مربوعة القد... رشيقة القوام... بوجه شبه دائري بريء وبخطى متثاقلة، كانت هناء المزدادة سنة 1989 بمدينة سطات تسير نحو قفص الاتهام بقاعة الجلسات رقم 2 المتخصصة في النظر في القضايا التلبسية بالمحكمة الابتدائية بمراكش.شرعت في الجواب عن أسئلة قاضي التحقيق والدمع قد ملأ مقلتيها، قبل أن تتابع وتشرح تفاصيل ضبطها بمنزل بدوار النزالة بجماعة تسلطانت دائرة أسعادة، من طرف عناصر الدرك الملكي، التي عثرت أثناء القيام بعملية تفتيش المنزل، بناء على تعليمات وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، على حوالي كيلوغرام ونصف الكيلو من مخدر الشيرا، ليجري اقتيادها رفقة صديق خليلها المتحدر من مدينة تاونات وشخص آخر من أبناء الدوار اعتاد التردد على المنزل المذكور من أجل تناول المخدرات، إلى مخفر الدرك الملكي لإخضاعهم لتدابير الحراسة النظرية. هناء كانت واحدة من أبناء مدينة سطات الفقراء، كان ميلادها بدوار لبتيقشة جماعة وقيادة أولاد سعيد، فتحت عينيها في وسط عائلي يكدح فيه رب الأسرة من أجل ضمان اللقمة للصغار، بينما والدتها تكدح داخل البيت لتهيئ الفضاء للأسرة المكونة من أربعة أبناء. تابعت هناء دراستها الابتدائية إلى حدود المستوى الرابع، ولم يسعفها الحظ في تجاوز المرحلة الابتدائية، فانقطعت عن الدراسة لظروف اجتماعية صعبة، إضافة إلى الفقر المدقع الذي تعانيه عائلتها، لتنتقل إلى العمل خادمة بالبيوت بمدينة الدارالبيضاء بموافقة والدها، من أجل الحصول على المال ومساعدة أسرتها الفقيرة، إلا أن مفاجأة هناء السطاتية لم تكن سارة عندما تعرضت للاغتصاب في ربيعها السادس عشر بإحدى المنازل التي كانت تعمل بها، فأحست بالضياع وقررت التوقف عن العمل خادمة في البيوت والرحيل في مهمة خاصة لم تكن سوى الارتماء في أحضان الدعارة، من أجل نسيان جرح الاغتصاب ومحاولة إثبات الذات، وحمل المال وكتمان الفضيحة، وعدم البوح بها والتوجه إلى مدينة مراكش، التي وجدت فيها الأرضية الخصبة للابتلاء بجميع أنواع المخدرات والخمر، وشرعت في ارتياد الملاهي والفضاءات الليلية بلباس فاضح، يكشف عن مفاتنها أملا في الظفر بزبون لقضاء ليلة ماجنة، وإشباع رغبته الجنسية بعد الاتفاق على الثمن. في تصريحاتها أمام رئيس الغرفة الجنحية، ومن خلال التفاصيل المملة، يمكن للمرء أن يستنتج وبسهولة أن الفقر والحاجة دفعا هناء مثل الكثيرات إلى الشارع، وهنا ستدخل في أول علاقة غير شرعية مع شاب يدعى أشرف، متخصص في ترويج مخدر الشيرا على المستهلكين بمدينة مراكش، بعدما تعرفت عليه بأحد الملاهي الليلية بحي جيليز، وأصبحت تعيش معه بمنزل يستغله على وجه الكراء، الذي اعتقلت فيه من طرف عناصر الدرك الملكي بمركز تسلطانت. على إثر معلومات توصلت بها عناصر الدرك الملكي التابعة للقيادة الجهوية بمراكش، مفادها أن شابا يتحدر من مدينة تاونات يلقب ب"بوجمعة الجبلي"، يقوم بتزويد أشرف، خليل هناء بمخدر الشيرا الذي جلبه من الشمال بالمنزل، الذي يستغله على وجه الكراء بدوار النزالة بجماعة تسلطانت، ليجري الانتقال إلى المنزل المذكور. وخلال عملية المداهمة عثرت المصالح الأمنية المذكورة على حقيبة جرى التخلص منها فوق سطح المنزل تحتوي على كيلوغرام ونصف الكيلوا من مخدر الشيرا، عبارة عن سبع صفائح ونصف وثلاث قطع معدة للاستهلاك، ليجري حجزها وإحالتها على إدارة الجمارك والضرائب المباشرة وغير المباشرة، وإيقاف كل من هناء وبوجمعة الجبلي، صديق خليلها وشخص آخر من أبناء الدوار اعتاد التردد على المنزل المذكور.