أعلنت اللجنة الاستشارية للجهوية، في كتابها الثاني، المتعلق بالجوانب المؤسساتية في مشروع الجهوية المتقدمة، أن "اللوائح التكميلية" في الجماعات الحضرية والقروية والمقاطعات. رغم أنها شكلت خطوة إلى الأمام، إلا أنها إجراء هش، لأنه غير مكرس بالقانون، ولا شيء يرغم الأحزاب السياسية على احترامه، بما أنه بإمكانها فتح هذه اللوائح لترشيحات رجالية، مبرزة أن هشاشة هذا الإجراء تتجلى، أيضا، في أن المبدأ الموجه له لا يندرج ضمن تصور عام ومندمج، يحدد أهدافا على المدى القريب والمتوسط، ويضمن، بالتالي، استمراريته وتوسيعه إلى مختلف الهيئات المنتخبة. وأضاف الكتاب أن عدم إدراج اللوائح التكميلية ضمن نظام "كوتا" مؤسسي، يضعف مفعول هذه الآلية، ويفقدها القدرة على الدفع بمسار ديناميكي وتطوري لصالح مشاركة أوسع للنساء في الهيئات المنتخبة، موضحا أن هشاشة هذا الإجراء ترجع، أيضا، لكون 12 في المائة لا تعد كافية ليكون لها الوقع الفعلي على مشاركة النساء، ولا تمكن من تشكيل "الكتلة الحرجة" الضرورية، التي تحددها الأممالمتحدة في ثلث المقاعد، باعتبارها العتبة الدنيا، التي تتيح إمكانية التأثير على القرارات في إطار هيئة منتخبة، أو أي هيئة تقريرية أخرى. وعلى مستوى مراعاة مقاربة النوع، أفاد الكتاب أنه، رغم الجهود المبذولة، ما زال الأثر على المستوى المحلي ضعيفا، ويزيد من حدته ضعف وجود النساء في مراكز القرار، الذي لا يصل العتبة اللازمة، التي تمكنهن من التأثير الفعلي، معزيا أسباب مراعاة مقاربة النوع إلى معيقات ثقافية، منشأها، في الغالب، سوء فهم أبعاد المقاربة، أو ضعف في الخبرة في مجال استعمالها. وتضمنت المقترحات الأساسية للجنة تعزيز الإجراءات الإدارية لصالح مشاركة النساء في تدبير الشؤون الجهوية والمحلية، بواسطة مقتضى دستوري، يسمح للمشرع بتشجيع ولوج الوظائف الانتخابية بالتساوي بين الرجال والنساء، فضلا عن اعتماد أنماط اقتراع ومحفزات مناسبة لضمان حصول النساء على ثلث مقاعد المجالس المنتخبة للجماعات الترابية، ومكاتبها وهيئاتها الأخرى، طبقا لأهداف الألفية للتنمية، فضلا عن الإدماج الممنهج لمقاربة النوع في السياسات العمومية والاستراتيجية والحكامة على المستوى الجهوي، تصورا وتفعيلا ومتابعة وتقييما، وأخذ مقاربة النوع بعين الاعتبار في وضع الميزانيات على صعيد الجهة، والعمالة والإقليم، تبعا للتجربة الجاري بها العمل حاليا. كما اقترحت اللجنة إحداث لجنة لإنصاف النوع من قبل كل مجلس جهوي، تضم شخصيات كفاءة من الجنسين، يكون بوسعها أن تعالج، من تلقاء نفسها، كل مسألة من اختصاصها، بغية النهوض بالمساواة بين الرجال والنساء في الجهة، علاوة على إقدام الدولة على تشجيع الأحزاب السياسية، خاصة من خلال التمويل العمومي، على تعزيز مشاركة النساء في العمل السياسي ضمن هياكلها الجهوية، وعلى تحفيزهن على تحمل المسؤوليات الانتخابية والتدبيرية. كما قدمت اللجنة مقترحات تكميلية، بتضمين مبدأ عدم التمييز والمساواة ضمن المبادئ الأساسية للجهوية المتقدمة، وإشراك الجمعيات النشيطة في مجال النهوض بحقوق المرأة في لجنة النوع، التي ستحدثها المجالس الجهوية، والحرص على أن تتمفصل لجنة النوع مع باقي بنيات مجالس، خاصة اللجان الداخلية، لتسهيل الإدماج العرضاني/الأفقي لمقاربة النوع، فضلا عن إنجاز واعتماد ميثاق قيم للمنتخبين على مستوى الجماعات الترابية، يتناول ضمن مكوناته مسألة العلاقات بين الجنسين داخل الهيئات المنتخبة. واشترطت اللجنة، قبل الشروع في هذا المقترحات، تضمين المقترحات المتعلقة بمشاركة النساء وإدماج مقاربة النوع في القانون المؤسس للجهوية المتقدمة، وتدقيق شروط ومساطر إحداث وتفعيل الآليات الكفيلة بضمان مشاركة السكان والجمعيات في احترام لروح الجهوية المتقدمة، وجوهرها الديمقراطي، وتوفير الموارد الضرورية لتفعيل الإجراءات المقترحة.