احتج أحمد لحليمي، المندوب السامي للتخطيط، بشدة، على مضمون تقرير أصدرته منظمة خاصة حول الفقر والتنمية البشرية في المغرب، إذ صنفت البلاد في المرتبة 56، ضمن البلدان النامية الفقيرة..اعتمادا على مؤشر جديد في هذا المجال، وبناء على معطيات "متجاوزة"، تعود إلى سنة 2004. وقال لحليمي، في لقاء مع الصحافة، أول أمس الأربعاء في الدارالبيضاء، إن المعطيات التي اعتمدتها منظمة "مبادرة أوكسفورد للفقر والتنمية البشرية (OPHI)، التابعة لجامعة أوكسفورد البريطانية لقياس الفقر، تفتقد الموضوعية، وتعتمد الذاتية، والاعتباط، إذ يتبنى مؤشر قياسها بحوثا حول الديموغرافية والصحة، المعدة في الأصل لتحليل الوضعية الصحية وليس لقياس الفقر، ما يجعله، حسب واضعي هذا المؤشر، مقيدا بمحدودية المعطيات وتعترضه، حسب خبراء البنك الدولي أنفسهم، نقائص تطبيقية وتحليلية". وأوضح لحليمي أن المندوبية السامية للتخطيط، انطلاقا من دورها كجهاز مستقل متخصص في جمع ونشر المعطيات الإحصائية في المغرب، بعثت برسالة في الموضوع إلى مديرة مبادرة أوكسفورد للتنمية البشرية والفقر، صبينة الكاير، تتضمن ملاحظات تتعلق بعدم دقة المعطيات المنشورة. كما راسلت المسؤولين في برنامج الأممالمتحدة للتنمية (PNUD)، ومكتب البرنامج في الرباط، مطالبة إياه بنشر التقرير، الذي سبق أن أعدته بخصوص تطور مستوى المعيشة في المغرب، خلال العشرية الأخيرة. ووضعت "مبادرة أوكسفورد للفقر والتنمية البشرية" مؤشرها، الذي يقيس الفقر، باعتماده على معطيات تقول إنها "جديدة ومتعددة الأبعاد" (PMI)، نشرها برنامج الأممالمتحدة للتنمية، أخيرا، تحت عنوان: "الفقر الحاد المتعدد الأبعاد: مؤشر جديد للبلدان النامية". وحظي هذا المؤشر بتمويل من جهات عدة، أهمها "مركز البحث حول التنمية الدولية"، التابع للحكومة الكندية، و"الوكالة الكندية للتنمية الدولية"، و"الوكالة الأسترالية للتنمية الدولية"، و"إدارة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة"، إضافة إلى الولاياتالمتحدة، وبرنامج الأممالمتحدة نفسه. وأعدت هذه الدراسة من طرف صابينا أليكس، وماريا إيما سانطوس، عن مركز البحث المذكور، اعتمادا على مقاربة وضعت من قبل جيمز فوستر وصابينا أليكس، سنة 2007. ويعتمد هذا المؤشر في قياسه للتنمية البشرية، على بحوث ترتبط بالديموغرافية والصحة، وهي بحوث أعدت في الأصل لتحليل الوضعية الصحية في البلدان، وليس لقياس الفقر، إذ أنها لا تبالي بالمؤشرات الأكثر اعتمادا في القياس، وهي الدخل الفردي، والتشغيل، والضمان الاجتماعي. وقال لحليمي إن ما يثير الانتباه، بخصوص مؤشر منظمة أوكسفورد، أنه أثار اهتمام الرأي العام المغربي، بما فيه "الباطرونا"، إذ طالب المجتمع، عبر قنوات عدة، بتوضيحات في الموضوع، وعلاقة التقرير المنشور بجهود المغرب، في إطار مبادرة التنمية البشرية. ولاحظ لحليمي أن أبعاد التقرير لا تغطي كل الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، وضمنها التي تساهم في تقوية قدرات الأفراد على حماية أنفسهم، إذ تقتصر على مؤشرات تتعلق بالصحة، خصوصا وفيات الأطفال، وتغذيتهم، والتعليم الأساسي، والولوج إلى الماء الشروب، والكهرباء، وبعض التجهيزات المستدامة، مثل الثلاجة، والمطبخ، والحمام، أو الدراجة النارية. وتتراوح الفترات المرجعية للمعطيات المنشورة بين سنتي 2000 و2008، ما يجعل ترتيب الدول، حسب مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد، غير مبني على أسس متينة، إذ يقارن الترتيب المعتمد بين المغرب سنة 2004 مع مصر سنة 2008، والأردن سنة 2007.، على سبيل المثال، كما تجاهل كل ما بذله المغرب بين 2004 و2008 في مجال التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، وكذا في مجال إنتاج المعلومات الإحصائية الحديثة. ومن ملاحظات لحليمي بشأن مؤشر منظمة أوكسفورد، أنه حدد عتبة الفقر بشكل اعتباطي في نسبة 30 في المائة، بمعدل ثلث النقاط للصحة، والثلث للتمدرس، والثلث للتجهيزات، وكلما حققت الأسر هذه المؤشرات خرجت من دائرة الفقر، وعلى العكس، كلما فقدتها، أدرجت ضمن الشريحة الفقيرة، أو الفئة الهشة في المجتمع. وأدلى لحليمي بأمثلة للدلالة على عدم سلامة منهجية منظمة أوكسفورد بخصوص قياس الفقر، بأن 23 دولة، من أصل 55، التي تتقدم المغرب في الترتيب، بلغ معدل الفقر فيها مستويات أعلى، مثل مصر، حيث يصل معدل الفقر إلى 18 في المائة، بينما لا يتجاوز في المغرب 8.9 في المائة، حسب تقديرات 2007. وحسب مقاربة الفقر، المعتمدة من طرف المندوبية السامية للتخطيط، انتقل المؤشر من 28.5 في المائة سنة 2004، إلى 11.1 في المائة سنة 2007. وبقياس الفقر، وفق المقاربة النقدية، واستنادا إلى العتبة الوطنية (2.15 دولار للفرد يوميا)، يلاحظ أن الفقر تراجع من 15.3 في المائة سنة 2001، إلى 8.9 سنة 2007، وتحيل هذه الاتجاهات على أن استخدام المعطيات الحديثة، مثل التي تعود إلى سنة 2007، يمكن من وضع المغرب في المرتبة 41، على الأقل، ضمن البلدان الفقيرة، وليس المرتبة 56، التي اعتمدتها منظمة أوكسفورد.