تمكنت العديد من الجمعيات والأفراد، بفضل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من ضمان مدخول قار، من خلال إقامة مشاريع مدرة للدخل، وبالتالي، الخروج من شرنقة الفقر والتهميش، إلى ميدان الإنتاج، والاعتماد على النفس. أفق جديد حملته فلسفة المبادرة لتحسين ظروف عيش الفئات المستهدفة، وهو الأمر الذي أكدته العديد من الجمعيات، التي قدمت من مختلف جهات المغرب، للمشاركة في منتدى التنمية البشرية، المنعقد بأكادير، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وعرض تجاربها في هذا الميدان، أمام المشاركين الأجانب والمغاربة. في مدينة وزان، شمرت 300 امرأة عن سواعدهن، وقررن تكسير طوق البطالة، وانتظمن في إطار مجموعة ذات منفعة اقتصادية "نساء الريف" لإنتاج زيت الزيتون والمشتقات، تضم 10 تعاونيات. تقول حنان لشهب، رئيسة المجموعة، إن المشروع انطلق سنة 2001، بإمكانيات بسيطة، خاصة على مستوى التسويق، الذي كان محدودا، بيد أنه مع مجيء المبادرة، قررت المجموعة الاستفادة من الدعم، من أجل توسيع المشروع، وبالتالي تسويق المنتوج على مستوى وطني ودولي. وأضوحت حنان لشهب أن الاستفادة من دعم 200 ألف درهم، مكنت من اقتناء آلات للتعبئة، من أجل تطوير المشروع، وتوسيعه، وبالتالي توسيع مدخول 300 أسرة تعتمد في عيشها على ما تجنيه من العمل في هذا الميدان. وبحسب رئيسة المجموعة، فإن التسويق امتد ليشمل دولا أوروبية، خاصة فرنسا، ما وفر مدخولا مشجعا للمنتسبات إلى المجموعة، اللواتي يسعين، في الوقت الراهن، إلى الاستفادة من دعم آخر للمبادرة، من أجل توسيع قاعدة المستفيدات، بعدما أضحين ينتجن حاليا 70 طنا من زيت الزيتون البكر الممتازة البيولوجية الأولى من نوعها. وأكدت حنان لشهب، التي كانت تقف وسط زميلاتها، في معرض المنتدى، لعرض تجربتهن الرائدة، أنه كانت للمبادرة لمسة خاصة مغربية مائة في المائة في تغيير وتطوير نشاطهن، والخروج إلى التسويق الوطني، وكذا التصدير إلى الخارج. وفي مدينة سطات، اهتدت جمعية بصمات الشاوية للفنون التشكيلية إلى إنشاء مشروع للصباغة الفنية على الزجاج، يقي مجموعة من النساء كن يشتغلن في شركة للزجاج بالمدينة، من العطالة والتشرد، بعد تسريحهن. ويوضح هشام عاصم، رئيس قسم العمل الاجتماعي بإقليم سطات، أن هدف المشروع كان تجميع هؤلاء النساء، وأغلبهن في وضعية صعبة، وتلقينهن مبادئ الفن التطبيقي، لإنتاج الصباغة الفنية على الزجاج بجميع الأنواع، وبالتالي ضمان مدخول قار، خاصة أن هناك تسويقا جيدا لهذا المنتوج، عن طريق عقد شراكات مع شركات عاملة في هذا الميدان. المشروع عبارة عن مصنع صغير، يتوفر على جميع المقومات، استطاع أن يجمع 60 امرأة، يشتغلن بعرق جبينهن، ويقتسمن المداخيل في ما بينهن، بعدما كن على شفا حفرة من العطالة والتشرد، بعد سنين من العمل، ليجدن أنفسهن في الشارع، دون معيل. وفي مدينة كلميم، غيرت المبادرة واقع تعاونية المستقبل لصياغة الحلي، المحدثة سنة 1973، كيف ذلك؟، الجواب يقول محمد النويكض، رئيس التعاونية، أن الجمعية حصلت على دعم من المبادرة سنة 2006، وصلت قيمته إلى 80 ألف درهم، مكنتها من اقتناء أدوات العمل، وبالتالي، تسنى لها تطوير عملها والحفاظ على هذه الحرفة من الاندثار، رغم أن هناك مشكلا يظل قائما بشكل دائم، ويتعلق بالمواد الخام. وأكد النويكض، الذي كان يعرض مجموعة من الحلي الفضية، أن الحصول على دعم المبادرة مكنهم من تطوير عملهم، وبالتالي تنمية مواردهم من هذا النشاط، ورفع قيمة مدخولهم، من خلال المشاركة في عدد من المعارض الوطنية. ولم يفت محمد النويكض أن يعبر عن أمله في التقدم بطلب دعم جديد سنة 2011، في الشطر الثاني من المبادرة، من أجل الاستفادة من المواد الأولية، قصد تحسين وتطوير مشروعه بشكل أحسن، خاصة أن هناك العديد من الأشخاص، الذين يريدون الانضمام إلى التعاونية. وغير بعيد عن كلميم باب الصحراء، أسست 7 نساء بمدينة السمارة تعاونية الشيخ سيدي أحمد الركيبي للمسك والبخور والأعشاب الطبيعية سنة 2003، وكانت التعاونية تشتغل بوتيرة عادية جدا، بيد أنه، تقول فاعلة في التعاونية، مع الحصول على دعم من المبادرة، تطور أداء هذه التعاونية بشكل قياسي حسب وصفها، موضحة أنه جرى منحهم مقرا، وآلات متخصصة في التعبئة، وكل ما يلزم لإنتاج موادهم بشكل يتلائم مع متطلبات السوق. وتحدثت الفاعلة الجمعوية عن أن تغير وتيرة العمل رفع من معنويات النساء المنتسبات، خاصة أنه كانت هناك، أيضا، مواكبة في عملية التسويق، والمساعدة على المشاركة في عدة معارض على الصعيد الوطني. وأكدت الفاعلة أن نشاط الجمعية أصبح يدر مدخولا مشجعا، سواء على عضوات التعاونية، أو على النساء اللواتي يشتغلن معهن في إنتاج تلك المواد، مبرزة أن انعكاسات الاستفادة من دعم ومواكبة المبادرة لمشروعهن، جعلهن يفكرن في تطويره، من خلال إنشاء مصنع صغير، يوسع قاعدة النساء المستفيدات. وشهد معرض المنتدى مشاركة العديد من الجمعيات، من مختلف جهات المغرب، جاءت لعرض تجاربها، وحصيلة عملها، بعد الاستفادة من دعم ومواكبة وتأطير المبادرة.