسة للسوق وتجارب عمل ميداني، فتحت النقاش مع الحكومة والشركاء الاجتماعيين، لمواكبة المشروع المجتمعي لمغرب ذي مقاولات تنافسية وسوق جذاب". وأضاف أن "الهدف النهائي من هذه الإجراءات هو وضع ميثاق وطني للشغل، من شأنه الاستجابة لحاجيات السكان النشيطين، خاصة الشباب الحاصل على الشهادات". كما أوضح أن مقترحات الاتحاد العام لمقاولات المغرب تتعلق بالإدماج المهني، وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة، وتشجيع الدورات التكوينية للطلبة داخل المقاولات، وتخص أيضا، توجيه التلاميذ والطلبة حسب احتياجات السوق، وتشجيع التكوين بالتناوب، وتمويل حصيلات الكفاءات، من أجل إعادة التوجيه المهني. أما المبادرة الثانية، فاعتبرها مكملة لسابقتها، وتهم تقريب المقاولة من الجامعة، وتكمن في إنجاز موقع إلكتروني، يشكل بنية تهدف إلى تسهيل التواصل بين المقاولات والطلبة الشباب الباحثين عن دورات تكوينية. وتطرق رئيس الباطرونا إلى "نادي المقاولات الحاصلة على ميزة المسؤولية الاجتماعية للمقاولات"، الذي أحدث في أواخر فبراير الماضي. وألقى عباس الفاسي، الوزير الأول، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمناظرة، نوه خلالها بمبادرة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مع تذكيره أن "ظرفية االمناظرة تعتبر استثنائية ومهمة، على اعتبار أن المغرب يعرف، غداة الخطاب الملكي السامي ليوم 9 مارس الماضي، حراكا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا كبيرا، يرمي إلى تكريس ميثاق اجتماعي جديد، يمنح أسس الارتقاء الاجتماعي في كل شموليته". وأضاف أن هذا "اللقاء يؤكد التبني العملي للمقاربة التشاركية، لمواجهة التحديات المطروحة على الاقتصاد الوطني، بغية تعزيز تنافسيته". وأكد الوزير الأول على حرص الحكومة والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين على مبدأ التشاور والتشارك، من أجل تأطير علاقات الشغل، وتقوية العلاقات المهنية، وتثمين الرأسمال البشري. وعرفت الجلسة الافتتاحية، التي حضرها أعضاء من الحكومة، ومسؤولو مؤسسات عمومية وخاصة، وقياديون من المركزيات النقابية، وممثلون عن المجتمع المدني، تسليم شهادات ميزة الاتحاد العام لمقاولات المغرب لعدد من المقاولات المغربية، التي تحصل عليها لأول مرة، والتي جددت حصولها عليها للمرة الثانية. وتمثل المسؤولية الاجتماعية للمقاولة مشاركة المقاولة في مفهوم التنمية المستدامة، وتقوم على ثلاثة أعمدة، بيئية واجتماعية واقتصادية، وترمي هذه المسؤولية إلى تحديد مسؤوليات المقاولة تجاه محيطها، بوضع انشغالاته وانتظاراته في صلب استراتيجيتها التدبيرية. وتعد المسؤولية الاجتماعية للمقاولة دعما للجهود المبذولة لجلب الاستثمارات المباشرة الأجنبية. إذ تولي أهمية خاصة للرساميل الراغبة ليس فقط في تحقيق المردودية، ولكن، أيضا، الطامحة إلى انعكاس أنشطتها على مواقع وجودها، إلى جانب مصالح شركائها، وفق ما يطلق عليه "الاستثمار المسؤول اجتماعيا". كما تعتبر عاملا مساهما في تعزيز مؤهلات التصدير والشراكة بين المقاولات المحلية ونظيراتها الأجنبية.