أكد عمر عزيمان، رئيس اللجنة الاستشارية للجهوية أن "مهمتها كانت صعبة، لأنه طلب منها وضع نموذج للجهوية المتقدمة، من خلال عملية تركيبية لبنيات جديدة، تتكون من عدد من المكونات، يجب أن تكون منسجمة، وتصب في الاتجاه نفسه". وأضاف عزيمان أن ما سهل مأمورية اللجنة الاستشارية، هو الخطاب الملكي، الذي حدد مهمتها، ووضع أمامها بكل وضوح التوجهات الأساسية والمحورية، فضلا عن جلسات الاستماع والإصغاء، التي خصصت لجميع الفعاليات، والتي أبانت عن انتظارات وتطلعات المجتمع المغربي للجهوية. وأوضح عزيمان أن اللجنة حددت مجموعة من الاختيارات والمقترحات، انطلاقا من الخطاب الملكي، وحصيلة جلسات الاستماع والإصغاء، وبناء على دراسة وتحليل المذكرات، التي قدمت لها، وبناء على دراسات نقدية لصيرورة المغرب في مجال المركزية واللاتمركز، وعلى الاختيار الديمقراطي والحداثي للمغرب، مشيرا إلى أن الاختيار الأول ينبني على نموذج يندرج في إطار الدولة الديمقراطية اللاممركزة، الذي سيؤدي إلى قفزة نوعية في مسلسل دمقرطة المجتمع، موضحا أن هذا الاختيار يقتضي أن تكون الجماعات الترابية منتخبة، وتتمتع بالمصداقية. أما في ما يتعلق بالاختيار الثاني، فأبرز عزيمان، أنه يهم وضع آليات لتقوية مشاركة المواطنين في تدبير الشأن العام، والمشاركة النسائية، وأن الأمر "يقتضي إعطاء اختصاصات موسعة ومسؤولة، مع وضع آليات المساءلة والمحاسبة والمراقبة، التي من شأنها إعادة الثقة في المؤسسات الترابية". وحول الاختيار الثالث، تحدث رئيس اللجنة الاستشارية عن الوظيفة الأساسية للجهة، التي حددت في أن تساهم الجهة بكيفية فعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للبلاد، اعتبارا لمستوى النمو في هذه المجالات، مقارنة بالمقاييس الدولية، وانتظارات المجتمع المغربي، واعتبارا للفوارق الجهوية العميقة، والعجز في عدد من القطاعات الحيوية والخدمات العمومية. وأبرز عزيمان أن مساهمة الجهة في التنمية تقتضي تقوية الموارد البشرية للجهات، والرفع من مستوى الكفاءات في مجال التسيير والتدبير، وخلق صناديق مالية، تساهم في الحد من الفوارق بينها، إلى جانب إعادة النظر في العلاقات بين الجهة والمركز، والجهة والجماعات الترابية الأخرى. وأوضح أنه، لتحقيق الأهداف المرسومة، ينبغي تعميق الديمقراطية والمشاركة الفعالة في تنمية الاقتصاد الوطني، وإعادة النظر في العلاقات بين الجهة والمركز، مشيرا أن العلاقات، التي كانت مبنية على الوصاية يجب أن تبنى، في إطار الجهوية المتقدمة، على التشاور والتشارك والتواصل المستمر بين مجالس الجهة . وحول التقطيع الجهوي، شدد عزيمان على أن يخدم الأهداف المسطرة، بأن يكون تقطيعا وظيفيا، يخدم دمقرطة المجتمع والجهة، حتى تؤدي دورها في مجال التنمية. من جهتها، قالت مينة لمريني، عضوة اللجنة الاستشارية للجهوية في عرض حول الجهوية والديمقراطية، إن اللجنة درست مضمون الديمقراطية الجهوية بعمق، وخلصت إلى ثلاثة محاور أساسية، تتعلق بتعميق الديمقراطية التمثيلية لكسبها مزيدا من المشروعية، من خلال توسيع المشاركة النسائية، وانتخاب أعضاء المجلس الجهوي عن طريق الاقتراع، لحث المواطنين على الاهتمام بشؤونهم، وجعلهم يعون كيان الجهة، وجعل المنتخبين مسؤولين مباشرة أمام الناخبين. وأشارت لمريني إلى أن اللجنة لم تقترح نمط الاقتراع في هذا الشأن، لكنها أوصت الفاعلين السياسيين بأن يضمن المشاركة المكثفة للمواطنين، وأوصت بعدم تراكم المهام التمثيلية بالمجلس، ضمانا لفعالية أكثر خدمة للمواطنين. وأضافت أن اللجنة اقترحت تعزيز تمثيلية النساء في تدبير الشأن العام، مشيرة إلى أن المشاركة السياسية للنساء تراوحت بين صفر و0.6 في المائة منذ 40 سنة، مبرزة أن كل الدراسات المنجزة عالميا ووطنيا أثبتت أن للنساء قيمة مضافة داخل المجالس المحلية، بحكم تجربتهن في تدبير القضايا المحلية، وأكدت أن العتبة التي تمكن النساء من تأطير هذه المجالس، يجب ألا تقل عن الثلث، مشيرة إلى أن اللجنة اقترحت خلق لجنة استشارية خاصة بهذا الموضوع بكل مجلس جهوي، تساعده على النهوض بالمساواة بين الجنسين على صعيد الجهة. وفي ما يتعلق بمأسسة الديمقراطية التشاركية، أفادت لمريني أن اللجنة اقترحت وضع آليات استشارية، وفقا لما سيحدده القانون لتيسير المشاركة المنظمة والمسؤولة للمواطنين في إعداد المخططات الجهوية، التي لها علاقة بحياة المواطنين، وفتح المجال للمواطنين للتعبير عن حاجياتهم والقضايا، التي تمس جهتهم، وفتح المجال أمام جمعيات المجتمع المدني . وبهذا الخصوص، أوضحت لمريني أن اللجنة اقترحت إجراءين مهيكلين، يتعلق الأول بوضع المجلس لآلية للحوار مع الجمعيات المؤهلة في عمليات وضع تصور وتقييم مخططات التنمية الجهوية، في ما يتعلق الإجراء الثاني بوضع مقاربة تشاركية للمجالس مع الجمعيات في إطار مرجعي، يتضمن شروط وأساليب هذه الشراكة، وتقديم الدعم المالي للجمعيات. وأضافت أن اللجنة اقترحت مشاركة القطاع الخاص كفاعل أساسي في الجهة، مع خلق هيئة، أو هيئات، بكل مجلس للتشاور مع القطاع الخاص.