أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن الإحصاء، أصبح في عالم مطبوع بشتى التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، أداة مرجعية في تنوير صناع القرار في تحديد واختيار برامج التنمية والمستهدفين منها من فئات اجتماعية ومناطق جغرافية. ت:محسن كرتوش ودعا صاحب الجلالة الحكومة إلى إعداد إطار قانوني يتعلق بالإحصاءات والبحوث والدراسات الإحصائية، مع ما يقتضيه من تدابير تشريعية وتنظيمية تهم المجلس الوطني للمعلومة الإحصائية، وإحداث وتحيين دليل المقاولات وفروعها ونظام تعريفها، من أجل استكمال المقومات القانونية والمؤسساتية للنظام المغربي للإحصاء. وطالب جلالة الملك، في رسالة سامية وجهها جلالته إلى المشاركين في الندوة العلمية حول موضوع "الإحصاء في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية: إحصائيات بمعايير دولية"، التي انطلقت أشغالها، أمس الأربعاء بالرباط، والتي تنظمها المندوبية السامية للتخطيط، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، بألا يشكل التنويه الذي يحظى به المغرب من لدن شركائه الدوليين، بخصوص التقدم الملحوظ في نظامه المؤسسي لإنتاج المعلومة الإحصائية، وتقدير جودة أطره من خريجي المدارس العليا في الداخل والخارج، مدعاة للارتياح الذاتي، وإنما يجب، أيضا، أن يشكل حافزا على المزيد من المثابرة والاجتهاد، لتعزيز هذه المكاسب، من خلال اعتماد الإحصاء منهجا ومرجعا في اتخاذ القرار". ودعت الرسالة الملكية إلى "احترام متطلبات المصداقية والانتظام، عند وضع المحاسبة الوطنية وصياغة المؤشرات السوسيو اقتصادية بكل موضوعية". ودعا جلالة الملك جميع الإدارات والمقاولات والمنظمات المهنية، وجمعيات المجتمع المدني في كل القطاعات، لتكثيف التنسيق والتعاون مع الهيئات الرسمية للإحصاء، "وجعله تعاونا مؤسسيا، ومد الإحصاء المؤسسي بجميع المعطيات المالية والاقتصادية والاجتماعية، التي تمتلكها مختلف المصادر العمومية والخاصة". وقال جلالة الملك في الرسالة، التي تلاها، أحمد الحليمي العلمي، المندوب السامي للمندوبية السامية للإحصاء، إن المغرب اندمج في مسلسل مطابقة حساباته الوطنية مع المعايير، التي يقتضيها النظام الوطني للإحصاء للأمم المتحدة، إذ سيقبل، في الخمس سنوات المقبلة، على إجراء الإحصاء العام السادس للسكان والسكنى، والإحصاء العام الثالث للفلاحة وإنجاز برنامجه الخماسي للبحوث الدورية لدى المقاولات والأسر، التي تستهدف تحيين المعطيات حول البنيات الاقتصادية والاجتماعية وظروف معيشة المواطنين"، مؤكدا جلالته أن "إنجاز هذا البرنامج في الآماد المطلوبة، وعلى أساس إطار للتمويل متعدد السنوات، لمن شأنه أن يساهم في تقدير أدق التطورات التي تعرفها بلادنا، وتوفير المؤشرات الموضوعية والمحينة الضرورية لتقييم أشواط التقدم، الذي نحن عازمون على توفيره لشعبنا الأبي في ميادين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية". وأجمع المشاركون في هذا الندوة العلمية، التي تنظم بمناسبة اليوم العالمي للإحصاء، على الدور المهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال الإحاطة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على مختلف الأصعدة الوطنية والجهوية والمحلية، واستشراف اتجاهاتها وآفاقها. وقال عبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب، إن تنامي وتعدد الأوراش الإصلاحية بالمغرب في مختلف الميادين الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، يتطلب مواكبة علمية، ورصدا منتظما للتحولات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على الصعيد الوطني، بهدف إعداد السياسات الوطنية في مختلف القطاعات، بناء على معطيات دقيقة، تمكن صناع القرار السياسي في مختلف المستويات من اختيار أفضل السبل لضمان التنمية الشاملة، وأنجع الوسائل لإنجازها. وأبرز الراضي أن الإحصائيات تشكل أداة أساسية لضمان نجاعة وفعالية ومردودية السياسات التنموية، من خلال عقلنة الأداء، وتحقيق الحكامة الجيدة. من جانبه، قال الحليمي إن المؤشرات الإحصائية تظل الأدوات الوحيدة، التي تنير سبل أخذ القرار على أسس موضوعية ولغة دقيقة وموحدة في مختلف المجالات الوطنية والمقاولاتية والأسروية، وتوفر مرجعيات متعارف عليها للبحوث والدراسات العلمية والمقارنات التقييمية لأداء السياسات العمومية في مختلف الميادين، وعلى جميع الأصعدة الوطنية والدولية. وقال محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، إن التحول، الذي يعرفه المغرب، يتطلب التوفر على منظومة إحصائية ذات مصداقية، واعتبر أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أفرزت خرائط مهمة، تبين مناطق ينتشر فيها الفقر، كما شكلت هندسة مجتمعية جديدة، وخلقت دينامية جديدة في العمل الجمعوي، وردمت الهوة بين مختلف شرائح المجتمع. من جانبه، قال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، في عرض قدمه حول "الإحصائيات الفلاحية أداة التدبير مخطط المغرب الأخضر"، إنه، منذ إعطاء الانطلاقة لهذا المخطط سنة 2008، انطلق تصور جديد للفلاحة المغربية، من خلال تبني استراتيجية جديدة، ينخرط فيها جميع الفاعلين، ما جعل الإحصائيات في قلب هذا المخطط، مضيفا أن حاجيات جدية ظهرت على المستوى العالمي، تزيد من صعوبتها الفلاحة والفقر والمجاعة والتقلبات المناخية واستعمال الأراضي والماء. وأبرز أنه، أمام هذه المعطيات، اتخذت وزارة الفلاحة إصلاحات في مكوناتها الإحصائية، تقوم على إعادة الاستعمال العملياتي لخدمة الإحصائيات، بتنسيق ودعم جهوي، ثم الدعم المؤسساتي وإنتاج وتنسيق الإحصائيات، من خلال خلق مديرية مكلفة بالإحصائيات الفلاحية الرسمية داخل الوزارة، فضلا عن اللجوء إلى التكنولوجيات الحديثة والاتصال، وجمع ومعالجة ونشر الإحصائيات، لوضع قاعدة صلبة للإحصائيات، عبر مجموعة من المشاريع، كبرنامج المجال، ومشروع بساتين، والنظام المعلوماتي حول الأسعار. وقدم محمد الجواهري، والي بنك المغرب، عرضا حول "الدور المركزي لنظام المعلومات الإحصائية في إنجاز المهام الأساسية لبنك المغرب"، ورد فيه أن بنك المغرب، وعيا منه بأهمية المعلومات الإحصائية في تنفيذ مهامه الرئيسية، بادر، منذ سنوات، إلى تطوير قدراته الإحصائية، وتوفير معلومات جديدة، مؤكدا أن البنك المركزي يحرص على إعداد مؤشرات عالية التوترات، وذات قيمة مضاعفة كبيرة. وأعلن أن البنك أحدث إطارا لتتبع وتوقع التضخم في المغرب، بما في ذلك مؤشر التضخم الأساسي، الذي يعد أداة مهمة بالنسبة للعموم، مبرزا أن المنظومة المعلوماتية، التي تنبني عليها قرارات مجلس البنك المتعلقة بالسياسة النقدية، أصبحت تشمل أكثر من 300 ألف سلسلة نقدية واقتصادية ومالية، تغطي، في الوقت نفسه، المعطيات، التي ينتجها البنك، ونظيراتها، التي تنتجها هيئات أخرى. وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رسالة سامية إلى المشاركين في الندوة العلمية حول موضوع "الإحصاء في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية: إحصائيات بمعايير دولية"، التي انطلقت أشغالها أمس الأربعاء بالرباط، والتي تنظمها المندوبية السامية للتخطيط تحت الرعاية السامية لجلالة الملك.