واصل قاضي التحقيق بالغرفة الثانية لدى استئنافية الجديدة، الأربعاء الماضي، للمرة الرابعة على التوالي، التحقيقات حول ملفات فساد إداري ومالي، زلزلت المجلس الجماعي السابق للجديدة. السجن المحلي بالجديدة (خاص) وكان أمر، أخيرا، بإيداع 17 متهما رهن الاعتقال الاحتياطي، فيما قرر الاستماع، في حالة سراح، ل 13 متهما آخرين، على خلفية ما اعتبره اختلاسا لأموال عمومية، وخيانة الأمانة، وتزوير وثائق إدارية، ومنح أملاك جماعية مجانا للغير، ومنح رخص بناء مخالفة للضوابط القانونية، وإقصاء منافسين من المشاركة في صفقات عمومية، كان استفاد منها بعض الخواص، دون سند قانوني. وفي إطار هذا الملف الجنائي، الذي من المتوقع أن يعرف تطورات حاسمة، تابع الوكيل العام مشرفا على مطعم للمأكولات الخفيفة، من أجل المشاركة في اختلاس أموال عمومية، بمقتضى مسطرة قضائية إضافية، أحالتها الضابطة القضائية، لاحقا، على أنظار ممثل النيابة العامة. وباشر كل من رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، ورئيس المجموعة الحضرية، بتعليمات صادرة عن الوكيل العام بمحكمة الدرجة الثانية، بحثا دقيقا ومعمقا، استغرق خمسة أشهر، وتضمن 3 آلاف صفحة ووثيقة، لكشف تلاعبات وخروقات، وأفعال ذات صبغة جنائية، كانت شابت عمل المجلس البلدي للجديدة، خلال الفترة الممتدة ما بين 2002 و2007. وكانت لجنة التفتيش لدى المجلس الأعلى للحسابات، أجرت تدقيقا في حصيلة عمل المجلس الجماعي للجديدة، برسم الفترة المذكورة، أفضت إلى ضبط مجموعة من التلاعبات والخروقات الجسيمة، شابت تدبير شؤون الجماعة الحضرية، وضمنتها في تقريرها لسنة 2008، الذي رصد، بالمناسبة، الاختلالات التي عرفها مشروع المركز التجاري القلعة، وأشغال صيانة البنايات الجماعية بقصر البلدية، وتوريدات مواد البناء، وصفقة تهيئة وتقوية الطرقات، وصيانة البنايات الإدارية، وصرف نفقات لا تندرج ضمن تحملات الجماعة، عبر إصدار حوالات لفائدة مصالح غير جماعية، وكذا الطابع الصوري لبعض الخدمات، وشراء أغراس، واقتناء أثاث لدار ضيافة لا وجود لها على أرض الواقع، بالإضافة لصفقة ترميم المسرح البلدي، التي جرى صرف مبالغ عليها، دون إنجاز أي خدمة، وصفقة صورية لشراء الجرائد، والمغالاة في تكلفة صيانة ميزان سوق الجملة، ناهيك عن اختلالات همت تدبير الممتلكات العقارية الجماعية، أمثال منح استغلال مقاه جماعية للغير بالمجان، ومنح أراضي تابعة للملك العمومي الجماعي للغير بالمجان، لبناء مقاه، ومنح شاليات للغير بالمجان، والاستغلال المجاني دون سند قانوني، لمقهى كائن بحديقة عمومية، علاوة على اختلالات، أخرى عرفتها عملية كراء الملعب البلدي أحمد لشهب، لتنظيم معرض تجاري. وأفضت الأبحاث والتحريات، التي باشرتها الضابطة القضائية، إلى استنتاج وتحصيل مجموعة من المعطيات المادية، كل حسب ما أدلى به من تصريحات، ووثائق، أرفقت بمحاضر الاستماع القانونية. وأحال المحققون صباحا الإجراءات المسطرية، التي تضمنت 3 آلاف صفحة ووثيقة، على الوكيل العام، مع حضور جميع المعنيين، الذين بلغ عددهم 59 شخصا، من ضمنهم الرئيس السابق للمجلس البلدي للجديدة، وثلاثة مستشارين جماعيين بالبلدية ذاتها، وتقنيين، ومهندسين، ومشرفين على أقسام إدارية ببلدية الجديدة وعمالة الإقليم، من ضمنهم أربعة رجال للسلطة (خلفان)، إضافة إلى خواص، كانوا استفادوا من صفقات عمومية، وامتيازات تعود للملك العام، دون سند قانوني. وأجرى الوكيل العام استنطاقات، امتدت إلى الساعة العاشرة ليلا، قبل أن يحيل الجميع على قاضي التحقيق، الذي قرر، في حدود ساعة متأخرة من الليل، إيداع 17 متهما رهن الاعتقال الاحتياطي، في مقدمتهم الرئيس السابق للمجلس الجماعي للجديدة، وشقيقيه، أحدهما مستشار جماعي، ومستشاران جماعيان آخران في المجلس الجماعي السابق والحالي، وموظفون ومقاولون، ومستفيدون من صفقات عمومية، دون وجه حق. ووجه قاضي التحقيق استداعاءات، شملت 13 متهما آخرين، لحضور جلسة الاستنطاق التفصيلي، فيما أخلى سبيل 29 شخصا، واعتبر بعضهم شهودا في القضية. وانضاف إلى قائمة المتهمين، الذين بلغ عددهم 30، منهم من هم رهن الاعتقال الاحتياطي، وآخرون متعوا بالسراح المؤقت، متهم آخر، يشرف على مطعم، أنجزت أخيرا في حقه المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية مسطرة إضافية، أحالتها على الوكيل العام.