بثقة في النفس ونظرة إيجابية متطلعة الى المستقبل ، دافعت فاطمة (شابة تنحذر من مدينة الدار البيضاء)عن عملها في قطاع ترحيل الخدمات المعروف بالأوفشورينغ، لكونه أتاح لها فرصة استثمار مؤهلاتها اللغوية والتعبيرية وولوج عالم الشغل. تقول فاطمة "إنه قطاع حيوي بالنسبة للاقتصاد المغربي وقد وفر لي العمل المناسب لسني ومؤهلاتي وعبد أمامي الطريق لبناء مستقبلي وتحقيق مطامحي". أما سعيد الذي لم يبد أي اكتراث لأهمية الوظيفة ودورها في النسيج الاقتصادي، فأبرز أن دراساته الجامعية لم تكن هي المؤهل الأساسي لولوجه مجال ترحيل الخدمات بل اللغة التي اكتسبها وطريقة حديثه التي جذبت لجنة انتقاء الموظفين، "لم تلتفت اللجنة إلى مؤهلاتي العلمية بقدر ما أخذت بعين الاعتبار مدى قدرتي على الاستجابة لمتطلبات الخدمات التي تقدمها الشركة". واعتبر أن ولوجه هذا المجال كان الأرضية التي جعلته يدرك أهمية الوسائل التكنولوجية التي محت الحاجز والحدود الجغرافية بين البلدان وجعلت الفرد يقدم من موقع اشتغاله ودون كبير عناء، خدمات فورية هامة لمواطني دول أخرى ترتبط في كثير من الأحيان بمعيشهم اليومي. وتشاطر ، سناء (30 سنة)،هذا الرأي إذ تعتبر حصولها على فرصة عمل بهذا القطاع خلصها من جدران البيت التي ظلت حبيستها لسنوات تنتظر الإدماج في الوظيفة العمومية، مشيرة إلى أن عملها الحالي مكن العديد من الشباب المغربي من ولوج سوق الشغل خاصة في "مراكز النداء" وقطاع التأمينات والمعاملات المالية المرحلة. ويجد الإقبال الكبير للشباب على العمل في هذا القطاع تفسيره في كون المغرب أصبح ، بحكم موقعه الجغرافي، وجهة مفضلة للمستثمرين الأوروبيين في قطاع و ترحيل الخدمات وخاصة الفرنسيين. كما يعزى هذا الإقبال المتزايد بالأساس إلى كون ترحيل الخدمات المالية يعد قطاعا واعدا بالمغرب، وهو ما أكدته مذكرة لمديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، توصلت وكالة المغرب العربي بنسخة منها. وسجلت المديرية، في هذه الوثيقة، أن تدبير العلاقة مع الزبناء يعد المؤهل الأكثر أهمية بالنسبة للمغرب سنة 2013، مبرزة أن ذلك يرجع إلى المكتسبات المحققة ومنها المستخلصة من كون المغرب الذي أدرج للمرة الأولى في تصنيف 2009 ل "أ تي كيارني غلوبال سيرفيس لوكاشيون أنديكس"، وصنف في المراتب ال 30 الأساسية في الأفشورينغ ، وقد أطلق سنة 2005 برنامجا من أجل بلوغ حصة 15 مليار درهم وخلق 100 ألف منصب شغل في أفق 2015. ولايقتصر قطاع الأوفشورينغ بالمغرب على مراكز النداء بل يشمل أيضا المجالات الاقتصادية والخدمات المالية المرحلة ونشاطات الدعم ذات القيمة المضافة العالية كالبحث ونشاطات أخرى كالمحاسبة وتدبير الرواتب، وكذا الخدمات المالية المنقولة (العمليات البنكية والتأمينات)، وذلك رغبة في تحسين الأداء العام والتقليص من التكلفة المالية. وهذا الأمر جعل هيئة "داتامونتور"، تتوقع أن يبلغ رقم المعاملات المحتمل لهذا القطاع 6ر12 مليار درهم من بينها 87 في المائة تهم السوق الفرنكفوني، في حين قد يصل عدد مناصب الشغل حوالي 70 ألف. ومن جهة أخرى، يعتبر قطاع ترحيل أنشطة الموارد البشرية، والمحاسبة المالية ثاني مؤهل بالنسبة للمغرب برقمي معاملات يبلغان على التوالي 1ر1 مليار درهم و 3ر0 مليار درهم في أفق 2013. وأوضحت المديرية أن المغرب يتوفر بخصوص هذا النشاط، على مؤهلات في مجال اعتماد مختلف أوجه المحاسبة ،لاسيما بفضل معايير المحاسبة المطبقة بالمغرب. ويعتبر ترحيل الخدمات الخاص بكل من أنشطة الموارد البشرية والمحاسبة المالية، الموجه أساسا نحو السوق الفرنكفونية، ثاني مؤهل بالنسبة للمغرب على التوالي بنحو 1ر1 مليار درهم و3ر0 مليار درهم من رقم المعاملات في أفق 2013. ويقدم المغرب من خلال هذا النشاط مؤهلات في إطار في مختلف مجالات المحاسبة وذلك على الخصوص بفضل المعايير المتبعة على الصعيد الدولي. وكان تقرير آخر للاتحاد العام لمقاولات المغرب حول الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، قد أكد أن قطاع الخدمات المرحلة سيوفر حوالي 70 ألف منصب شغل إلى حدود ،2015 ونفس العدد بقطاع صناعة السيارات وحوالي 15ألف منصب جديد بصناعة الطيران، و9000 بالإلكترونيك و32 ألفا بالنسيج والجلد و24 ألفا بالصناعة الغذائية. وقد اتخذت عدة تدابير من أجل الرفع من وتيرة نشاط هذا القطاع باعتباره الرافعة الأولى لمخطط الإقلاع الصناعي الذي وضعته الحكومة بشراكة مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين، لتحديث النسيج الصناعي والرفع من تنافسيته، وإنعاش مهن جديدة ذات إمكانيات واعدة بالنمو. والوثيقة نفسها الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية تبرز أن المغرب يطمح إلى أن يكون رائدا في هذا المجال، مع توطيد موقعه كوجهة بالنسبة لترحيل الخدمات الفرنكوفونية والإسبانية ذات القيمة المضافة العالية. وفي هذا الإطار تم إحداث قطبي"كازاشور"و"رابا ` تيكنوبوليس"، اللذين دشنهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس ،متم سنة 2005 في كل من الدارالبيضاء والرباط، بهدف ضمان موقع متميز للمغرب ضمن الخريطة العالمية لقطاع ترحيل الخدمات