إن اختيار الفيدرالية الديمقراطية للشغل شعار «تأمين الحقوق الأساسية دعامة لبناء جهوي ديمقراطي ومتضامن» للاحتفال بفاتح ماي 2010، يندرج في سياق الوعي بدور الشغيلة المغربية في دعم القضايا الوطنية الكبرى وكل المبادرات الرامية إلى توسيع مشاركة المواطن في بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي، ودعم كل آليات التضامن الاجتماعي. (...) إن اختيار الفيدرالية الديمقراطية للشغل شعار «تأمين الحقوق الأساسية دعامة لبناء جهوي ديمقراطي ومتضامن» للاحتفال بفاتح ماي 2010، يندرج في سياق الوعي بدور الشغيلة المغربية في دعم القضايا الوطنية الكبرى وكل المبادرات الرامية إلى توسيع مشاركة المواطن في بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي، ودعم كل آليات التضامن الاجتماعي. إن الفيدرالية الديمقراطية للشغل تراهن على تأسيس جهوية عصرية في كل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، تأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جهة لتأمين الحقوق الأساسية للمواطنين من تعليم وصحة وشغل ونقل. ... في إطار التماسك الاجتماعي، وبناء تعاقد جديد بين الدولة والجهات بما يضمن الاستقرار في إطار الوحدة المغربية، والتضامن بين الجهات (..) إصلاحات سياسية ومؤسساتية لازالت تداعيات محطة شتنبر 2007 للانتخابات التشريعية ومحطة يونيو 2009 للانتخابات الجماعية تفرز آثارها على المجال السياسي، مما يقوي عوامل التشكيك واليأس واللامبالاة. وهو وضع يؤكد الحاجة اليوم إلى الدخول في جيل جديد من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية لعقلنة التراكمات الديمقراطية التي تحققت في العشرية الأخيرة وإعادة الاعتبار للعمل السياسي الجاد . كما أن الانتخابات المهنية التي امتدت من شهر ماي إلى أكتوبر 2009 طرحت بدورها تساؤلات مقلقة على الفاعل النقابي، فرغم التقدم الهام الذي حققته الفيدرالية الديمقراطية للشغل والتنظيمات الأعضاء فيها، فإن النسبة العالية لمناديب العمال الذين ليس لهم انتماء نقابي تجعلنا جميعا أمام سؤال الأسباب. وإذا كان جزء من المسؤولية يرجع إلى سياسة عدد من أرباب العمل المعادية للعمل النقابي، ونظرتهم السلبية لكل محاولة من طرف العمال لتنظيم أنفسهم في إطار نقابي، فإن السؤال يبقى مطروحا بإلحاح النقابيين أيضا للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا التراجع. وفي هذا الإطار فإن الحاجة ماسة إلى العمل على تفعيل قانون النقابات لحماية الحقل النقابي من مختلف الظواهر السلبية ويضمن الشفافية والديمقراطية الداخلية ومراجعة القانون المنظم للانتخابات المهنية في القطاع العام بما يحمي ويحصن العمل النقابي ويضمن تمثيلية نقابية حقيقية. الاقتصاد الوطني و مواصلة الإصلاحات الهيكلية : لقد عرف الاقتصاد الوطني. مع الأزمة الاقتصادية العالمية، تراجعا في قطاعات هامة خاصة النسيج والجلد وصناعة السيارات والسياحة وعائدات المغاربة المهاجرين ، مما أثر سلبا على نسبة النمو وبالتالي على فرص الشغل والتمويل اللازم لمواجهة الخصاصات الاجتماعية. ورغم أن الحكومة حاولت من خلال القانون المالي لسنة 2010 أن تقدم صورة متفائلة للوضع الاقتصادي، حيث اعتبرت أن نسبة العجز في الميزانية لن تتعدى 4% ، فإن العجز الذي وصل عمليا إلى 5 ملايير درهم في بداية شهر أبريل 2010، يؤشر على وضع يفند التفاؤلات التي عبرت عنها الحكومة، فنسبة النمو هذه السنة لن تتجاوز ما بين 3% إلى 3,5% ، وهي نسبة لا تساعد على خلق مناصب الشغل الضرورية لامتصاص أفواج العاطلين عن العمل، وفتح آفاق للوافدين على سوق الشغل، وتطوير الاقتصاد الوطني في ظل محيط جهوي ودولي يتسم بنسب نمو ضعيفة. لقد صوت الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين ضد هذه الميزانية لأنها في تقديرنا لا تتجاوب مع حجم انتظارات المأجورين وعموم المواطنين ... لقد عمقت موجة الغلاء التي مست المواد الغذائية الاساسية الأوضاع المزرية لفئات واسعة من المواطنين، وساهمت في توسيع رقعة الفقر والتهميش، وأفرغت كل الإجراءات الاجتماعية التي أقدمت عليها الحكومة منذ 2008 من كل أمل في تحسين اوضاع المأجورين. وقد تميز الموقف الحكومي للأسف بسلبية صارخة، حيث لم تتخذ هذه الأخيرة أي إجراء إجتماعي لحماية القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود، ولمن لا دخل لهم، وحماية المستهلكين من المضاربين.. ومن المرجح أن تزداد الوضعية الاقتصادية والاجتماعية صعوبة بفعل حلول موعد الاستحقاقات الدولية التي وقع المغرب عليها، والمتمثلة في إزالة الحواجز الجمركية ، وكذلك تدبيرالوضع المتقدم لبلادنا مع الاتحاد الأوربي(..). فرغم الثقل الذي تمثله الاعتمادات المرصودة لقطاعي التربية والتكوين وفي الميزانية العامة، خاصة مع المخطط الاستعجالي للإصلاح وبرامج تأهيل المستشفيات، والمجهود المبذول على مستوى توسيع التغطية الصحية، فإن الواقع والإمكانيات، يحتمان تعزيز المجهود الوطني في هذين القطاعين باعتبارهما حاسمين في مجال التنمية البشرية. وبالموازاة مع ذلك، فإن الهشاشة الاجتماعية كمعطى بنيوي لدى فئات واسعة من المستضعفين، يفرض ضرورة تقوية ودعم البرامج والمبادرات سواء منها الرسمية أوالمنبثقة من المجتمع المدني للتخفيف من حدة مظاهر الهشاشة .... التفاوض والنضال : على إيقاع مخلفات انفراد الحكومة بالإعلان عن نتائج الحوار الاجتماعي لسنة 2008، دخلت الفيدرالية جولة شتنبر لسنة 2009 بتصور جديد للمنهجية التي يجب اتباعها للوصول إلى نتائج متوافق حولها، حيث تم الاتفاق على جدول أعمال لسنتي 2009 و2010 . وخلال الجلسات المعدودة التي عقدت للتفاوض حول النقط المدرجة في جدول الأعمال، شاب مفهوم التفاوض عيب أساسي تمثل في غياب ممثلي الاتحاد العام لمقاولات المغرب عن جلسات الحوار، دون أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها في الدفع بمصداقية الحوار بأطرافه الثلاثة. ورغم ذلك تمكنت المركزيات النقابية من انتزاع بعض المكاسب لمأجوري القطاع الخاص وتحديدا في مجال التغطية الصحية بتوسيع سلة العلاجات الخارجية، لتضمن العلاجات الخارجية لعمال القطاع الخاص، والرفع من التعويضات عن حوادث الشغل وحث الحكومة على الوفاء بالتزاماتها إزاء العاملين بقطاع النقل. أما فيما يتعلق بالقطاع العام، فإن موضوع حذف السلاليم الدنيا من 1 إلى 4 والذي استهلك حوالي عقد من الزمن، قد وجد أخيرا الطريق إلى التفعيل رغم بعض الصعوبات الإجرائية التي لازالت قائمة. كما تم تحديد مبلغ 700 درهم صافية كتعويض عن العمل في المناطق النائية والصعبة ابتداء من شتنبر 2009 في قطاعي التعليم والصحة. غير أن الحكومة أخلت بالتزامها في تشكيل لجنة مشتركة لتحديد مفهوم المناطق النائية ومعايير الاستفادة من هذا التعويض وإمكانية استفادة قطاعات أخرى منه. أما الإجراء الحكومي القاضي برفع حصيص الترقية بنسبة 6 % (3+3) على مرحلتين فقد حاولت الحكومة من خلاله التهرب من مواجهة المطلب النقابي المتمثل في إقرار ترقية استثنائية لكل الموظفين المستوفين للشروط منذ 2003 إلى الآن، وإعادة النظر في منظومة الترقي ككل، تلك الإجراءات أعلنت عنها الحكومة بشكل منفرد مرة أخرى، مما خلق توثرا جديدا، جعل الفيدرالية الديمقراطية للشغل مع حلفائها في التنسيق النقابي تخوض إضرابا وطنيا في قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العامة ذات الصبغة الإدارية يوم 03 مارس 2010، هذا الإضراب الذي كان ناجحا، وأكد تمسك الشغيلة بمطالبها، واستعدادها لخوض مختلف أشكال النضالات دفاعا عن حقوقها . إن الحكومة تتحدث عن 18 مليار درهم كغلاف لتغطية كلفة الحوار الاجتماعي، متجاهلة أن حجم الخصاصات تدعوها لبذل مجهودات أكثر لرفع الغلاف المالي ليكون في مستوى متطلبات النهوض بالأوضاع المادية للأجراء. كما أن الحكومة مدعوة أيضا في مجال صيانة الحق النقابي إلى التوقيع بدون تردد أو تأخير على الاتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي. إذا كان شهر أبريل يمثل الموعد السنوي الثاني للحوار الاجتماعي، فإن الحكومة بدواعي متعددة تماطل عبر تمديد الاجتماعات التشاورية حول المنهجية وجدول الأعمال، علما أن جدول الاعمال المصادق عليه منذ السنة الماضية يتضمن موضوع تحسين الدخل بما فيه الزيادة في الأجور. لقد بات جليا أن من الضروري مراجعة التدبير الحكومي للحوار الاجتماعي وإعلانها عن إرادة سياسية حقيقية لإنقاذه من خطر إفراغه من محتواه التفاوضي وتحويله إلى ملتقيات شكلية. أما الأوضاع في القطاع الخاص، فهي أسوأ بكثير، فبالإضافة إلى التسريحات الجماعية والفردية نتيجة إغلاق المؤسسات الإنتاجية رغم الدعم الحكومي المبذول لأرباب العمل، يعيش العمال في مخابئ الاقتصاد غير المهيكل واقعا غير إنساني، في ظل غياب أي تطبيق لمدونة الشغل، وانعدام الحد الأدنى للأجر أوالتغطية الاجتماعية، وعدم احترام ساعات العمل (...) وحدة الصف: (..) نعتبر أن وحدة الصف النقابي شرط ضروري لتحقيق المطالب والحقوق. ووفق هذا الاختيار الاستراتيجي سنواصل التنسيق النقابي والتشاور مع حلفائنا من أجل تدبير المحطات المقبلة والتي ستكون مناسبة للرد على التدبير الحكومي للملف الاجتماعي وعلى تعاملها اللامبالي مع الحوار الاجتماعي. إننا ونحن نحتفل اليوم بفاتح ماي 2010، فإننا نعلن عن احتجاجنا الصارخ على التعامل الحكومي مع الملف الاجتماعي، ونعتبر هذا اليوم مدخلا أساسيا لرفع مستوى التعبئة والاحتجاج في صفوف الفيدراليين والفيدراليات استعدادا لكل الاحتمالات. القضايا الأساسية : (..) يعد ملف إصلاح أنظمة التقاعد أعقد هذه القضايا المطروحة على طاولة النقاش، فبعد ست سنوات من تشكيل اللجنة الوطنية، يستعد مكتب الدراسات إلى تقديم خلاصاته، فإن مواقف الفيدرالية إزاء السيناريوهات المطروحة لمعالجة أزمة أنظمة التقاعد لن تحيد عن التمسك بصون المكتسبات وضمان ديمومة الصناديق وإصلاح الفروقات بينها، خاصة بين الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وضمان حق الأجيال الحالية والقادمة في تقاعد مريح جزاء لها على الخدمات التي قدمتها. أما الملف الثاني : الذي يستأثر بانتباهنا، فهو ملف التعاضد، فبعد الفضيحة التي شهدتها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية والتي حولها المجلس الإداري السابق إلى مرتع للفساد، والتي ينظر القضاء اليوم في ملف كل الذين ثبت تورطهم، وفي انتظار إخراج مدونة التعاضد، وانطلاقا من قناعتنا بمبدأ محاربة الفساد والمفسدين، يبقى من الضروري التأكيد على وضع باقي التعاضديات تحت مجهر المراقبة والتدقيق لمعرفة أوضاعها الملف الثالث : يتعلق بإحداث صندوق للتعويض عن فقدان الشغل، فإذا كنا قد ثمنا هذه المبادرة، فإننا نسجل أكثر التزام السيد الوزير الأول بمساهمة الأطراف الثلاثة في تمويل هذا الصندوق (مشغلون أجراء حكومة) ونحن على استعداد لمناقشة مسودة القانون المتعلق بهذا المشروع ونطالب الحكومة بالإسراع بإخراجه في أقرب الآجال. الملف الرابع : هو قانون النقابات الذي كانت مركزيتنا سباقة إلى طرحه. وإذ نسجل استجابة الحكومة لهذا المطلب من خلال مد المركزيات النقابية بمشروع هذا القانون قصد دراسته، فإننا مستعدون للإدلاء بوجهة نظرنا، حتى يتسنى لهذا المشروع أخذ طريقه إلى المصادقة الحكومية والبرلمانية، وحتى نتمكن من تأطير الحقل النقابي وعقلنته وتخليقه في إطار من الوضوح. الملف الخامس : ويزداد انشغالنا بأوضاع المهاجرين المغاربة اتساعا بالنظر لما تمثله الهجرة المغربية (3 ملايين مهاجر ومهاجرة)، ومساهمتهم الأساسية في الدخل الوطني، كل ذلك يفرض علينا جميعا دولة وحكومة وشركاء اجتماعيين إلى دعم حقوق المهاجرين داخل الوطن وبمختلف مواطن الهجرة، والتصدي لكل موجات العداء والعنصرية، ولكل الإجراءات التعسفية التي تحاول الأطراف اليمينية فرضها لضرب حقوق مهاجرينا والتهجم على مكتسباتهم . وتجسيدا لاهتمامات مركزيتنا بهذا الموضوع، تم تأسيس مركز للإرشاد في مجال الهجرة بالرباط بتعاون بين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للعمال بإسبانيا كمدخل لتطوير وتوسيع تعاوننا مع نقابيي بلدان الاستقبال. آفاق المؤتمر الوطني الثالث يأتي العيد الأممي للعمال هذه السنة والفيدرالية الديمقراطية للشغل تستعد لعقد مؤتمرها الوطني الثالث وفاء لقيم ومبادئ التأسيس، وعملا متواصلا من أجل بناء المؤسسة النقابية الديمقراطية الحداثية. لقد قطعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر أشواطا مهمة في إنجاز المهام الموكولة إليها، وتوجد اليوم مشاريع الأوراق التي ستقدم إلى المؤتمر في مراحلها الأخيرة، كإنجاز جماعي للنخبة الفيدرالية. وأبرز ما يميز هذه المشاريع الإرادة الجماعية لكل الفيدراليات والفيدراليين في التقييم الموضوعي للتجربة منذ التأسيس والحرص على تقويم كل الاختلالات التي تكون قد شابت التجربة، وأيضا تصليب وتقوية مبادئ التأسيس وفي مقدمتها الديمقراطية الداخلية والاستقلالية والطابع الفيدرالي للمركزية وتطوير مقومات بناء النقابة المؤسسة. إن المشهد النقابي المغربي يدعونا إلى التفكير العميق في مستقبل العمل النقابي ببلادنا. فتشخيص هذا الواقع يضعنا أمام حقائق مؤلمة في مقدمتها ضعف التأطير النقابي للشغيلة المغربية، فنسبة التنقيب تعد من أضعف النسب، كما أن الحصيلة لا ترقى إلى تطلعات الأجراء ولا تستجيب في كثير من جوانبها للتحولات العميقة التي عرفتها مكونات الفئات العاملة انعكاسا لما عرفه المجتمع المغربي من تحولات في العقدين الأخيرين. إن الوعي الفيدرالي بهذا الواقع من خلال التراكمات التي تحققت منذ التأسيس إلى الآن، قادر على أن يجعل من محطة المؤتمر الوطني الثالث محطة لتحقيق النقلة النوعية المنتظرة لتحريك المشهد النقابي الوطني وجعله يتفاعل بشكل إيجابي مع التحولات التي عرفتها بلادنا في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن نقابة الغد، هي نقابة المسؤولية والديمقراطية والمصداقية والقرب والوحدة النقابية، وهي رؤيا تفرضها مصلحة الشغيلة المغربية والتحولات الجهوية والدولية التي يعرفها المجال النقابي. لذلك فالفيدرالية الديمقراطية للشغل عازمة من خلال مؤتمرها القادم على المضي قدما في الاختيارات التي كانت وراء تأسيسها.