انطلق بمدينة العيون يوم الجمعة فاتح أكتوبر الجاري اللقاء التواصلي الثالث لقبيلة تجكانت.والذي اكتسى هذه المرة طابعا دوليا تم التحضير له منذ اللقاء الأول سنة 2008م، بهدف مد جسور التواصل والتعارف ومناقشة كل القضايا التي تهم مناطق تواجد أبناء قبيلة تجكانت. وتجدر الإشارة إلى أن هذه القبيلة الصحراوية ترتبط فعليا وتاريخيا بمجموعة من المواقع الجغرافية، في شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء، وفي سابقة من نوعها حجت لهذا اللقاء وفود عن قبيلة تجكانت من مختلف الدول المجاورة، خصوصا من تندوف بالجزائر، وموريتانيا، ومالي، وبوركينا فاصو، والسنغال، بالإضافة للمغرب الذي حظي بشرف استضافة هذا اللقاء الذي أسفر عن تشكيل رابطة دولية، وتشكيل مجلس برئاسة الطالب بويا أبا حازم مكون من 15 شخصا يمثلون جنسيات مختلفة، وذلك بإجماع فروع القبيلة ومشاربها وفق الأعراف الصحراوية الجاري بها العمل في هذا الشأن. وتم الاتفاق على عقد ندوة صحفية لتنوير الرأي العام والمهتمين بغاية هذه القافلة وأهدافها، كما تم الاتفاق على المملكة المغربية دولة للمقر. وقد انطلقت هذه القافلة تحت شعار "قافلة الخير لصلة الرحم والتواصل" من مدينة العيون نحو مراكش، وقد أعربت الوفود المشاركة في تصريحاتها بمدينة العيون على ضرورة تفعيل هذا التوجه الجامع لشعوب المنطقة كما صرح بذلك اتوكين أحمد ولد علي من وفد تندوف قائلا "نؤيد كل ما يدعم وحدة المغرب العربي، أقصد التاريخ والإسلام والعروبة والأواصر والتكامل. مشيرا إلى رمزية تخليد الذكرى 60 لشهداء المغرب العربي في تطوان شهر ديسمبر 2009" وذهب علي أحمد سالم عن وفد موريتانيا إلى اعتبار هذه المبادرة "نزوعا نحو مصلحة المغرب العربي الكبير معتبرا أن الحكم الذاتي بجهة الصحراء أساس لتحقيق طموحات شعوب المنطقة ووسيلة ضرورية لاستثمار كل تقارب ممكن" واعتبر المتحدث باسم الوفد المالي أن أفراد قبيلة تجكانت وإن باتوا من سكان هذا القطر الإفريقي فإنهم يعتبرون أنفسهم جالية مغربية هناك" في إشارة واضحة لروابط البيعة التي كانت تجمع بين هؤلاء السكان تاريخيا بسلاطين المملكة المغربية. واعتبر المنظمون أن هذا اللقاء يعتبر نواة لتواصل استراتيجي عميق، وفي هذا السياق أشار محمد فاضل ولد السالم الجكاني أن لم الشمل بين جميع الأقطار حيث تواجد قبيلة تجكانت يعد الوسيلة الأنجع للقيام بدور رائد في الاتجاه الصحيح. وفي صلة بالموضوع صرح الطالب بويا أبا حازم، إلى أن هذا اللقاء حمل أكثر من دلالة واضحة في عدة اتجاهات، أولها أن قضية الصحراء المغربية في زمن الانغلاق كانت عائقا في اتجاه لم شمل هذه القبيلة الصحراوية. مشيرا إلى أن هذه القبيلة تضررت كثيرا من قضية الصحراء، ولكن الفرصة الآن مواتية للعمل من خلال كل المواقع لاستعادة نقط التقارب بدل التركيز على نقط الخلاف" كما أشار باسم تجكانت المغرب في كل محطات القافلة " أن تجكانت بالمغرب يؤكدون على ضرورة الأخذ في الاعتبار جدية مقترح الحكم الذاتي ويدعمونه كأرضية صلبة لحل نزاع الصحراء" ومن جهته اعتبر الدكتور عبد الفتاح البلعمشي، أن مثل هذه اللقاءات قادرة على إعادة صياغة التاريخ بشكل يساهم فيه كل أبناء القبيلة، بعيدا عن المزايدات السياسية، فكم من الفرص تم تفويتها في إيصال صوت الحقيقة نتيجة لعدم التواصل. كما اعتبر استقبال المغرب لهذه الوفود في الأقاليم الجنوبية للمملكة، دون هواجس، يعتبر تحولا أساسيا في اتجاه الانفتاح. وتفهما لأعراف وطبيعة قبائل منطقة الصحراء، ونوعا من أنواع الدبلوماسية الموازية الذي يمكن أن تتعاطى معه القبائل الكبرى المنتشرة في أكثر من دولة. وتم تتويج هذا اللقاء التواصلي بمسار قافلة "الخير" التي أراد لها المنظمون أن تكون محورا يؤكد ارتباط قبيلة تجكانت بمناطق مختلفة من المملكة وزيارة أضرحة أعلام القبيلة البارزين من أمثال، الشيخ أباحازم محمد لمين بالسمارة، مؤسس محضرة أبا حازم لتعليم القرآن الكريم بطانطان، والقايد عبد الله السنهورى الجكني بمدينة طانطان، وهو آخر قياد قبيلة تجكانت بتندوف بعد خروج الاستعمار الفرنسى، والقايد محمد الصغير بلعمش الجكني، الذي نفته فرنسا من تندوف ودفن بقرية توزونين بإقليم طاطا التي يسميها تجكانت "تندوف الصغيرة"، ويعتبر هذا القايد حفيد مؤسس مدينة تندوف العلامة محمد المختار بلعمش. كما زارت القافلة ضريح الراحل الباشا محمد البيضاوي الشنقيطي الجكني بتارودانت والذي يعد من أبرز باشاوات مغرب أربعينيات القرن الماضي، ثم التحقت القافلة بمدينة مراكش حيث تمت زيارة عدد من المواقع المرتبطة بهذه القبيلة خصوصا دوار تجكانت ببوشان بمنطقة الرحامنة، ودوار أغواطين بمنطقة تحناوت. ويشار إلى أن الأيام التواصلية لقبيلة تجكانت بالمغرب والتي انطلقت في دورتها الأولى سنة 2008م ساهمت في لفت الانتباه الدولي لهذه الأيام خصوصا في موريتانيا التي تعرف تواجد مكثف لهذه القبيلة، ومدينة تندوف التي تعرف تنظيم موسم سنوي لقبيلة لتجكانت.