بخطى متثاقلة كانت سهام في ربيعها الثاني تحاول عبور شارع علال الفاسي بمدينة مراكش، قبل أن تفاجأ بأحمد ينهال عليها بكلمات معسولة من الغزل والإعجاب، ما جعلها تستسلم لرغبته وتتبادل معه أطراف الحديث الذي ستتولد عنه صداقة. توطدت علاقة العشيقين وأصبحا يرتادان الأماكن العمومية، خلالها تعرفت سهام على صديق خليلها يدعى الحسين من مواليد 1978 بمنطقة تافراوت بأحد المقاهي بالشارع المذكور التي كانت محطة للالتقاء إلى أن جرى اعتقال خليل سهام الذي كان موضوع مذكرة بحث وطنية من أجل إصدار شيك دون رصيد ليجري إدانته بسنة حبسا نافدا قضاها بسجن بولمهارز. استمرت علاقة سهام بعشيقها رغم الزج به وراء القضبان إلى أن أفرج عنه بعد إنهائه للعقوبة الحبسية، التي أدين بها من طرف الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية بمراكش، ليعود العشيقان وصديقهما الحسين إلى تقاسم الطاولة بالمقهى نفسها، وتبادل الحديث للبحث عن مخرج للضائقة المالية، التي ظلت تلازمهم أمام قلة ذات اليد. اقترح أحمد على صديقه حلا جاهزا وسريعا لتوفير حاجتهما من المال، يتمثل في تزوير الأوراق النقدية عن طريق استنساخها بواسطة الحاسوب، لم يتردد الحسين الذي يعيش تحت وطأة البطالة في قبول الفكرة والعمل على تجسيدها بأرض الواقع. تكلفت سهام بكراء شقة سكنية بحي المسيرة الثانية من شقيقتها مقابل 1500 درهم لاستغلالها في عملية تزوير الأوراق النقدية بعد تجهيزها بجهاز حاسوب بجميع لوازمه وجهاز "سكانير"، ليباشروا عملهم في تزوير وتزييف الأوراق النقدية المغربية من فئة 50 و100 و200 درهم، إذ كان أحمد يقوم بوضع الأوراق المالية الصحيحة على شاشة الناسخ وتسجيلها بذاكرة الحاسوب، ليقوم بنسخها على ورقة بيضاء عادية بالأبعاد المحددة للورقة المالية الصحيحة ويعمد إلى تلوين أجزائها الملونة بلون الفضة لعدة مرات بمساعدة الحسين الذي كان يتكلف بالتقطيع والتلوين، وبعد نسخ كمية كبيرة من الأوراق النقدية المزيفة يعمل أحمد وصديقه على إعادة بيعها إلى زبنائهم إلى أن جرى إيقاف أحمد في حالة تلبس بحي المسيرة وبحوزته كمية من الأوراق النقدية المزورة. رغم سقوط العقل المدبر للشبكة ظل أحمد يدير العملية من داخل أسوار سجن بولمهارز، فقررت سهام تحويل جهاز الحاسوب ولوازمه إلى غرفتها بعرصة بن إبراهيم بالمدينة العتيقة وشرعت في استئناف عملية التزوير بناء على تعليمات عشيقها من وراء القضبان. وخلال أسبوع تمكنت سهام من نسخ ما مجموعه 45 ألفا من الأوراق النقدية المزورة من فئة مائة ومائتي درهم، وبتوجيهات من عشيقها تلقت سهام اتصالا هاتفيا من سائق سيارة أجرة كبيرة أخبرها بأنه يرغب في شراء كمية من الأوراق النقدية المزورة لترويجها لصالحه وتزويده بمبلغ عشرة آلاف درهم، فحددت معه موعدا وسلمته المبلغ المالي المزور مقابل مبلغ 1300 درهم. وأعاد سائق سيارة الأجرة الكبيرة الاتصال بسهام وطلب منها تزويده بالمبلغ نفسه، فحددت معه موعدا قرب المحطة الطرقية للمسافرين بباب دكالة وسلمته المبلغ المذكور مقابل 900 درهم على أن يسدد لها باقي المبلغ المتفق عليه لاحقا. لم يتبق من كمية النقود المزورة التي عملت سهام على استنساخها سوى 15 ألف درهم، قامت ببيعها إلى الحسين صديق عشيقها عبر ثلاث دفعات الأولى والثانية بقيمة عشرة آلاف درهم مقابل 1200 درهم، والثالثة بقيمة 5000 آلاف درهم مقابل 650 درهما، وفي الوقت الذي كان الحسين يقوم بإعادة بيع الأوراق النقدية المزيفة التي اشتراها من عشيقة صديقه على زبنائه، سقط في يد عناصر الشرطة التي كانت تترصد خطواته بعد إصدار مذكرة بحث وطنية في حقه من أجل تزوير الأوراق النقدية، بحي باب دكالة وبحوزته حوالي 1200 درهم مكونة من أوراق مالية صحيحة متحصلة من عائدات بيعه لأوراق نقدية مزيفة. وأثناء إخضاعه لإجراءات البحث والتحقيق اعترف بالتهم المنسوبة إليه ودل المحققين على شريكته سهام ومكان إقامتها، ليجري إيقافها بعد الكمين الذي نصب لها من طرف عناصر الأمن من خلال الاتصال بها من طرف الحسين، الذي طلب منها تزويده بمبلغ عشرة آلاف درهم وحدد معها موعدا بالقرب من محل سكناها، وبمجرد خروجها من المنزل جرى اعتقالها وبحوزتها ظرف بريدي يحتوي على 50 ورقة نقدية مزيفة من فئة 200 درهم، ليجري اقتيادها رفقة صديق عشيقها إلى مخفر الشرطة القضائية لتعميق البحث معهما قبل أن يجري اعتقال باقي أفراد الشبكة، الذين كانوا يتزودون بالأوراق النقدية المزورة ويعملون على إعادة ترويجها.