تسلم الكاتب والشاعر المغربي، الطاهر بن جلون، مساء أول أمس الاثنين، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، جائزة الأركانة العالمية للشعر، في دورتها الخامسة، التي يمنحها "بيت الشعر في المغرب"، بدعم من مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، وبحضور مجموعة من المثقفين والكتاب المغاربة، وأصدقاء بيت الشعر، ومجموعة من الشخصيات الدبلوماسية الأجنبية بالمغرب. الطاهر بن جلون مع لجنة التحكيم (سوري) وتسلم بن جلون، خلال هذا الحفل، الذي أحيت سهرته مجموعة ناس الغيوان، بناء على طلب منه، درع الجائزة، وهو شجرة الأركانة، التي مهر في صياغتها الصانع المغربي، محمد المستشير، من مدينة فاس، والشهادة التقديرية، التي تضم شعار البيت وشعار صندوق الإيداع والتدبير، راعي الجائزة، التي رفعت قيمتها إلى 10 آلاف دولار. وبدا الشاعر بن جلون، الحاصل على جائزة غونكور الأدبية الفرنسية، متأثرا بهذا التتويج، الذي يخصص له لأول مرة في بلده المغرب، وبحفل التوقيع، الذي نظم ساعة قبل انطلاق الحفل، لكتاب أصدره له بيت الشعر في المغرب، بعنوان "ظلال عارية: منتخبات شعرية"، من ترجمة وتقديم خالد بلقاسم. وفي كلمة شعرية راقية، قرأها باللغة الفرنسية، وقرأ ترجمتها العربية عبد الرحمان طنكول، عميد كلية الآداب بفاس، أثار بن جلون "سؤال الشعر والحياة، وأثار العديد من الإكراهات، التي يعرفها الشعر، وتجريده من أي سلطة رغم أنه ضمير الإنسانية". وقال بن جلون "من البديهي أن الشعر لا يمنح الأكل، ولا العدالة لشعب ممزق من قبل مستعمر طاغ، لكن، عند الاستعجال، يتوقف الشعر ويترك المكان للفعل، كي لا يأكل الإنسان فحسب، وإنما، أيضا، كي تصان كرامته. إن صيانة الكرامة هي نوع من القصيدة". واستحضر الشاعر والناقد، محمد السرغيني، أستاذ الطاهر بن جلون في المرحلة الثانوية من دراسته، ورئيس لجنة تحكيم الدورة الخامسة من هذه الجائزة العالمية، في كلمة له، عبارة الجاحظ "المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي". وأبرز أن "المعاني تحس بطريقة إنسانية باطنية داخلية، يعبر عنها بالعديد من اللغات"، رافضا وصف المغاربة، الذين يكتبون باللغة الفرنسية بالفرانكفونيين، لأن "الإحساس بالسعادة يبقى نفسه، سواء كان التعبير عنه باللغة العربية، أو باللغة الفرنسية". وأضاف السرغيني، الذي توج بجائزة الأركانة في دورتها الثانية، سنة 2004، أن الجيل الأول من الكتاب باللغة الفرنسية وقع في فخ الفرانكفونية لأسباب عدة، منها تبنيه للمعايير اللغوية الأصيلة للغة الفرنسية، أما "الأجيال، التي جاءت بعده، كالطاهر بن جلون، ومحمد خير الدين، وكاتب ياسين، فهم مغاربة لحما ودما، رغم أنهم كتبوا بلغة من اليسار إلى اليمين"، أي الفرنسية. وذكر السرغيني أن "الطاهر بن جلون آل على نفسه، على امتداد أربعين سنة من الكتابة، أن يكون مغربيا، حتى وهو يكتب باللغة الفرنسية، ولذلك لم يكن فرانكفونيا"، مشيرا إلى أنه لهذه الاعتبارات، ارتأت اللجنة منحه جائزة الأركانة، التي "كبرت به، وكبر بها". من جهته، ذكر الشاعر نجيب خداري، رئيس "بيت الشعر في المغرب"، أن جائزة الأركانة جاوزت الرمزية إلى الفعل، وحققت شهرة وتقديرا خاصين. وأضاف خداري أن البيت يسعد بفوز الشاعر بن جلون بجائزة الأركانة، وهو العربي الأول، الذي دشن التكريم العالمي بحصوله على جائزة غونكور، سنة 1987. وقال إن "الشعر كان منطلق الطاهر بن جلون في الإبداع، منذ حوالي نصف قرن، واستمر منصتا لنداءات الشعر، وضرورته، وأسئلته المعرفية والجمالية، داخل منجزه الشعري والسردي معا. وشكل، إلى جانب كوكبة من الشعراء، أمثال محمد خير الدين، وعبد اللطيف اللعبي، ومصطفى النيسابوري، ومحمد الواكيرة، جيلا من الرائعين، منحوا التخييل العربي والمغربي فرصة العبور إلى اللغة الفرنسية، ومنحوا الشعرية المغربية فرصة الإقامة في التعدد اللغوي والثقافي، وفي الانفتاح على آفاق شعريات العالم ومباهجها". واعتبر امحمد اكرين، الرئيس المنتدب لصندوق الرعاية لمؤسسة الإيداع والتدبير، أنه، بتتويج الشاعر والأديب المغربي الطاهر بنجلون بجائزة الأركانة، في نسختها الخامسة، تكون هذه الجائزة أغنت رصيدها بمعلمة أدبية وشعرية مرموقة، ومفكر وأديب، ترجمت أعماله إلى لغات عدة، جعلت منه سفيرا وممثلا للثقافة المغربية عبر العالم. ونظرا للدور الفعال لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، شريك البيت في هذه الجائزة، قدم البيت لها درعا، "عربون شكر على دفع هذا التقليد نحو تحقيق الرسوخ والنجاح والاستمرار". وتكونت لجنة تحكيم الدورة الخامسة لجائزة الأركانة العالمية للشعر، التي ترأسها محمد السرغيني، كلا من محمد العربي المساري، وعبد المجيد بن جلون، وحسن نجمي، و عبد الرحمان طنكول، ومحمد بناني، ونجيب خداري، وخالد بلقاسم.