جريا على عادتها، تحتفي مدينة سلا بذكرى المولد النبوي الشريف، بتنظيم موسم الشموع لمولاي عبد الله بن حسون، بداية من اليوم الثلاثاء، وحتى 22 فبراير الجاري. جانب من موكب الشموع بسلا (أرشيف) ويفتتح هذا الموسم، الذي اختير له هذه السنة شعار "حب الوطن علامة الإيمان"، بموكب الشموع، الذي سيقام، اليوم الثلاثاء، بعد صلاة الظهر، مخترقا شوارع وأزقة حاضرة سلا في اتجاه ضريح الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون، الذي سيحتضن مساء حفل "رقصة الشمعة" على نغمات طرب الآلة. وتقام طيلة أيام الموسم أنشطة دينية وثقافية وخيرية، ضمنها محاضرة بعنوان "نظرات في المقام المحمدي، من خلال القرآن الكريم"، وندوة علمية تتطرق لموضوع "حب الأوطان من تمام الإيمان"، قبل أن يختتم الموسم في اليوم السابع من المولد النبوي الشريف (22 فبراير) بحفل "الصبوحي"، بضريح الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون، يشتمل على أمداح نبوية، وسرد سيرة الرسول الأعظم. وعن اختيار "حب الوطن علامة الإيمان" شعارا للموسم، قال عبد المجيد الحسوني، نقيب الشرفاء الحسونيين، "إن انتماء المواطن وحبه لبلده وحفاظه على ترابه وأرضه والدفاع عنه وقت الحاجة من صفات المؤمن المحب لدينه". وأضاف الحسوني، في ورقة تقديمية لموسم الشموع، أن الزاوية الحسونية، بشرفائها ومريديها وبإشراك فعاليات سلا، تسعى، من خلال هذا الشعار، إلى ترسيخ قيم المواطنة واستحضار الدلالات التاريخية والإيمانية للكفاح الوطني من أجل الوحدة الترابية والمجسد للالتحام الوثيق بين الملك والشعب، وتعميق النقاش والتحاور حول مفاهيم السيادة الوطنية وواجبات المواطنة. ودأبت سلا على الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف بتنظيم تقليد "الشموع"، التي تعلق بضريح الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون، عشية ذكرى مولد الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام (11 ربيع الأول)، وتستمر لمدة 11 شهرا، حيث تنقل قبل حلول الذكرى إلى مقر صانعها (بلكبير)، من أجل صناعتها من جديد. وتختلف هذه الشموع عن الشموع العادية، باعتبار صنع هياكلها من خشب سميك مكسو بالكاغد الأبيض والمزوق بأزهار الشمع ذات الألوان المتنوعة من أبيض وأحمر وأخضر وأصفر في شكل هندسي يعتمد الفن الإسلامي البديع. ويعود أصل "موكب الشموع" إلى عهد الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي، الذي تأثر، خلال زيارته إلى إسنطبول، بالحفلات التي كانت تنظم بمناسبة المولد النبوي الشريف، فأعجب خاصة باستعراض الشموع. وعندما تربع على العرش بعد معركة وادي المخازن استدعى صناع فاس، ومراكش، وسلا، قصد صنع هذه الهياكل الشمعية، فجرى الاحتفال، لأول مرة، بالمولد النبوي الشريف في المغرب سنة 986 هجرية. ولم يكن قدر ومكانة الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون بخافيين على السلطان أحمد المنصور الذهبي، الذي اقتطعه بقعة اختط بها زاويته ودار سكناه. وعرف هذا الولي (ازداد سنة 920 ه/1515 م بنواحي فاس، وتوفي سنة 1013ه /1604 م بسلا)، بكونه رجل علم وتصوف، حيث جمع بين علوم الظاهر والباطن، حتى أصبح قطبا من أقطاب الطريقة الشاذلية.