انتقد شيخ الأزهر الأمام الأكبر، أحمد الطيب، أول أمس الأحد، الدعوة التي وجهها البابا، بنديكتوس السادس عشر، إلى قادة العالم لحماية المسيحيين الأقباط، واصفا هذه الدعوة بأنها "تدخل غير مقبول" في شؤون مصر، كما نقلت عنه وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية. الأقباط يواصلون الاحتجاج على تفجير كنيسة الإسكندرية وقال شيخ الأزهر في مؤتمر صحفي "إنني أختلف مع البابا في هذا الرأي، وأتساءل لماذا لم يطالب البابا بحماية المسلمين، عندما تعرضوا لأعمال قتل في العراق؟". واعتبر رئيس المؤسسة السنية الأبرز في العالم العربي، ومقرها القاهرة، أن دعوة البابا تنم عن تعامل بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين. وكان البابا بنديكتوس السادس عشر طلب، السبت الماضي، من قادة العالم حماية المسيحيين من التجاوزات ومظاهر عدم التسامح الديني، وفي أعقاب الاعتداء، الذي استهدف كنيسة في الإسكندرية (شمال مصر) بعد منتصف الليل ما أسفر عن 22 قتيلا، وحوالي 100 جريح. وقال البابا في قداس رأس السنة في كاتدرائية القديس بطرس "في مواجهة التوترات، التي تحمل تهديدا في الوقت الراهن وأمام أعمال التمييز والتجاوزات، خصوصا مظاهر التعصب الديني (...) الأقوال لا تكفي، بل يتعين على مسؤولي الأمم إبداء التزام عملي وثابت". وإذ انتقد شيخ الأزهر دعوة البابا، جدد في الوقت نفسه إدانته للاعتداء على الكنيسة، مؤكدا أن "كل علماء المسلمين يعلمون أن ذلك الحادث لا يقره دين أو نظام اجتماعي". من جهته، رفض الفاتيكان مساء أول أمس الأحد، اتهامات شيخ الأزهر للبابا بنديكتوس السادس عشر بالتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، بسبب دعوته العالم إلى حماية المسيحيين، بعد الاعتداء على كنيسة في الإسكندرية، وقال المتحدث باسم الفاتيكان الأب فديريكو لومباردي، حسب ما نقلت عنه وكالة أنسا الايطالية إن "البابا تكلم عن التضامن مع المجموعة القبطية، التي تعرضت لضربة قاسية، ثم عبر بعدها عن القلق من تداعيات العنف على كل السكان أكانوا مسيحيين أم مسلمين". وتابع "لذلك لا نرى كيف يمكن أن يعتبر هذا الموقف من البابا الراغب ببث روحية اللاعنف أمام الجميع تدخلا". وأضاف "أعتقد أن هناك سوء تفاهم في التواصل"، مضيفا "أشرنا إلى تعرض كنيسة مسيحية للهجوم وهذا يعني أننا أعربنا عن القلق إزاء الأقليات المسيحية، التي يضربها العنف، وهذا لا يعني أننا نريد تبرير أو التقليل من شأن العنف، الذي يستهدف مؤمنين من ديانات أخرى". وأصيب 25 من أفراد الشرطة المصرية بينهم خمسة ضباط إضافة إلى 15 من الأقباط، خلال مظاهرة لأقباط غاضبين، احتجاجا على التفجير، الذي وقع أمام كنيسة بالإسكندرية وأسقط 22 قتيلا وأكثر من 90 مصابا، في حين شددت السلطات إجراءاتها حول الكنائس وتواصلت التحقيقات بشأن الحادث. من جهتها، حذرت الصحف الصادرة في بيروت، أمس الاثنين، من "أخطار" تتهدد العالم العربي كله بعد الهجوم الدامي، الذي استهدف كنيسة قبطية في مدينة الإسكندرية المصرية. وكتبت صحيفة "السفير" أن التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين "دوى في مشارق الأرض العربية ومغاربها (...) كجرس إنذار بزلزال يتهدد مصر ومعها المستقبل العربي جميعا بخطر داهم على المصير". وتابعت "أن يضرب الإرهاب في مصر فهذا يعني أن الإصابة ستكون في القلب، وأن شظاياها ستتطاير حاملة معها أخطار الحريق إلى كل الدنيا العربية". واعتبرت أن الهجوم يمثل "الإنذار الأعظم جدية وخطورة للأمة جميعا، بتاريخها، بحاضرها، بمستقبلها كما بدورها". ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير. وأكدت وزارة الداخلية المصرية أن الهجوم نفذه على الأرجح انتحاري، بينما قال الرئيس المصري، حسني مبارك، إن العملية "تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية". بدورها، حذرت صحيفة "النهار" من "11 سبتمبر عربي مستديم يتجول في سائر أنحاء هذا النظام المتهالك"، في إشارة إلى هجمات 11 سبتمبر 1002 في الولاياتالمتحدة. وتحدثت عن "خط بياني خطير لتنقل هذا العنف من العراق إلى مصر وربما سواهما من بلدان عربية ما تزال تتمتع بواقع تعددي ديني ووجود مسيحي معقول وفي مقدمها لبنان". ويتعرض مسيحيو العراق منذ أشهر لموجة عنف. وقتل 44 مصليا وكاهنا في 13 أكتوبر الماضي، في هجوم شنه مسلحون على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك وسط بغداد.