ترى مجموعة من النقابات أن فاتح ماي هذا العام يتزامن مع حراك سياسي واجتماعي يشهده المغرب، واعتبرت أن احتفالات هذه السنة ستشكل مناسبة جديدة لتأكيد ضرورة مواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وستختلف الاحتفالات بفاتح ماي هذه السنة كليا عن السنوات الماضية، بعد أن أفرجت الحكومة عن زيادة في أجور الموظفين، وصفتها مصادر نقابية ب"المهمة". وعبرت مصادر نقابية عن ارتياحها لنتائج الحوار، الذي أجرته مع الحكومة، وأضافت أنه لأول مرة أظهرت الحكومة حسن نيتها في معالجة الملفات المطلبية لفائدة الموظفين، الشيء الذي يمكن أن يخفف من حدة الاحتقان الاجتماعي، الذي شهده المغرب في السنوات الأخيرة في العديد من القطاعات الحكومية. ودعت مجموعة من المركزيات النقابية وبعض جمعيات المجتمع المدني إلى المشاركة المكثفة في تظاهرات فاتح ماي، وذلك من أجل التأكيد على ضرورة الاستجابة لعدد من الملفات التي ما تزال مطروحة فوق طاولة الحكومة، وكذا للاحتفال بهذا اليوم العالمي. وقال عبد القادر أزريع، فاعل نقابي، إن الاحتفالات بفاتح ماي لهذه السنة تأتي في أجواء مختلفة جذريا عن أجواء السنوات السابقة، لأن هناك حراكا سياسيا في المنطقة العربية بما فيها المغرب، تمخض عنه عدد من التحولات السياسية، التي ستنعكس بدورها على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. وذكر أزريع أن احتفالات هذه السنة ستتضمن ما خلصت إليه بعض المشاورات من أجل تلبية المطالب، والمشاورات التي تجري حاليا من أجل التغيير. وأضاف أزريع، أن هناك نقاشا أسفر عن الاتفاق الأخير، الذي دفع إلى الإجراء الاستعجالي لمواجهة بعض المطالب الفئوية والمطالب المرتبطة بالمأجورين، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، ناهيك عن بعض المطالب المرتبطة بالتقاعد، وكل هذه الإجراءات، يوضح أزريع، لقيت أصداء بين عدد من الفاعلين في الحقل السياسي والحقوقي، وستنعكس على شعارات فاتح ماي، كما ستثيرها المركزيات النقابية، التي تشارك بدورها في معالجة المعضلة الاجتماعية، من خلال موقعها في لجنة المشاورات لصياغة دستور المستقبل. بالمقابل أكد أحمد الصالحي، عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل، أنه رغم أهمية الزيادة، التي أعلنتها الحكومة أياما قليلة قبل الاحتفالات بعيد العمال، فإنها تبقى غير كافية، نظرا لعدم الحسم في مسألة الترقيات الاستثنائية، وقال في هذا السياق"إن الزيادة في الأجور مسألة مهمة، ولكنها غير كافية، على اعتبار أن هناك مجموعة من الموظفين، الذين ما زالوا في انتظار فك الحصار عن الترقية الاستثنائية، إذ حان الوقت من أجل إنصاف الموظفين، الذين ولجوا إلى الوظيفة العمومية سنوات السبعينيات والثمانينيات ولم يستفيدوا من الترقية الاستثنائية، فقد كان حريا أن تواكب الزيادة في الأجور مسألة الترقيات الاستثنائية". وأضاف الكاتب المحلي للنقابة الوطنية للصحة، أنه لابد من القطع مع أسلوب التفرقة بين القطاعات الحكومية، إذ يلزم الحكومة أن تتعامل مع جميع القطاعات بالمنطق نفسه دون التفرقة بين هذا الموظف وذاك، فالجميع يعمل في الوظيفة العمومية. وقال "لابد أن نضع حدا لأسلوب هذا موظف نافع وذاك غير نافع، لأن هذا الأسلوب سيزيد من حدة الاحتقان". ولم يخف أحمد الصالحي، أن هناك رغبة لدى بعض القطاعات من أجل خوض سلسلة من الإضرابات، كما هو الحال بالنسبة لقطاع الصحة، مؤكدا أن هذه الإضرابات ستستمر إلى أن تحقق جميع مطالب هذه الفئة من الموظفين، وقال "ستستمر سلسلة الإضرابات في بعض القطاعات من أجل أن تستجيب الحكومة للمطالب المعلقة، وعلى رأسها، كما قلت سابقا، مسألة الترقية الاستثنائية لفائدة الموظفين". وفي الوقت الذي يشعر فيه بعض الموظفين بالارتياح جراء الإعلان عن قرار الزيادة، ينتاب زملاءهم في القطاع الخاص شعور بعدم الرضى، بسبب عدم استفادتهم من أي زيادة في الأجور، وهو الأمر الذي تستحضره بعض النقابات، التي أكدت مباشرة بعد القرار الحكومي بالزيادة في أجور الموظفين، بأنه من اللازم على القطاع الخاص أن يستجيب لمطالب فئة العمال، وذلك بالزيادة في الأجور والتخفيض من قيمة الضريبة على الدخل.