أجمع فاعلون في المجتمع المدني وفي مجالي الاستثمار والبحث العلمي على ضرورة الحزم في التصدي لانتشار الرشوة في المجتمع المغربي, والذهاب إلى العمق عند محاربة هذه الآفة التي تلحق خسارة كبيرة بالاقتصاد الوطني, كما تضر بالسلوكات والروابط داخل المجتمع المغربي. وتطرق هؤلاء الفاعلون خلال مشاركتهم مساء أمس الأربعاء في البرنامج التلفزيوني """"مباشرة معكم"""" الذي تبثه القناة التلفزيونية الثانية (دوزيم) لعدد من الإجراءات التي من شأن تفعيلها أن يساهم في الحد من انتشار هذه الآفة, من ضمنها على الخصوص تفعيل دور أجهزة الرقابة, وتبسيط مساطر إنشاء المقاولات, ومراجعة قانون السر المهني, وإحياء دور التفتيشيات في مختلف الإدارات والمرافق العمومية, وغيرها من الإجراءات. وبعدما سجل المتدخلون بعض المكاسب التي حققها المغرب في ما يتعلق بالتصدي لظاهرة الرشوة وفي مقدمتها إنشاء الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة, وإنشاء مركز للتوجيه القانوني لضحايا الرشوة تابع لجمعية """"ترانسبارونسي المغرب"""", وإطلاق حملات تحسيسية في وسائل الإعلام, فضلا عن البرنامج الحكومي الخاص بمحاربة الرشوة والوقاية منها الذي تم الإعلان عنه مؤخرا, لاحظوا أن عددا من التقارير الصادرة حول تفشي ظاهرة الرشوة تبقى دون إثارة أية ردود فعل تخص التصدي لهذه الآفة, والحد من استمرار انتشارها. وأكدوا في هذا السياق على ضرورة اضطلاع مختلف الأجهزة بمسؤولياتها في التعاطي مع هذه التقارير, إلى جانب إصلاح نظام الوظيفة العمومية, وتفعيل دور أجهزة الرقابة الداخلية, وتبسيط المساطر والإجراءات بالشكل الذي يجعلها تتفادى البطء وانعدام الفاعلية, وتحرى الدقة في إبرام الصفقات وصرف النفقات, وخلق مجلس ضريبي لحماية موارد الدولة من الأموال, إلى جانب توفير قضاء مستقل, والقضاء على الاختلالات في مجال الحكامة الجيدة. ونبهوا إلى عدم الاقتصار عند التصدي لظاهرة الرشوة إلى المفهوم الضيق لهذه الآفة, والعمل بالتالي على مكافحتها في سياقها العام المتمثل في ما يصطلح على تسميته ب""""الفساد"""", حيث شددوا على ضرورة الحرص على شمولية الإصلاحات التي يتم وضعها, وتوفير الإمكانيات ووسائل العمل الضرورية. وأكد المتدخلون على ضرورة إشراك مختلف الفعاليات في إجراءات الصياغة والتنفيذ الخاصة بمحاربة الرشوة, معتبرين أن إصدار قانون خاص بحماية المبلغين بالرشوة في إطار برنامج الحكومة الخاص بمحاربة الرشوة والوقاية منها خطوة جوهرية في جهود محاربة هذه الظاهرة. وقد شارك في هذه الحلقة وزير تحديث القطاعات العامة السيد محمد سعد العلمي, وكذلك كل من السادة رشيد الفيلالي المكناسي رئيس "جمعية ترانسبارانسي" المغرب, ومصطفى مفتاح عن "الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة", وعبد الصمد صدوق رئيس مجلس الأخلاقيات بالإتحاد العام للمقاولات المغربية, والأستاذ الباحث محمد حركات مدير المجلة المغربية للتدقيق والتنمية.