بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ببرقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة الراحل الكاتب المغربي الكبير إدمون عمران المالح، الذي وافته المنية أمس الاثنين بالرباط. الكاتب المغربي اليهودي إدمون عمران المالح وأعرب جلالة الملك، في هذه البرقية "لكافة أفراد عائلة الفقيد وذويه وأصدقائه ومحبيه، ولأسرته الكبيرة، من مثقفين ومفكرين وأدباء، التي فقدت برحيله أحد أعلامها، عن تعازينا الحارة ومواساتنا الصادقة في هذا المصاب الأليم". وتوفي الكاتب المغربي اليهودي، إدمون عمران المالح، صباح أمس الاثنين، بالمستشفى العسكري بالرباط، عن سن تناهز 93 سنة، بعد معاناة طويلة مع المرض، الذي لم يقعده عن حضور الأنشطة الثقافية بالرباط، ولا عن دعم الكتاب ومواصلة إبداعه، والتعبير عن مواقفه الإنسانية الجميلة، التي تحسب له. وسيوارى الثرى اليوم الثلاثاء، على الساعة الثالثة بعد الظهر، بمسقط رأسه مدينة الصويرة أمام البحر، بناء على الوصية، التي تركها لمؤسسته، التي أنشأها منذ سنة 2006، واختار المكتبة الوطنية للمملكة المغربية مقرا لها، بعد تشييع جنازته بالمقبرة اليهودية بشارع الحسن الثاني بالرباط، ونقل جثمانه رفقة 100 من أصدقائه من الكتاب في طائرة خاصة. وذكر الكاتب والفنان حسان بورقية، صديق الراحل ومرافقه في أيامه الأخيرة، في تصريح ل"المغربية" أن الكاتب إدمون عمران المالح نقل إلى المستشفى العسكري على الساعة الثالثة صباحا من أمس الاثنين، بعدما وجد صعوبة كبيرة في التنفس، وأنه فارق الحياة في السادسة صباحا. وأضاف بورقية أن الراحل كان يحظى بعناية خاصة في المستشفى العسكري، على يد الدكتور جمال محساني، الذي كان يتتبع حالته باستمرار، وأشار إلى أنه فور انتشار خبر وفاته، تجمع في بيته العديد من أصدقائه، منهم أندري أزولاي، دومينيك إيدي، وإدريس خروز، وحسن أوريد، وعبد الله بيضا، وعبد الجليل الحجمري، وخليل غريب، وحسن نجمي، وسناء الغواتي، وآخرين. وقال إن الكاتب محمد برادة وزوجته الفلسطينية ليلى شهيد في طريقهما إلى الرباط من بروكسيل، كما أن الكاتب خوان غويتيصولو أعلن أنه سيحضر جنازته هو ومجموعة من الكتاب والفنانين وأصدقاء الراحل. وفي تصريح ل"المغربية"، ذكرت دومينيك إيدي، الكاتبة اللبنانية المقيمة بين باريس وإسطنبول، وصديقة الراحل، أن "رحيل إدمون عمران المالح خسارة كبيرة للمغرب وللعالم، مضيفة أنه ترك وراءه إرثين مهمين، إرث أدبي وفكري وفني فريد وممتاز، وإرث حياتي يقدم نموذجا استثنائيا من الحياة والتفكير، المبني على الانفتاح المطلق والذكاء والسخاء الإنساني لا مثيل له". وأضافت دومينيك، التي كانت تتحدث بصعوبة كبيرة، أن إدمون ذاكرة لملايين من الأشخاص، كان منصتا للكل، وللشباب، اهتم بالتعريف بالعديد من الفنانين المغاربة، أمثال خليل غريب وحسان بورقية، "كان المغرب منذ زمان بلده والفن التشكيلي والأدب المغربيين ولعه الخاص". أما الفنان والكاتب حسان بورقية، الذي ترجم مجموعة من أعمال الراحل إلى اللغة العربية وعضو مؤسسته، التي تضم، أيضا، كلا من حسن أوريد، وعبد الكريم الجويطي، فذكر أن "المغرب فقد برحيل إدمون كاتبا كبيرا، يجب أن ننتظر طويلا ليجود الزمن بمثله، لأنه كاتب وطني حقيقي، لديه غيرة على وطنه وتماسكه، كان من هواجسه الأولى خلق مدرسة تشكيلية وروائية في المغرب، أسس صداقات كثيرة، وأسس مؤسسته قبل رحيله، وأوقف كتبه على المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، ليستفيد الشباب من خزانته الكبيرة والمتنوعة". من جهتها، اعتبرت الكاتبة سناء الغواتي، رئيسة الجمعية المغربية للباحثين في الأدب المقارن، أن المغرب يفقد برحيل المالح رجلا كبيرا في الفكر والأدب. وقالت "إدمون رجل المواقف الكبيرة، إنه رجل ملتزم على المستوى السياسي والأدبي، وعلى المستوى الإنساني، لديه مواقف مهمة يذكرها التاريخ. إنه كاتب كبير، له كتابة خاصة، ورغم أنه تأخر في الكتابة إلى حدود 60 سنة من عمره، فإنه ترك إرثا أدبيا وفكريا كبيرين. اهتم بالفن وعرف بالعديد من الفنانين المغاربة، الذين كانوا مغمورين، مثل الفنان خليل غريب وبوشتى الحياني، كتب عن التصوف بشكل عام". وأضافت الغواتي أنه لا يمكن حصر المالح في رجل الأدب، "بل هو رجل المواقف المهمة والكبيرة، يسمع صوته حينما يصمت العديدون، يحب الكتاب ويدعمهم عبر كتاباته النقدية وحضوره الوازن. إنه رجل نكتة وخفيف الظل، رحمه الله". يذكر أن الراحل إدمون عمران المالح، صدرت له مجموعة من الأعمال، من بينها "المجرى الثابت" 1980، و"أيلان أو ليل الحكي" 1983، و"ألف عام بيوم واحد" 1986، و"عودة أبو الحكي" 1990، و" وأبنر أبو النور" 1995، و"حقيبة سيدي معاشو" 1998، و"المقهى الأزرق: زريريق" 1998، و"كتاب الأم" 2004، و"رسائل إلى نفسي" 2009.