"ياربي يجي سيدنا ديما يزورنا. الشجر دغيا نبت، منين جابوا هاذ الشجر؟ دربنا ولا ضاوي". عبارات رددتها نساء وشباب من قاطني حي مولاي رشيد بالدارالبيضاء، ينتظرون الزيارة الملكية لحيهم. ولم يكن كلام هؤلاء النساء والشباب اعتباطيا، بل مرده إلى أنهم ألفوا العيش في العتمة، ودون استنشاق هواء نقي، أو رؤية أشجار زرعت في زمن قياسي. سكان مولاي رشيد أضحوا ينتظرون الزيارة الملكية بفارغ الصبر، حتى يشعروا أنهم آدميون، من حقهم العيش في مكان نظيف ومضيء، على غرار سكان الأحياء الراقية. فجأة، تغير شارعا إدريس الحارثي ومحمد زيان، إذ بلطت الممرات والأرصفة والأعمدة بألوان زاهية، ووضعت مصابيح على جميع الأعمدة الكهربائية وبالقرب من المنازل، وكنست الأزقة والمداخل، وبللت التربة بالماء للحد من انجرافها. بدت حركة غريبة على مدى أسبوع في شوارع حي مولاي رشيد، إذ تجند لمهمة التبليط والتنظيف والكنس عدد لا يستهان به من عمال الإنعاش الوطني التابعين لمقاطعة مولاي رشيد، الذين، رغم ارتفاع درجة الحرارة، شمروا عن سواعدهم وغرسوا الأشجار، ونظفوا المكان. كانت لفحات الشمس تلسع جباه هؤلاء العمال والعرق يتصبب من جبين بعضهم، وهم يغطون الحفر ويبلطون الممرات، لكنها لقمة العيش، أو على حد تعبيرهم "طرف الخبز صعيب"، ما جعلهم يبذلون جهدا مضاعفا من أجل إتمام عمليات التبليط والغرس وإخفاء الحفر في زمن قياسي. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل طلب بعض المسؤولين بمقاطعة مولاي رشيد من السكان طلاء واجهات منازلهم باللون الأبيض، حتى يضفي جمالا على المكان خلال الزيارة الملكية. لكن تلك الرتوشات، التي غيرت قليلا مظهر أحياء مولاي رشيد، لم تخف مأساة ومعاناة سكان أحياء المسيرة 1 و 2، والمجموعات 1 و3 و4... حيث الفقر والتهميش. سكان حي مولاي رشيد في المجموعات المذكورة، لديهم شعور بأنهم يعيشون في عزلة، رغم قربهم من الطريق السيار ومركز المدينة، كما يشعرون ب"الحكرة"، وبأنهم مرفوضون في أغلب الأحيان، عند ركوب سيارات الأجرة، خاصة في المساء، على اعتبار أن بعض شباب تلك الأحياء من ذوي السوابق العدلية. ويبقى أن تلك الأحياء يقطنها، أيضا، محامون ومهندسون وأطباء وموظفون وتجار، هدفهم التفاتة من المسؤولين إلى هذه المنطقة من الدارالبيضاء، حتى تواكب الركب الحضاري للعاصمة الاقتصادية، وللبلاد عامة.