أجلت محكمة الاستئناف بمكناس، النظر في قضية المتهم بمحاولة سرقة تحفة أثرية من موقع وليلي الأثري بضواحي مدينة مولاي إدريس زرهون، بإقليم مكناس، إلى يوم 27 يونيو المقبل. صور من موقع وليلي الأثري (خاص) وتعود وقائع هذه النازلة، إلى يوم 22 أبريل الماضي، إذ تمكنت إدارة محافظة الموقع، التابعة لوزارة الثقافة، من ضبط شخص يتحدر من دمنات، متلبسا بمحاولة سرقة تحفة أثرية داخل الموقع المذكور، من مكانها وإطارها الأثريين الأصليين، وهي عبارة عن "رتاج باب"، مصنوع من النحاس الأصفر الثقيل، يصل وزنه إلى 1.640 كيلوغراما، وتسليمه إلى مركز الدرك الملكي بزرهون، حيث اعترف بأنه كان ينوي السطو على القطعة الأثرية وبيعها بطريقته الخاصة، ليجري تسليمه للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمكناس. وفي هذا السياق، قال محافظ موقع وليلي، رشيد بوزيدي، إن هذه التحفة التاريخية، التي تعد من النماذج النادرة جدا من نوعها بالمغرب، يعود تاريخها إلى الحقبة الرومانية، وتحديدا إلى حوالي 18 قرنا خلت، مؤكدا، في تصريح ل"المغربية"، أن هذه العملية، التي تدخل ضمن السرقات الأثرية، هي الأولى من نوعها التي يجري إحباطها على الصعيد الوطني من طرف إدارة تابعة لوزارة الثقافة، مشيرا إلى أن نجاحها يرجع، بالأساس، إلى الاستراتيجية التي تعتمدها إدارة محافظة موقع وليلي الأثري على صعيد الحراسة بالموقع ليلا ونهارا، وعلى مدى أيام الأسبوع. وبخصوص السرقات السابقة، أفاد بوزيدي أن موقع وليلي، الذي صنفته "اليونسكو" في عام 1997 ضمن لائحة التراث الإنساني، باعتباره المنطقة الرومانية الوحيدة في العالم، التي توجد داخل مجال ظل محافظا على خصائصه الطبيعية والمعمارية والفنية، تعرض، في فترات سابقة، للعديد من السرقات، كان آخرها سرقة قناديل أثرية سنة 1996، كما سرق في وقت سابق تمثال من الرخام لإله الخمر الروماني "باخوس" وقطع من العملة النقدية الذهبية للملك "جوبا"، التي يعود تاريخها إلى 40 سنة قبل الميلاد. ورغم الاهتمام المتزايد من طرف المسؤولين بالمواقع الأثرية في المغرب، إلا أن عددا منها لم يسلم من السرقات، التي طالت نقوشا صخرية بالصحراء، وديناصورا عمره 112 مليون سنة، بيع بقاعة "دور مونتين" بباريس بمائة ألف أورو، ونسخة من كتاب "الموطأ" بيعت بدورها ب200 مليون أورو، بسويسرا، ومخطوطا كبيرا للقرآن الكريم يعود إلى 10 قرون. وإلى حدود العشرية الأخيرة، تبخرت قنوات للماء الصالح للشرب مصنوعة من الرصاص تعود إلى ما قبل الرومان، عثر عليها بنواحي العرائش، وجرت سرقة مدفع تقليدي من مدينة الجديدة، يعود تاريخه إلى فترة الوجود البرتغالي بالمدينة. كما جرى تسجيل العديد من السرقات، التي مست متحف المدينة العتيقة بمدينة البيضاء، الذي أسسه كل من ماجوريل وبراني مدير ليسي ليوطي في ذلك العهد، ومعمر الزاوي وهو من أصل جزائري منذ سنة 1919، وكانت به لوحات لماجوريل يصل ثمنها اليوم إلى خمسة ملايير سنتيم. إلى جانب زرابي وحلي، ولم تفلت منها إلا عظام الولي الصالح سيدي عبد الرحمان التي نقلت إلى متحف الرباط. للإشارة، يعود تاريخ مدينة وليلي الأثرية أو "فوليبيليس"، إلى الحقبة الرومانية، وأثبتت التنقيبات الأثرية التي قام بها أثريون ألمان، أن أصول مدينة وليلي تعود على الأقل إلى القرن الثالث قبل الميلاد. ومن أهم المآثر بالموقع "قصر كورديانوس" الذي تبلغ مساحته أزيد من 4000 متر مربع، وأعيد بناؤه في عهد الإمبراطور كورديانوس الثالث ما بين 238 و244 بعد الميلاد. ويعتبر "الشارع الرئيسي" لمدينة وليلي الأثرية أهم المعالم الشاهدة على تاريخها، حيث يدخل ضمن أهم شوارعها وأروعها، يتصل بمنازل الواجهة الشمالية والجنوبية بواسطة أروقة وشوارع ثانوية، ويشكل خطا مستقيما يمتد إلى "قوس النصر"، الذي يتوسط المدينة، حيث توجد في أعلاه صورة منقوشة للإمبراطور "كراكلا"، الذي بني سنة 217م لمنحه المواطنة الكاملة لسكان المدينة وإعفائهم من الضرائب، من طرف بلدية فوليبيليس.